منذ عام 2011 ومع اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية في #سوريا، فضّلت الولايات المتحدة الأمريكية التزام سياسية “العقوبات #الاقتصادية” على السلطات السورية كوسيلة ضغط عليها.

وفرضت أكثر من 20 حزمة من الإجراءات العقابية في المجالات #المالية والمصرفية والطاقة والنفط والاتصالات وغيرها، في حين اتخذ الاتحاد الأوروبي بدوره إجراءات مماثلة، وفرض حزمة من العقوبات على كيانات، ورجال أعمال داعمين للحكومة السورية.

ومما لا شك فيه، أن الإجراءات العقابية، التي اتخذتها واشنطن بحق السلطات السورية وحلفائها أضعفت السلطات بشكل أو بآخر، إلا أنها لم تسقطه، أو على الأقل لم تمنعه من وقف العمليات العسكرية ضد معارضيه طوال السنوات الثمانية الماضية.

إلا أن الولايات المتحدة، ومنذ بداية العام الجاري اتخذت إجراءات أشدَّ قساوة، بعد إعلان المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا (جيمس جيفري) أن “الولايات المتحدة تبني استراتيجية عزلة مع حلفائها تشمل عقوبات مشددة، إذا عرقل #بشار _لأسد العملية السياسية الرامية لإنهاء الحرب المستمرة منذ سنوات”.

وأضاف جيفري “إذا تقاعس نظام الأسد عن التعاون بخصوص إعادة كتابة الدستور تمهيدًا لإجراء انتخابات، بوسعنا عندئذ ملاحقته بنفس الطريقة التي لاحقنا بها إيران قبل 2015، بعقوبات دولية مشددة”، فما هي استراتيجية العزلة التي تتبعها الولايات المتحدة تجاه سوريا؟ وهل ستسهم فعلياً في خنق النظام الحاكم وإجباره على القبول بالحل السياسي؟

قانون “سيزر” وعقوبات تمتد لـ 10 سنوات

منذ مطلع العام الحالي (2019)، ومع عدم تقديم السلطات السورية أي تنازلات، فيما يخص صيغة الحل السياسي، كان على الدول الفاعلة وعلى رأسها أمريكا، فرض أساليب ضغط من شأنها كسر الحالة التي يفرضها، تمثلت بتشديد العقوبات الاقتصادية ومحاصرة دمشق بشكل كامل.

وأقر مجلس النواب الأمريكي بالإجماع قانون حماية المدنيين أو ما يعرف بقانون “سيزر”، الذي ينص على عقوبات على الحكومة السورية وداعميها “روسيا وإيران” لمدة 10 سنوات.

بموجب قانون “سيزر” تم فرض عقوبات جديدة على الأشخاص والجهات التي تتعامل معها الحكومة السورية، أو التي توفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن، والمصرف المركزي السوري، وقطاع الطاقة والطيران والاتصالات وغيرها من القطاعات الحيوية، التي تدعم النظام وتساهم في تقويته.

عقوبات وأزمات متتالية وانهيار الليرة

في شهر آذار الماضي، اتجهت أمريكا لتطبيق عقوباتها على السلطات السورية، وكانت البداية بقطاع النفط، إذ أصدر مكتب الشؤون العامة لوزارة الخزانة الأمريكية بياناً حذر فيه “مجتمع شحن البترول البحري من نقل شحنات النفط إلى الحكومة السورية، ونشرت قوائم بأسماء السفن التي عملت على ذلك منذ العام 2016”.

وبدأت بعدها آثار العقوبات تظهر على الشارع السوري، حيث شهدت مناطق سيطرة الحكومة السورية، أزمة محروقات خانقة، بسبب منع ناقلات النفط من المرور باتجاه سوريا.

