«لبنان دولة تقف على حدود جهنم». جملة قالها سعد الحريري، أمس، بمناسبة عيد الاستقلال، لخصت كل مأساة البلاد بآخر سنتين.

لم تكن تلك الجملة هي الوحيدة التي أطلقها الحريري مع عشرات الجمل عبر عدة تغريدات على حسابه بمنصة تويتر، لكن وقعها كان الأشد على اللبنانيين.

«بأي كلام نتوجه إلى اللبنانيين بعيد الاستقلال؟ لو قيض للكلام الذي يتردد منذ 7 عقود أن يتحقق، لكان لبنان اليوم جنة الله على الأرض. وليس دولة تقف على حدود جهنم»، هكذا بدأ الحريري سلسلة تغريداته.

الحريري يلخص مشهد لبنان!

وأضاف: «محزن جدا أن يقع استقلال بلدنا ضحية حلقات متتالية من الجنون السياسي والأمني والطائفي، وأن تكون دولته عاجزة حتى عن عقد جلسة لمجلس الوزراء».

وأردف: «كاد لبنان في بعض المراحل أن يكون جنة الشرق ومنتدى العرب للحضارة والحوار والثقافة والديمقراطية. لكن حروب الآخرين على أرضه، وصراع الطوائف المفتوح على تبادل الكراهية وسياسات الاستقواء بالخارج، قذفت به إلى جهنم وسلمت أقداره واستقلاله ونظامه الديمقراطي لعقول متوحشة متخصصة بإنتاج الدول الفاشلة».

بأي كلام نتوجه الى اللبنانيين بعيد الاستقلال؟ لو قيض للكلام الذي يتردد منذ سبعة عقود ان يتحقق لكان #لبنان اليوم جنة الله على الارض وليس دولة تقف على حدود جهنم.

كاد لبنان في بعض المراحل ان يكون جنة الشرق ومنتدى العرب للحضارة والحوار والثقافة والديمقراطية،
١/٥

— Saad Hariri (@saadhariri) November 21, 2021

لم يكتف الحريري بتلك العبارات القاسية، بل أعقبها بالتالي: «محزن جدا أن يشعر المواطن اللبناني بعد 78 عاما على الاستقلال، أنه يحتاج إلى دولة حرة سيدة مستقلة، وليست رهينة حزب أو طائفة أو منصة لحراس الحروب الأهلية العربية».

ثم اختتم تغريدته كما أي مواطن عادي بالدعوات، قائلا: «على الرغم من هذا الواقع المرير، لا مجال سوى أن نردد في هذا اليوم، حمى الله لبنان وشعبه وجيشه واستقلاله من كل شر».

عبارات يقول مراقبون إنها أشفت غليل الكثير من اللبنانيين وعبرت عن ما بدواخلهم من معاناة لم تنضب منذ عامين، لكن مفعولها سينتهي سريعا؛ لأن الكلام لا يدفع للتغيير وسط واقع البلاد المعقد، بحسبهم.

واقع لبنان الحالي.. بداية القصة

والواقع هو أن لبنان يعاني منذ عامين من أزمة اقتصادية خانقة، وتفاقم الوضع سوءا مع انفجار #مرفأ_بيروت، وما أعقبه من تدهور معيشي، حيث لا دواء ولا بنزين ولا كهرباء ولا مال، حتى بات اللبنانيون يتعاملون بالمقايضة لتسيير أيامهم.

للقراءة أو الاستماع: بعد عتمة بيروت.. الدولارات تملئ حاويات النفاية في لبنان

كل تلك المعاناة بدأت لسبب واحد هو الأبرز، لم يغفله الحريري في سلسلة تغريداته، وهو «الجنون السياسي والطائفي»، ليدفع ثمنه الناس، الذين بات العديد منهم يسلكون دروب الهجرة.

سعى اللبنانيون في أكتوبر 2019، لتصحيح الوضع، وخرجوا بانتفاضة عمت البلاد، أسقطت حكومة الحريري نفسه، واستمرت زهاء 4 أشهر، ليخف زخمها بعد احتياح وباء #كورونا للبلاد.

جاءت حكومة جديدة برئاسة #حسان_دياب، ولم يلتقط اللبنانيون الأنفاس بعد، حتى أتت كارثة المرفأ في 4 أغسطس 2020، لتسقط حكومة دياب.

للقراءة أو الاستماع: في ذكرى تفجير مرفأ بيروت.. “إليسا” تصف “الأسد” و”عون” و”نصر الله” بـ«فشلة مُجرمين»

وخرجت التظاهرات حينها ضد الفساد في لبنان، وضد الطبقة السياسية الحاكمة، وضد المحاصصة السياسية، وكذا ضد تدهور قيمة العملة اللبنانية، وأجبرت حكومة الحريري على الاستقالة.

المرفأ ينفجر.. الليرة تسقط

عاد ساسة لبنان إلى الحريري لتكليفه بتشكيل حكومة تلملم جراح انفجار المرفأ الذي راح ضحيته المئات بين قتيل وجريح، لكن ذلك لم يحدث.

للقراءة أو الاستماع: بعد اعتذار “الحريري” عن تشكيل الحكومة: الليرة تهوي لأدنى مستوى منذ استقلال لبنان!

ظل لبنان بلا حكومة منذ الانفجار وحتى منتصف يوليو 2021، عندما اعتذر الحريري عن تشكيل الحكومة، نتيجة الصراعات الحزبية التي تلقي بظلالها على حياة الناس.

وطوال تلك الفترة بين انفجار مرفأ بيروت وحتى اعتذار الحريري، هوت قيمة الليرة اللبنانية إلى أدنى مستوياتها على امتداد تاريخها الحديث.

انفراجة لم تدم!

ثم انفرجت المعضلة، وتشكلت حكومة برئاسة #نجيب_ميقاتي في سبتمبر المنصرم، واستعد اللبنانيون لرؤية إصلاحاتها للواقع الاقتصادي، خاصة وأن ميقاتي هو رجل تجارة واقتصاد.

لكن الأزمة عادت أقوى هذه المرة، فبعد شهر ونصف من تشكيل الحكومة الجديدة، طرأت للسطح أزمة دبلوماسية بين الخليج ولبنان، على خلفية تصريحات لوزير الإعلام، #جورج_قرداحي.

فقد سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفرائها من بيروت وطردت سفراء لبنان من الرياض والمنامة وأبو ظبي، اعتراضا على تصريحات قرداحي.

للقراءة أو الاستماع: وزير الإعلام اللبناني “جورج قرداحي”: هل يستقيل من منصبه بسبب تصريحاته؟

قرداحي قال في لقاء متلفز قبل توزيره إن: «الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في اليمن ضد الاعتداء السعودي والإماراتي»، لكن اللقاء تم بثه بعد توزيره.

طالبت دول الخليج باستقالة قرداحي كإجراء لحل الأزمة، لكن الأخير رفض، ولم يستقل، لتجعل هذه الأزمة الدبلوماسية المستمرة، إضافة للمعاناة المعيشية المتواصلة، لبنان «يقف على حدود جهنم»، كما قال الحريري.