فضيحة مزاد العملة في العراق: هل ينجو محافظ البنك المركزي العراقي من المحاسبة بحماية التيار الصدري والأحزاب الكُردية؟

فضيحة مزاد العملة في العراق: هل ينجو محافظ البنك المركزي العراقي من المحاسبة بحماية التيار الصدري والأحزاب الكُردية؟

فشل #البرلمان_العراقي بعقد جلسة استجواب لـ”مصطفى غالب”، محافظ البنك المركزي العراقي، يوم الأربعاء، السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي، مع وجود تأكيدات نيابية، برغبة أغلبية برلمانية واضحة لعقد الجلسة الأسبوع الحالي، في الوقت الذي يخشى فيه نواب من تنصّل كُتل كبيرة من الحضور مجدداً، وعلى رأسها كتلة “سائرون”، المدعومة من مقتدى #الصدر، زعيم #التيار_الصدري.

وتؤكد قوى سياسية أن التيار الصدري هو من رشّح “غالب” لمنصبه، فيما تنفي كتلة “سائرون” دورها في ترشيحه، وفي الوقت نفسه تمتنع عن حضور جلسة استجوابه، الأمر الذي استدعى ردة فعل سياسية قوية، اتهمت الكتلة صراحةً بالسعي لمنع الاستجواب، الذي يقوده النائب “فالح الساري”، من كتلة “الحكمة” النيابية.

وكان “ماجد شنكالي”، عضو #الحزب_الديمقراطي_الكردستاني، قد نشر تغريدة على موقع “تويتر”، ورد فيها: «تأكد وثبت للجميع، وفي مقدمتهم الكتلة، التي تدعي عدم امتلاكها لأي منصب تنفيذي، أن محافظ البنك المركزي تابعٌ لها، وهي من عملت على عدم اكتمال النصاب تحت قبة البرلمان، لمنع استجوابه»، في إشارة لكتلة “سائرون”.

هذه الاتهامات دفعت “آزاد حميد”، النائب عن كتلة “سائرون”، إلى الرد عبر مقابلة متلفزة، قال فيها: «حضرت كتلة “سائرون” إلى الجلسة بثمانية وثلاثين نائباً، من أصل أربعة وخمسين مقعداً لديها في البرلمان. ومن أخلّ بالنصاب هي الكتل الأخرى».

إلا أن النائب “عالية نصيف” ردت على “حميد”، في مقابلة تلفزيونية أخرى، قائلةً: «إن تحميل الكتل الأخرى المسؤولية، يعود لرغبةٍ بتمييع الاستجواب، ومنح الكتل المستفيدة فرصة للمساومة والمناورة، وعقد صفقات لمنع الاستجواب».

 

 سندات وهمية لمصارف المتنفذين

 وتعود قصة الاستجواب، الذي تمت عرقلته، إلى استضافة محافظ البنك المركزي، في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في #مجلس_النواب_العراقي، حيث عجز، بحسب النائب “فالح الساري”، عن الإجابة عن الأسئلة، التي تم توجيهها له، عن مسائل مثل معيار التصنيف، الذي بموجبه يتم إدراج بعض البنوك في مزاد بيع العملة الأجنبية. ما دفع النائب لطلب الانتقال لمرحلة الاستجواب، الذي حُدد، بعد طول انتظار، بتاريخ السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي.

ويبدو “عبد الأمير المياحي”، النائب عن كتلة “الحكمة”، أكثر وضوحاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، إذ يؤكد أن «الهدف الأساس من الاستجواب هو السؤال عن سبب عدم تحديد قيمة ما يباع للمصارف الأهلية عبر مزاد العملة، وقيمة ما يحوّل للخارج من العملة الصعبة. وهو ما فشل “غالب” في تقديم إجابات دقيقة وقطعية عنه، خلال الاستضافة الأولى في اللجنة المالية النيابية، والثانية في لجنة النزاهة النيابية».

ويضيف أن «مجلس النواب العراقي طلب من محافظ البنك المركزي إبراز سندات مشتريات المصارف الخاصة من الدولار بهدف الاستيراد، خاصة أن هناك سندات وهمية ومزوّرة، سمحت بتهريب العملة الأجنبية للخارج، ولم تكن بهدف استيراد البضائع، كما تم الإعلان عنه، وهو ما امتنع “غالب” عن تسليمه للسلطة التشريعية، حتى الآن».

 

 معاملة تفضيلية تسمح بتسرّب ملايين الدولارات

“عمار طعمة”، النائب عن “كتلة النهج الوطني”، قال إن «المصارف، العائدة لمتنفذين في الدولة العراقية، تحصل على مئة وستين مليون دولاراً شهرياً، بفضل المعاملة التفضيلية، التي تتلقاها من ادارة البنك المركزي».

