تصفية حسابات مع فقيه سني وخليفة عباسي: هل سيشهد العراق حرباً طائفية جديدة قبيل الانتخابات المبكرة؟

تصفية حسابات مع فقيه سني وخليفة عباسي: هل سيشهد العراق حرباً طائفية جديدة قبيل الانتخابات المبكرة؟

عاش العراقُ عام 2006 أياماً شديدة الصعوبة، بسبب الحرب الطائفية، التي راح ضحيتها آلاف المواطنين، وشهدت حوادث قتل على الهوية. واندلعت المعارك آنذاك إثر قيام مجاميع مسلحةٍ متطرفةٍ بتفجير مرقد الإمامين “على الهادي” و”الحسن العسكري” في مدينة سامراء، ما أدى لاشتباكات طائفية، استمرت لحوالي ثلاث سنوات، وأدت لتهجير آلاف العوائل، وتدمير مئات المساجد، وخاصةً في المناطق المختلطة بين السنةِ والشيعةِ.

وبعد مرور خمسة عشر عاماً على حادثة تفجير المراقد المقدسة تشهد العاصمة #بغداد توترات طائفية، أعادت إلى أذهان العراقيين الأحداث المؤلمة لتلك الفترة. فقد تظاهر مئات من المواطنين العراقيين، بالقرب من تمثال الخليفة العباسي “أبي جعفر المنصور”، مطالبين بإزالته من قلب العاصمة بغداد، لأن «وجوده يسيء لأتباع المذهب الشيعي»، حسب تعبير المتظاهرين

وتطورت الأحداثُ بعد تظاهر مواطنين آخرين مقابل مرقد “أبي حنيفة النعمان”، أحد أهم الفقهاء السنة في التاريخ الإسلامي، وطالبوا بإزالة المرقد أيضاً.

ويحذّر مراقبون من أنَّ «توالي هذه الأحداث، دون وجود رادع من قبل #الحكومة_العراقية، قد يؤدي في النهاية لتكرار الحرب الطائفية، وعودة الصراع المذهبي».

 

تحشيد طائفي قبيل الانتخابات

الرئيس العراقي “برهم صالح” زار مرقد “أبي حنيفة النعمان”، والتقى مجموعةً من علماء المجمّع الفقهي السني، كما أجرى زيارةً أُخرى إلى مدينة “الكاظمية”، وتحديداً مرقد “موسى بن الجعفر”، الملقب بـ”الإمام الكاظم”.

وشدّد “صالح” أثناء الزيارة على «أهمية التصدي لمحاولات إشعال الحرب الطائفية مجدداً، من قبل الجهات المعادية للعراق»، مؤكداً في الوقت ذاته أنَّ «بغداد ستبقى عصيةً على من يريد إشعال الحرب والفتنة»، حسب تعبيره.

إلا أن الكاتب والمحلل السياسي “علي البيدر” يقول إنَّ «هناك أطرافاً سياسيةً تحاول استيراد أزمات ومشاكل من عمق التاريخ، لصناعة عدو افتراضي ووهمي، يمكّنها من حشد الجماهير حولها».

مبيناً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «تلك الجهات تحاول استقطاب الجماهير من أجل كسب أصواتها في الانتخابات المقبلة، عِبرَ افتعال أحداث عنف ذات بُعدٍ مذهبي».

“البيدر” يؤكد أن «الشعب العراقي يحتاج إلى الأمن والصحة والتعليم والخدمات، والتنافس الانتخابي يجب أنْ يكون حول هذه النقاط، لا من خلال إشعال وتغذية الصراع الطائفي»، مشدداً على أن «الجمهور العراقي بات أكثر وعياً من عام 2006، بعد كل التجارب التي مرّ به، والتي كشفت له حقيقة القوى الطائفية، واستغلالها للمشاعر الدينية».

 

موقفٌ حكوميٌ ضعيفٌ

رجل الدين السني “عبد القادر النايل” يرى أنَّ «موقف الحكومة العراقية، تجاه التهديدات التي طالت رموزاً دينية، كان ضعيفاً جداً، وليس بالمستوى المطلوب».

ويضيف في حديثه لموقع  «الحل نت»: «لو افترضنا أنَّ تلك التهديدات والتظاهرات كانت تطالب بإزالة قبور ومراقد دينية شيعية فكيف سيكون الحال؟ بالتأكيد سيكون الموقف الحكومي أشدَّ وأعنف».

وأشار إلى أنَّ «إيران هي من أشعلتْ الصراعَ الطائفي سنة 2006، وهناك دلالاتٌ تؤكد وقوفها ودعمها لتفجير مرقد الإماميين العسكريين في سامراء، وهي تحاول إعادة المشهد ذاته، من أجل تغذية الصراع الطائفي، وإشعال الفتنة مجدداً».

مطالباً الحكومة العراقية بـ«التصدي لمحاولات العبث باستقرار البلاد وإشعال الفتنة»، ويستدرك بالقول: «إذا اضطَّرنا الحال فسندافع عن مراقدنا تجاه تلك التهديدات، دون انتظارالمواقف الخجولة للحكومة».

وكانت وزارة الداخلية العراقية قد نشرتْ قواتٍ أمنيةٍ كبيرةٍ بالقرب من مرقد “أبي حنيفة النعمان” بمدينة الأعظمية في بغداد، منعاً لمحاولات الاعتداء عليه من قبل المتظاهرين.

 

ما بعد انتفاضة تشرين ليس كما قبلها

المحلل السياسي “أحمد الخضر” يعتقد أنَّ «الشعب العراقي بات أكثر وعياً بفضل #انتفاضة_تشرين، ولن يُخدع بمحاولات الأحزاب الطائفية، التي تريد جَرَّ البلادَ لحالة الحرب الأهلية، من أجل المكاسب الانتخابية».

لافتاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أنَّ «التهديدات بتفجير مرقد “أبي حنيفة النعمان”، والرموز الدينية السُنية، تصدَّى لها الشباب الشيعة قبل غيرهم، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وساحات التظاهر، رافضين تلك الهجمات المشينة».

واعتبر “الخضر” أنَّ «هذا يدلّ على مرحلة الوعي التي وصل لها الشعب العراقي، وأنَّ تلك المحاولات البائسة لن تنطلي عليه، وعودةُ الصراع الطائفي باتتْ مستحيلةً، مهما حاولت الجهات الطائفية بث الأكاذيب وتحريض جماهيرها»، حسب تعبيره.

وكان آلاف الشباب العراقيين، من مختلف الطوائف والانتماءات، تظاهروا في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019، مطالبين بتحسين الأوضاع المعيشية، وإنهاء سيطرة #إيران ومليشياتها على العراق. وشكَّلت تلك التظاهرات، التي يُطلق عليها أنصارها اسم “انتفاضة تشرين”، مرحلة سياسية جديدة في العراق، أدَّت لتغيير الحكومة العراقية السابقة، برئاسة “عادل عبد المهدي”، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفى #الكاظمي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة