انتشرت مؤخراً حالات ابتزاز أبطالها أشخاص، وصفتهم وزارة #الداخلية بأنهم “ينتحلون صفة أمنية”، ويبث أولئك الرعب لدى #المواطنين المستهدفين، عبر تهديدهم بالاعتقال إذا لم يدفعوا لهم مبالغ مالية.

وقال أحد عناصر الشرطة لموقع (الحل نت) إن “الطريقة الجديدة جاءت إثر عدم فعالية أسلوب الخطف في بعض المحافظات مثل دمشق، وبعد انتهاء ظاهرة #التعفيش بعد عودة الأهالي إلى ريف دمشق والمناطق التي كانت خارج سيطرة النظام”.

كما أن الطريقة الجديدة في الابتزاز، انتشرت بعد إزالة الكثير من الحواجز التي كانت تتيح لبعض العناصر فرض #الإتاوات وتحقيق عائد مالي، بحسب عنصر الشرطة.

وزارة الداخلية تعترف وشركتا الاتصالات تحجب أسماء المتصلين

أكدت وزارة الداخلية، في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، ازدياد حالات الابتزاز، وقالت في بيان على (فيسبوك) إنها تلقت عدة شكاوى تفيد بقيام بعض الأشخاص بالاتصال مع مواطنين منتحلين صفات #أمنية بدمشق والطلب منهم مراجعة الأفرع.

وأشارت الوزارة إلى أن منتحلي الصفات الأمنية ابتزوا مواطنين بمبالغ مالية كبيرة من خلال تحويل رصيد (وحدات) لهم إلى عدة أرقام جوالات يقومون باستخدامها والاتصال منها.

وطلبت الوزارة عدم التجاوب مع هذه الاتصالات ومراجعة الوحدات الشرطية مباشرة والإبلاغ عن تلك الأرقام لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وزارة الداخلية لم تشرح أسلوب الابتزاز بشكل واضح، وعند رصد موقع (الحل نت) للظاهرة، استطعنا الوصول إلى عدد من الضحايا، منهم من رضخوا للابتزاز، ومنهم من اكتشف وجود تلاعب ما.

وقال (أحمد. ع) وهو تاجر في الحريقة، لموقع (الحل نت) إن اتصالاً ورده من رقم سوري، يطلب منه مراجعة فرع الأمن العسكري، وقد عرف المتصل بنفسه صراحةً ليتبين لاحقاً أن الاسم مستعار.

وتابع “عرَّف الشخص عن نفسه بأنه مقدم في الأمن العسكري بمدينة جرمانا، وطلب مني أن أحضر فوراً بعد الاتصال بدقائق وإلا ستتوجه دورية إلى محلي وتأخذني منه، وهنا بدأت النقاش معه، ليقاطعني ويقول: ما عم تفهم.. خلال نص ساعة بدك تكون هون!.

“عشت نصف ساعة من حياتي لم أعشها من قبل، وبدأت أتخيل السجن والعذاب الذي سأتعرض إليه، لكن بعد أقل من نصف ساعة بدقائق عاود الشخص الاتصال ليسأل أين وصلت، فأجبته أنني لم أتحرك من مكاني بعد وأنه لم يخبرني على العنوان الدقيق ولا أي تفاصيل، حينها بدأ يغير من نبرة حديثه: باينتك ابن حلال، أخي فيني ساعدك بس بتكلف شوي، وبصراحة شكله في تشابه أسماء مع إرهابي، امهلني شوي وبرجع بحكيك”، بحسب أحمد.

وأضاف أحمد “كان يتصل كل مرة من رقم مختلف، وفي المرة الأخيرة طلب تسليمه 100 ألف ليرة سورية لإخراجي من هذه الورطة، واتفقنا على مكان على طريق المطار”.

وتابع “بعدها بدأت اتصالاتي مع بعض المعارف، حتى وصلنا إلى بعض المتنفذين بالأمن العسكري، الذين أكدوا عدم وجود هذه الرتبة وهذا الإسم في جرمانا، وأني لست مطلوباً ولا يوجد شيء من هذا القبيل”.

توجه أحمد إلى مخفر الشرطة لتسجيل الواقعة، ولم يستطع معرفة صاحب الأرقام التي تم الاتصال منها، وذلك لأن شركتي سيرياتل وMTN تمنعان الحصول على أي معلومات لأصحاب الخطوط، عدا عن أن الهواتف كانت تفتح فقط للاتصال ثم تغلق.