ويوضح في بيانٍ، حصل «الحل نت» على نسخة منه، أن «الفرق بين سعر الدولار، المُباع من البنك الى المصارف الوسيطة، وسعر الدولار المُباع في السوق، يصل الى أكثر من 4٪؜ من مجموع المبلغ الكلي المُباع من الدولار، وبما أن مبيعات البنك المركزي من الدولار تقارب أربعة مليارات شهرياً، فمعنى هذا أن 4٪؜ من المبالغ، أي ما يساوي مئة وستين مليون دولار شهرياً، تذهب أرباحاً للمصارف الوسيطة، دون عمل أو نشاط إنتاجي أو تنموي يُذكر، وهذا المقدار من ربح المصارف يكفي لصرف راتب، بمقدار خمسمئة ألف دينار عراقي، لأكثر من ثلاثمئة وخمسين ألف مواطن شهرياً».

 

 تُهم أخرى بحق المحافظ

 موقع «الحل نت» التقى بالنائب “هدى سجاد”، عن “ائتلاف النصر”، لسؤالها عن جلسة الاستجواب، التي أفشلتها كتل متنفذة، فقالت إن «ما حدث كان مسرحية منظّمة، قادتها كتل سياسية، جاءت بنوابها، الذين زعمت أنهم سيحضرون الاستجواب، لكنهم في الواقع ظلوا في كافتيريا البرلمان، ولم يحضروا الجلسة».

وتكشف “سجاد” عن ملف أساسي، يًفترض أن تتم محاسبة محافظ البنك المركزي عليه، إضافةً لملفات بيع العملة الأجنبية للمصارف: «هناك لجنة نيابية تدارست بشأن إشكالية بناء مقر البنك المركزي، بواقع ثلاثين طابقاً، وبقيمة ثمانمئة مليون دينار، يتحمل مسؤوليتها “مصطفى غالب”، أيام كان يشغل منصب مدير عام الدائرة القانونية في البنك المركزي، بسبب شبهات فساد، رافقت حساب قيمة البناء، وتقييم الكُلف الكلية». مؤكدةً أن «المحافظ يجب أن يحال للجنة النزاهة».

 

 غطاء من الصدريين والأحزاب الكُردية

ويؤكد مصدر نيابي مُطّلع لـ«الحل نت» أن «السبب الأساس، لسعي كتل كبيرة منع استجواب محافظ البنك المركزي، هو الخشية من افتضاح أمرها، لأن المصارف، المستفيدة من تهريب العملة، تعود لجهات سياسية، في مقدمتها التيار الصدري، المُمثل نيابياً بكتلة “سائرون”».

ويوضح أن «أحد هذه المصارف هو “مصرف الموصل للتمويل والاستثمار”، المملوك بغالبيته لـ”تمكين عبد سرحان الحسناوي”، المنتمي للتيار الصدري، والذي يسيطر على نسبة عالية من مبيعات المصرف».

وتابع أن «هناك مصارف أخرى، مشاركة في المزاد، تابعة لجهات على علاقة وثيقة بالتيار الصدري، مثل مصرفي “الأهلي العراقي” و”الخليج”، المملوكين لعائلة السياسي العراقي “سعد عاصم الجنابي”، والذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع التيار، سمحت له بالترشّح عن كتلة “سائرون”، في انتخابات عام 2018، وتسخير قناة “الرشيد”، التي يمتلكها، للدعاية الانتخابية المكثّفة، في حينها، لصالح الكتلة».

إلا أن الفساد لا يقتصر على التيار الصدري، فبحسب المصدر النيابي، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، فإن «أحزاباً كردية استفادت ايضاً من مزاد العملة، عبر مصارف يمتلكها مقرّبون منها، وسعت بدورها لإفشال استجواب محافظ البنك المركزي، بعدم حضور جلسة استجوابه، على خلاف مواقفها المعلنة، ومن بينها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني».

وأوضح أن «من بين تلك المصارف “مصرف أربيل”، المملوك بغالبيته لـ”محمد سعدي البرزنچي”، المُقرّب من الحزب الديمقراطي الكردستاني، و”مصرف الشمال”، المملوك بغالبيته لعائلة “داود فتاح الجاف”، ومقره الرئيسي في #بغداد، وهذه العائلة تتمتع بعلاقات وطيدة مع الاتحاد الوطني الكردستاني».

بناءً على ما تقدم يرى كثير من المراقبين أن استجواب محافظ البنك المركزي لن يمر، وإن مر فسيكون شكلياً، وعلى قاعدة المساومات، فالنواب المصرّون على الاستجواب قد يتراجعون عن مواقفهم، بفعل تهديدات المستفيدين من مزاد بيع العملة، أو ربما يرضون بقسمة، تسمح لهم بدخول مزاد العملة، في بلد تعودت فيه الكتل المنضوية في البرلمان على لعبة البيع والشراء، عبر استخدام الابتزاز والتهديد، بفضح هذه الجهة أو تلك، للحصول على مكاسب وامتيازات، تسمح لها بنيل جزء أكبر من كعكة العراق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.