وقال أستاذ في الاقتصاد بجامعة دمشق فضل اختصار اسمه بـ (ز.ع)، لموقع (الحل نت) إنها “أتت ضمن سلسلة العقوبات المفروضة بعد صدور قانون سيزر، وكان اللافت فيها أنها استهدفت الكيانات التي تساعد النظام ليس من الداخل السوري، بل عن طريق الشركات التي تعمل في دول الجوار والتي كان النظام يتحايل من خلالها ويستورد النفط”.

وأضاف أستاذ الاقتصاد أنه “لم تكن أزمة النفط هي الوحيدة التي عصفت بالنظام منذ تطبيق قانون سيزر، إذ أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في بداية شهر حزيران الماضي عن فرض عقوبات على 16 فرداً وكياناً على علاقة بسوريا، في كل من اللاذقية ودمشق وحمص وبيروت وصولاً إلى دبي”.

وأردف أنه “وما إن فرضت حزمة العقوبات، حتى بدأت #الليرة_السورية بالانهيار أمام الدولار الأمريكي، واقترب سعر الصرف لحاجز الـ 700 ليرة عن كل دولار، في ظل عجز النظام عن سد العجز في تلك الفترة”.

وفي أيلول الماضي، أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط (جويل رايبورن) أن “واشنطن تعمل على تجفيف موارد الحكومة السوية وحلفائها من خلال الضغط عليها بالعقوبات الاقتصادية كي تنهار الليرة السورية أمام الدولار أكثر”.

وأشار إلى أن “الانهيار الذي تشهده الليرة السورية دليلٌ على جدوى تلك الإجراءات، وعلى الوضع السيء للقيادة السورية وداعميها”، حسب تعبيره.

ما جدوى العقوبات في إسقاط النظام الحاكم في سوريا؟

يجمع خبراء الاقتصاد أنه منذ تطبيق قانون “سيزر” في بداية العام 2019، شهدت مناطق السلطات السورية، هزات متتالية أثرت على الوضع الاقتصادي بشكل عام، وبدأت تظهر بوادر انهيار الاقتصاد السوري بشكل جزئي.

إلا أن السؤال المطروح: ما أثر تلك العقوبات على النظام في سوريا؟ وهل فعلاً ستخنق السلطات السورية وتجبرها على القبول بصيغة حل سياسي ومن ثم تسوية شاملة؟

يجيب على هذا السؤال أستاذ الاقتصاد (ز.ع) قائلاً إن “أثر العقوبات ومع شدتها وصرامتها إلا أنه لن يؤدي لانهيار النظام اقتصادياً، لأن التأثير الأكبر كان في عامي 2011 و2012 والذي أدى لمصادرة والتحفظ على جميع الأموال السورية الموجودة في المصارف الأوروبية والأمريكية، وكذلك القطاعات المصرفية والتحويلات المالية وغيرها”.

“مع مرور السنوات تمرس النظام على هذه العقوبات وتعايش معها، وبالتالي استطاع إيجاد مخارج للالتفاف عليها، وهو ما شاهدناه من خلال تخطي أزمة المحروقات والتحايل عليها واستطاع النظام إيجاد البدائل لتأمينها”، بحسب أستاذ الاقتصاد.

طرحنا نفس السؤال على الباحث الاقتصادي (فراس شعبو)، وأشار إلى أن “آثار تلك العقوبات محدود على لبعض الشركات والشخصيات المعاقبة، لأنها تعتبر واجهات لقوى اقتصادية أخرى”.

وأضاف أنه “بمجرد فرض الولايات المتحدة عقوبات على شركات وأفراد بعينهم، يتم إنشاء شركات وإظهار شخصيات موازية باعتبارهم (واجهات اقتصادية) للقيام بالأعمال نيابة عن النظام تجنباً للعقوبات”.

ولفت شعبو إلى أن “قانون سيزر لا يمكن لوحده أن يسقط النظام، فالعقوبات الاقتصادية شرط لازم وليس كاف لتغيير النظام وإجباره على القبول بصيغة الحل السياسي”.

إعداد: أسامة مكية – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.