وقال “عندما اتصل الشخص مرة أخرى اليوم التالي كوني لم أحضر على الموعد، بدأت بالصراخ في وجهه وتهديده، ثم أغلق الخط في وجهي، وبقيت خطوطه مغلقة حتى اليوم”، بحسب أحمد.

وحدات للجوال ومبالغ بين 100 ألف ونصف مليون

وقال (زامل.و) 30 عاماً، متزوج حديثاً ويعمل كمهندس مدني، من سكان الميدان بدمشق، إن رقماً سورياً تواصل معه منذ فترة عبر الواتساب، على أنه ضابط في الأمن الجنائي يدعى الرائد أبو علي، وحدد له موعداً للاستجواب في الفرع.

وأضاف في حديث لموقع (الحل نت) كنت قد سمعت بالحوادث السابقة المشابهة، وأنا أعلم أنني لم أرتكب أي جرم، وكان أحد الحواجز أوقفني صباحاً وطلب هويتي دون أن يبلغني بشيء، لذلك بدأت النقاش مع الجاني الذي انهار غضباً وبدأ يهدد ويتوعد طالباً رصيداً لجواله، إلا أنني رفضت وتوجهت إلى الحاجز في المنطقة، وبعد تسليمهم الرقم وإعلامهم بالقضية، توقفت التهديدات!

الأسلوب الأكثر انتشاراً بحسب ما قاله مصدر في الشرطة لـ (الحل نت)، هو انتحال صفة ضابط بأحد الفروع الأمنية والاتصال بأشخاص بعد دراسة حالتهم المادية واسمائهم وبعض المعلومات الشخصية، وإيهامهم بأنه هناك تشابه أسماء مع أحد الإرهابيين، ثم استغلال خوفهم ومحاولة عرض صفقة معهم، إما بتحويل رصيد بشكل متكرر ودائم وبمعدل لا يقل عن 2000 وحدة يومياً، أو طلب مبلغ مالي ما بين 100 ألف ليرة ونصف مليون ليرة.

وتابع المصدر “الأسلوب الذي عمل به هؤلاء يدل على أنهم فعلاً من السلك الأمني، كونهم يحصلون على معلومات الشخص المفصلة كأي جهة أمنية، ويدرسون حالتهم الاجتماعية وغيرها من أمور، عدا عن أن حصولهم على أرقام هاتفية متبدلة ولا تظهر بياناتها على برامج كشف أسماء المتصلين، يدل أكثر على ارتباطاتهم الأمنية، ودراستهم لكل هذه التفاصيل”.

الابتزاز طريقة يحترفها كثير من ضباط الأمن والجيش

وخلال سنوات #الحرب، امتلأت سجون السلطات السورية بآلاف المعتقلين الذين تم اعتقالهم من على الحواجز أو في الطرقات، دون إعلام ذويهم بمكانهم.

وهذا الأسلوب كان باباً للرزق لبعض ضباط الأمن، الذين نشروا سماسرتهم لمفاوضة أهالي المعتقلين، على مبالغ مالية لقاء معرفة إن كان الشخص المعني حياً أو ميتاً ووصلت المبالغ المطلوبة لقاء هذه الخدمة إلى نحو نصف مليون، والمليون ليرة عام 2014 – 2016 وهي ذروة العمل بها، بحسب عدة ضحايا.

الكثير من الضحايا دفعوا أموالاً وقيل لهم أن ابنهم حي، وتم منحهم علامات مؤكدة عنه، إلا أن الافصاح عن مكانه له مفاوضات أخرى وهنا يرتفع المبلغ، ومن ثم المفاوضات الأخيرة والتي تكون حول الافراج عنه ليصل مجموع المبالغ إلى 12 مليون ليرة تقريباً للمراحل مجتمعة في 2016، وفقاً لأحد الأشخاص المفرج عنه من فرع المخابرات الجوية.

يذكر أنه قبل 2011، كان بعض الضباط في الأفرع الأمنية والجيش، يبتزون عناصرهم مقابل الحصول على رواتب شهرية منهم، مستغلين عامل الخوف لديهم، أو بعد استخدام أساليب قسوة تجبر العنصر أو ذويه على دفع الرشاوى، إما ليغير الضابط معاملته مع ابنهم، أو لنقله من مكان إلى آخر.

إعداد: فتحي أبو سهيل – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.