بكلفة مادية وبيئية عالية: لماذا يستمر اعتماد العراق على الغاز الإيراني في توليد الطاقة؟

بكلفة مادية وبيئية عالية: لماذا يستمر اعتماد العراق على الغاز الإيراني في توليد الطاقة؟

أظهرت أحدث بيانات #البنك_الدولي أن العراق «يحرق ما يزيد عن سبعة عشر مليار متر مكعّب من الغاز سنوياً، ليحتل المرتبة الثانية في العالم، بعد #روسيا، في حرق الغاز».

وتكفي كمية الغاز، التي تُحرق يومياً في العراق، لإمداد ما لا يقل عن ثلاثة ملايين منزل بالطاقة الكهربائية، ورغم هذا يعاني العراقيون من شح الكهرباء منذ سنوات، وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية، في حين أعلنت وزارة النفط العراقية أن «إيران رفعت كميات الغاز المُصدّرة إلى العراق، إلى خمسة ملايين متر مكعب يومياً». فما الأسباب التي تمنع #الحكومة_العراقية من توفير الكهرباء؟ ولماذا يتم حرق هذه الكميات الهائلة من الغاز دون انعكاسات واضحة على تأمين الخدمات للمواطن العراقي؟ وهل هناك أسباب سياسية غير معلنة لكل ما يحدث، تتعلق بالعلاقات بين الحكومة العراقية وإيران؟

 

سوء تخطيط وإدارة

الخبير في الشأن الاقتصادي “أحمد عبد ربه” يرى أن «السبب المباشر لحرق العراق كميات كبيرة من الغاز دون جدوى يعود لسوء التخطيط والإدارة طيلة السنوات الماضية، فضلا عن أن المشاريع الحالية لا تلبي الطموحات».

ويضيف “عبد ربه” في حديثه لـ«الحل نت»: «على وزارة النفط العراقية أن تسعى، وبشكل جاد، نحو إعطاء تراخيص جديدة للشركات الوطنية، للاستثمار في منشآت الغاز، مع زيادة فاعلية المشاريع والحقول المنتجة للغاز، وتأمين محطات توليد الطاقة الكهربائية، والعمل على الحد من استيراد الغاز من إيران».

ويشير الباحث الاقتصادي إلى أن «وزارة النفط العراقية أعلنت أن العراق سيتوقف عن حرق الغاز مطلع العام ٢٠٢٣، ولكن كل الوقائع تشير إلى عكس هذا، في ظل استمرار العراق باستيراد الغاز من #إيران، وبقائه في طليعة الدول الأعلى حرقاً للغاز الطبيعي».

 

حكومة محاصصة لتصريف الغاز الإيراني

أما المحلل السياسي “أيوب الخزرجي” فيرجع سبب حرق العراق لكميات كبيرة من الغاز إلى «سوء المحطات الغازية العراقية، التي تم تخريبها زمن النظام السابق، ومصادرة أغلب معداتها، ونقلها إلى إيران».

“الخزرجي” يقول لـ«الحل نت» إن «الميلشيات العراقية الموالية لإيران قامت بنقل معدات محطات الغاز في العراق، بعد تخريبها، إلى إيران، فضلاً عن دورها في تخريب المشاريع الاستثمارية في قطاع الطاقة، وتهديد الشركات الأجنبية، التي تسعى لتطوير هذا القطاع».

ويضيف: «يدّل هذا على أن الحكومة العراقية تعتمد اعتماداً كبيراً على الغاز الإيراني في توليد الكهرباء بسبب التقارب بين حكومة المحاصصة العراقية وحكام #طهران، الذي عانت منه البلاد على مرّ السنوات الفائتة».

مبيّنا أن «الحكومة العراقية جعلت من العراق بلداً لتصريف كل ما يخصّ الإنتاج الإيراني، من غاز ومواد غذائية وكهربائية، ليصبح المستورد الأول للبضائع الإيرانية، وبوابة إيران الاقتصادية، بعد فرض العقوبات الأميركية عليها. وسيستمر اعتماد العراق على إيران في مجال الطاقة، إلا في حال تفعيل إنتاج محطات الطاقة المحلية، عن طريق السماح للشركات الأجنبية بالاستثمار، دون تدخّل من الأحزاب والكتل السياسية، التي تعرقل كل تقدم في هذا المجال. فقد سبق لكتلة “سائرون”، التابعة للتيار الصدري، و”الفتح”، برئاسة “هادي العامري”، منع شركتين ألمانيتين من العمل في العراق، بحجة أنهما  الوجه الثاني للسفارة الأميركية».

 

وزارة النفط تبرر حرق الغاز

وزارة النفط العراقية تُرجع، في تصريحاتها لوسائل الإعلام، أسباب حرق الغاز الطبيعي بكميات ضخمة إلى سببين «الأول يتعلّق بالاحتياجات الكبيرة لقطاع الطاقة في البلاد، فضلاً عن أن زيادة إنتاج النفط تتناسب طردياً مع ارتفاع نسب إحراق الغاز المصاحب لها؛ أما السبب الآخر فيعود إلى أن الحروب التي شهدتها البلاد، خلال العقود الأربعة الماضية، أدت إلى تدمير منشآت استثمار الغاز، التي كان قد تم البدء بتشييدها في سبعينيات القرن الماضي».

 

لجنة الطاقة النيابية تقترح بدائل

الديون المتراكمة على الحكومة العراقية تجاه إيران، أدت لخفض الأخيرة من تدفق الغاز إلى محطات التوليد الكهربائي العراقية، ما أدى لتقليل ساعات توفّر الكهرباء لمحافظات #بغداد والوسط والجنوب.

النائب “غالب محمد”، عضو لجنة الطاقة والنفط النيابية، قال لموقع «الحل نت» إن «الخطأ الكبير، الذي وقعت فيه وزارة الكهرباء العراقية، طوال السنوات السابقة، هو اللجوء إلى المحطات الغازية، ذات التكلفة المالية والبيئية المرتفعة، بدلاً من الاعتماد على المحطات الحرارية، ذات الإنتاج العالي، وقليل التكلفة، للكهرباء».

“محمد” أكد أن «الحكومة العراقية، وفي ظل الأزمة المالية الخانقة، التي تمرّ بها البلاد، لا تمتلك القدرة المالية لتسديد ديونها لإيران، وإذا استمرت الحكومة الإيرانية في تقليل توريد الغاز إلى العراق فسنواجه أزمة طاقة كبرى».

وعن بدائل الغاز الإيراني يقول النائب العراقي: «من الضروري تأهيل محطات الطاقة العراقية، التي تفتقر للصيانة، فضلاً عن عرض الحقول النفطية العراقية للاستثمار فيما يخصّ الغاز، ومن ثم استخدامه بشكل عقلاني ورشيد، بدلاً من هدره، دون فعالية كبيرة، في محطات طاقة متهالكة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة