قال تقرير نشره موقع “المونيتور” إن عروض المال التي قدمها تنظيم داعش للانضمام إلى صفوفه أثبتت أنها “لا تقاوم” بخاصة بالنسبة لأولئك المتضررين بشدة من انهيار الاقتصاد السوري.

ووفق ما ترجم موقع “الحل نت” فإن رجل يقتاده حراس أمن في سجن عسكري في مدينة الحسكة، تم اعتقاله في منزله في مدينة الرقة ونقله إلى هنا في 2 تشرين الأول/أكتوبر الماضي بتهمة الانتماء إلى تنظيم “داعش” الإرهابي.

الحراس المرافقين له يزيلون غطاء وجهه، شعره بني كثيف، وله لحية. أحمد (اسم مستعار) يشرح سبب انضمامه إلى داعش بعد مرور أكثر من عامين على خسارة التنظيم الإرهابي للباغوز (آخر معاقل التنظيم في آذار 2019).

يقول هذا الشاب، البالغ من العمر 24 عاماً، وهو أب لثلاثة أطفال: “لقد فعلت ذلك من أجل المال. فبسبب الجفاف، انهارت زراعتي، وكان عليّ الكثير من الديون”. ويعتبر وضع أحمد الشخصي نموذجياً، وفقا للمسؤول الكردي المسؤول عن إدارة السجن شديد الحراسة، حيث تم إحباط محاولة هروب من قبل نزلاء داعش بعد أيام قليلة من المقابلة التي أجراها موقع “المونيتور” مع عنصر “داعش”.

ويقول المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “إنهم يدفعون للناس آلاف الدولارات مقابل الانضمام إليهم”، مؤكدا بأن نحو 50 جهاديا محتجزا في السجن اعتقلوا هذا العام، كلهم انضموا إلى التنظيم من أجل المال.

ويقول أحمد إنه انضم إلى التنظيم في أيار/مايو 2020 عن طريق صديق له كان قد اتصل به وكان يعيش في مدينة الباب، وهي معقل سابق لداعش والتي سيطرت عليها القوات التركية والفصائل التابعة لها في شباط/فبراير 2017.

ويقول أحمد: “أعتقد أن معظمهم موجودون هناك. عرّفني صديقي على رجل يُدعى سلمان وطلب مني تسليم وثيقة زواج سورية لعضو آخر في التنظيم. ودفعوا لي 50 ألف ليرة سورية مقابل هذه المهمة. وواصلت القيام بمثل هذه المهام كساعي، ولا علاقة لي بالعمل العسكري”.

بعد هزيمتهم الساحقة في العراق وسوريا على يد “التحالف الدولي”، الذي تقوده الولايات المتحدة، يسعى الجهاديون وفروعهم العالمية إلى إعادة تجميع صفوفهم، وبدأوا في شن هجمات على نحو متزايد في أماكن مثل أفغانستان وأوغندا إلى جانب معاقلهم التقليدية في سوريا والعراق.

“أنا قلق من أنهم سيكونون أقوياء مرة أخرى. نحن نحاول تفتيت الخلايا. العشائر العربية متعاونة للغاية، لكن بصراحة، في مناطق سيطرة النظام على وجه الخصوص، لا يعمل الجيش السوري بشكل جيد ضدهم”، يقول مسؤول السجن.

وفي 25 كانون الأول/ديسمبر الجاري، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” عن اعتقال “أحد أخطر قادة “داعش”، محمد أبو العواد، الذي ساعد في تنظيم محاولة الهروب من السجن العسكري في الحسكة. وقال أبو العواد في اعترافه المصور إن الخطة تضمنت تفجير سيارتين مفخختين عند بوابات السجن واستخدام 14 انتحاريا لاقتحامه.

وأشارت وزارة الخزانة الأمريكية في تقرير حديث إلى أن تنظيم داعش “لديه على الأرجح عشرات الملايين من الدولارات الأمريكية المتاحة على شكل احتياطيات نقدية موزعة في جميع أنحاء المنطقة”، وأنه يواصل نقل الأموال من وإلى سوريا والعراق “معتمدا في كثير من الأحيان على المسهّلين من أعضاء التنظيم في تركيا وفي مراكز مالية أخرى”.

من جانبه، يرى مظلوم كوباني، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، في مقابلة أجرتها “المونيتور” معه مؤخرا، بأن أحد أكبر التهديدات التي تواجه شمال شرقي سوريا لم تعد الهجمات البشرية التي يشنها تنظيم داعش، ولكن قدرة التنظيم على استغلال الأزمة الاقتصادية الحالية لجذب مجندين جدد. ويضيف كوباني قائلا: “تؤثر هذه الظروف الاقتصادية غير المواتية على كفاحنا ضد تنظيم داعش. وقدرته على استعادة الأرض مرتبطة بشكل متزايد بالظروف الاقتصادية في سوريا. فهناك الكثير من العاطلين عن العمل، وهناك فقر منتشر”.

وبالنسبة لعبد محبس، الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي لشمال شرقي سوريا (أعلى هيئة إدارية مقرها في الرقة)، فإن فكرة عودة داعش لا تطاق. “عندما جئنا إلى هنا لأول مرة لإعادة بناء المدينة، كانت هناك حيوانات تأكل جثث مقاتلي التنظيم. وكانت الرقة في حالة خراب، لكن الإدارة الذاتية أعادت منذ ذلك الحين بناء 60 بالمئة من البنية التحتية الحيوية للمدينة. وقد ضحى أكثر من 10000 من مقاتلينا بأرواحهم من أجل هذا”، يؤكد محبس.

بينما يقول ثامر جمال التركي، شيخ عشيرة السبخة: “تركيا والنظام السوري وإيران يريدون جميعا إثارة مشاكل بيننا وبين قوات سوريا الديمقراطية”. ويصر الشيخ على أن الثلاثة كانوا يدعمون الخلايا النائمة لداعش في شمال شرقي سوريا، لزعزعة استقرار الإدارة التي يقودها الأكراد وإضعافها. “إنهم ليسوا أقوياء كما كانوا من قبل. لكنهم ينظمون أنفسهم في الريف ويسرقون أغنامنا ويهاجمون رجالنا”، يؤكد الشيخ التركي.

ويدفع الافتقار إلى الفرص وعدم اليقين بشأن مستقبل سوريا أعدادا متزايدة من الناس إلى الخروج من سوريا، عبر تركيا والعراق أو عن طريق الجو من دمشق. ويتم إرجاع الكثير منهم، أو يخدعهم المهربون أو يموتون في البحر أثناء محاولتهم مواجهة البحار المتلاطمة في قوارب متهالكة متجهة إلى الشواطئ الأوروبية. وأصبح البعض الآخر بيادق في أيدي قادة سياسيين قساة يسعون لابتزاز أوروبا، كما شهدنا مؤخرا في بيلاروسيا، حيث لا يزال الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين، ومعظمهم من الأكراد العراقيين والسوريين، عالقين في درجات حرارة متجمدة في المنطقة الخالية بين الحدود البولندية والبيلاروسية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.