الأزمة الاقتصادية تنعكس على السوريين وخط الفقر لم يعد له حدود

الأزمة الاقتصادية تنعكس على السوريين وخط الفقر لم يعد له حدود

تراجعت قيمة الليرة السورية، من جديد، وبدأت العملات الأجنبية بالارتفاع مؤخراً، ووصل سعر صرف الدولار إلى 650 ليرة سورية، الأمر الذي أثّر سلباً على الأسواق والواقع المعيشي في عموم البلاد، وزاد من معاناة السوريين الاقتصادية بشكل كبير.

وعلى الرغم من الفوضى الكبيرة في الأسواق، والانهيار السريع للعملة السورية، فإنّ الحكومة السورية لم تتخذ إجراءات فعلية لإيقاف الانهيار، كما لم تلتزم بإعانة السكان في مناطقها بإجراءات الطوارئ والحلول الإسعافية لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة عليهم، حتى أصبح خط الفقر من دون حدود له نظراً لارتفاع نسبة من هم تحت #خط_الفقر.

أسواق مشتعلة ومداخيل محدودة
تشهد الأسواق حالياً حالة من الفوضى العارمة، حيث يخشى #التجار من استمرار الانهيار للعملة السورية، ويستغل آخرون التخبّط في أسعار الصرف، ويرفعون أسعار البضائع مع زيادة مقدّرة بعشر ليرات على سعر الصرف الطبيعي في السوق السوداء، وفي مقابل ذلك لا يلتزمون بخفض الأسعار في حال تحسن الليرة، معللين ذلك بعبارة «السوق ضايج واشترينا بالغلا».

وكون معظم السوريين من #أصحاب_الدخل_المحدود، فإنّهم يجدون أنفسهم بمواجهة خيارين «أحلاهما مُر»، حسب وصف مرام محمد (من سكان الغوطة الغربية)، التي اعتبرت أنّ التجار يتلاعبون بالسوريين، والحكومة تتفرج، على الرغم من معرفتها بكل ما يحصل، ناهيك عن استفادة معظم موظفيها من التجار، مستغلين انعدام الرقابة وانتشار الفساد بشكل كبير في مؤسسات الدولة.

وأضافت «محمد» في حديثها لموقع «الحل نت» أن «لم نعد نذهب للتسوق إلّا لشراء الحاجات الضرورية، كما حصل في موسم المدارس، وتفاجئنا بعد ساعات من البحث بأنّ معظم المتاجر تعمل باتفاق فيما بينها، فلا تخفيضات للأسعار، ولا تعامل لائق بشعب يعاني على الأصعدة كافة، وأفضل بائع يطردنا بالقول: «يا عمو اذا ما عجبكن السعر شوفو جاري» كونه على دراية بأنّ الأسعار لن تكون أرخص من المتفق عليها.

«فوق الموت عصة قبر»
لا تتوقف معاناة السكان عند ارتفاع الأسعار وتحكّم التجار، والحاجة لارتياد الأسواق قسراً، بل يواجهون أزمات عديدة في تأمين المواد الأساسية، من الوقود، والغاز، إذ تعتبر هذه المواد شبه مفقودة بالنسبة لشريحة كبيرة من الأهالي من أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، ويضطرون لشرائها بأسعار مضاعفة، مع «منيّة» من يمنّون عليهم.

وبدلاً من أن يكون المسؤولين في #حكومة_دمشق متعاونين مع الأهالي في تأمين احتياجاتهم، زادوا من الضغط عليهم، من خلال الفوضى الكبيرة في توزيع المخصصات، ناهيك عن المحسوبيات والوساطات، حيث يعمل كل موظف مسؤول عن توزيع المواد الأساسية على تأمين محيطه وأقربائه، بغض النظر عن حق المئات المُسجلين بطوابير الدور.

وبالإضافة لكون المسؤولين يستفيدون على حساب المواطنين، فإنّهم يعاملونهم بشكل سيء، من خلال الصراخ عليهم، والإساءة لهم بالكلام، وشهدت بلدية #كناكر في #ريف_دمشق قبل أيام مشادات كلامية عديدة، بين الأهالي والمسؤولين الذين يتعاملون معهم وكأنّهم «عبيد»، حسب وصف شهود.

تجار المعاناة بتسهيل من الحكومة ذاتها
أنتجت الأزمات التي تواجه السوريين مجموعة كبيرة من التجّار المستفيدين، والذين يستغلون علاقاتهم مع أصحاب الرخص الرسمية، ودفعهم مبالغ كبيرة لهم لتأمين كميات كبيرة من المواد المفقودة في المنطقة، ليبيعوها بأسعار أعلى، إذ يصل سعر جرة الغاز لـ6000 ليرة، بينما الليتر الواحد من المازوت 450 ليرة، وليتر البنزين 600 ليرة، وذلك بعلم وتسهيلات من مسؤولي الحكومة، الذي يتقاضى عناصره وضباطه مبالغ مالية شهرية من هؤلاء التجار مقابل السماح لهم بنقل كميات كبيرة من المواد الأساسية.

ولعلّ أبرز شريحة من هؤلاء التجار هم المحسوبين على الحكومة وعناصر المتنفذين أنفسهم، حيث يتشارك كل تاجر أو عنصر مع ضابط في السلك الأمني للحصول على مزايا أمنية أكبر، وتسهيلات تجارية أكثر، والاستفادة من الحصانة الممنوحة لهم في استغلال حاجة الأهالي لتحقيق المكاسب المالية الهائلة.

بطاقات ذكية واستخدامات «غبية»
بعد تطبيق نظام البطاقات الذكية في معظم مناطق #دمشق وريفها، لم يجد الأهالي حلولاً جذرية لمشاكلهم مع المواد الأساسية، إذ تكثر المبررات والحجج مع فقدانها وارتفاع أسعارها، فعدم وجود الغاز السائل في مراكز التعبئة، والحرب الاقتصادية التي تواجهها البلاد، وارتفاع سعر الدولار (على الرغم من عدم ارتباطه بالمواد الأساسية) هي أبرز ما يتم التبرير به للخروج من مواجهة الأهالي الغاضبين من هذا الواقع السيئ.

ويلتف أصحاب الرخص ومسؤولي التوزيع على نظام البطاقات الذكية عبر تبادل إلقاء المسؤولية بين بعضهم البعض، حيث يتهم أصحاب الرخص المسؤولين بالفساد وتفضيل المقربين منهم لتجاوز طوابير الانتظار، ويلقي المسؤولين بالاتهام على أصحاب الرخص ببيع المواد بأسعار أعلى دون الالتزام بالتوزيع العادل، ما أدى لتعطيل دور #البطاقة_الذكية والالتفاف عليها لتستمر الأزمة بجهود حكومية.

ومع هذه المعطيات وجد السوريون «المنتوفون» أنفسهم في دوامة الالتزامات، من احتياجات المؤونة، إلى طلبات المدارس الإلزامية، وصولاً إلى حمل أعباء الحرب الاقتصادية على أكتافهم، وتعويض ارتفاع الدولار الكبير من جيوبهم وأتعابهم، ناهيك عن عجزهم عن تأمين المواد الأساسية في ظل الفساد المنتشر، ويبقى السؤال المطروح إلى أين ستصل معاناتهم؟ وما مدة صمودهم في مواجهتها؟

إعداد التقرير: سليمان مطر
الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.