ماذا ينتظر التيار السني في لبنان بعد انسحاب سعد الحريري؟

ماذا ينتظر التيار السني في لبنان بعد انسحاب سعد الحريري؟

تضطرب الأوضاع السياسية في لبنان، قبل كل انتخابات نيابية، لتعدد التيارات السياسية والحزبية، المليئة بالتناقضات والخلافات، وأيضا التحالفات الغير ثابتة على مر السنوات الماضية، والتي ترتبط بالأحداث على الساحة اللبنانية والساحة الإقليمية والدولية.

وشكلت العديد من الأحداث في السنوات السابقة مفاصل لتغيير التحالفات السياسية، كان أبرزها اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، الذي طالما اعتبر أنه زعيم التيار السني اللبناني، وجاء بعد ذلك تغول حزب الله عسكريا وسياسيا وتحالفاته مع تيار الرئيس ميشيل عون، والحدث الأخير الذي هز لبنان في انفجار نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، وما تبعه من تحقيقات أظهرت الكثير من الخلافات بين التيارات السياسية.

ولكن في هذه الانتخابات المقرر إقفال باب الترشح فيها في الخامس عر من الشهر الجاري، فإن انسحاب سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني السابق، من الترشح للانتخابات أثار الكثير من الجدل والتساؤلات حول مستقبل التيار السني اللبناني الذي يرى الكثيرون أنه سيتشتت بعد هذا الانسحاب.

انسحاب الحريري هزة للحلفاء والخصوم؟

قال تقرير في موقع “الجزيرة”، أن صدى تعليق زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري لعمله السياسي ومشاركته بالانتخابات لم يهدأ حتى داخل صفوف التيار، إذ لم تتقبل بعض كوادره معنى الانسحاب من الحياة السياسية، وهو ما تجلى أخيرا بإعلان مصطفى علوش نائب رئيس تيار المستقبل استقالته من منصبه، علما أنه أحد أبرز مؤسسي التيار قبل 24 عاما، وواكب مسيرتي الرئيس الراحل رفيق الحريري ونجله سعد.

وأضاف التقرير، أن قرار الحريري بعدم الترشح للانتخابات، منذ نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، اهتزازا سياسيا كبيرا للحلفاء والخصوم، لكن دون أن يكون انسحابه مفهوما على أنه دعوة لمقاطعة الانتخابات.

وأشار التقرير، إلى أن حراكا دينيا تصدره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وحراك سياسي من قبل قيادات من الطائفة السنية، للتشديد على ضرورة المشاركة بالانتخابات ترشحا واقتراعا، قد بدأ عقب انسحاب سعد الحريري.

إقرأ:لبنان.. ما الذي سيحصل بعد انسحاب سعد الحريري من المشهد السياسي؟

هل تنتقل قيادة التيار السني للسنيورة؟

وفي نهاية شباط/فبرايرالماضي أعلن رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أنه يدرس خيار ترشحه للانتخابات في 15 أيار/مايو، ودعا الناخبين السنة للمشاركة الكثيفة وعدم المقاطعة، وهو ما عزز الانقسام داخل “تيار المستقبل”، بين من يصر على الالتزام بقرار الحريري الذي اشترط عدم ترشح أحد من حزبه إلا إذا استقال من التيار، وبين مؤيد لموقف السنيورة كمصطفى علوش.

ونقلت “الجزيرة”، عن فؤاد السنيورة، أن لبنان يشهد ما وصفها بـ”الأزمة الوطنية”، مشيرا إلى أن المعركة بين من يريد الدولة ومن يتصرف بعكس منطقها، أي “حزب الله”، مضيفا أن انسحاب الحريري أثر سلبا في المشهد الوطني والطائفي، ومؤكدا ما يفعله أن ليس انقلابا داخل الطائفة، وسيكون أول من يقف مع الحريري إذا عاد إلى الحياة السياسية.

ويرى السنيورة، أن مقاطعة الانتخابات هزيمة كبيرة لفكرة الدولة، مطالبا بالتصدي للمقاطعة كما يتيح الدستور، والدعوة للمشاركة الكثيفة بالانتخابات.

وأشار السنيورة، إلى أنه يعمل على تشكيل لائحة انتخابية في بيروت والمناطق ذات الثقل السني، والتي يملك قدرة على التأثير فيها، مضيفا أنه غير مقيد بخيارات “المستقبل”، وأنه يتحرك انطلاقا من قناعاته وخبرته السياسية، “للتصدي لكل من يريد إبقاء الدولة رهينة لديه”، على حد وصفه.

وطالب السنيورة، الطائفة السنية في لبنان بالدفاع عن دورها التاريخي، مذكرا أن موقفه يحتاج لاحتضان داخلي أولا، ولاحتضان عربي وخليجي دفاعا عن التوازنات الطائفية اللبنانية.

قد يهمك:لبنان يلاحق “داعش” و”الحوثيين”.. القصة الكاملة

تحذيرات من فراغ الساحة

وقال مصطفى علوش، نائب رئيس” تيار المستقبل” الأسبق، أنه استقال من التيار نتيجة للتراكمات السابقة في العمل السياسي، حيث لم يكن له دور في اتخاذ أي قرارات، رغم موقفه الرافض لانسحاب الحريري من الحياة السياسية.

وأشار علوش، إلى تحذيره المتكرر للحريري من خطورة إبقاء الساحة السنية فارغة “للطارئين وموالي حزب الله”، ومشيرا إلى أن تفاهمه مع السنيورة جعله يواجه انتقادات داخل “المستقبل” واتهامات بعدم الوفاء.

ومن جانب آخر، تتابع الشخصيات السنية الموالية لحزب الله كأنها غير معنية بخيارات “المستقبل” وقواعده، فتستكمل تحضيراتها للانتخابات وتنسج لوائحها وتحالفاتها في مختلف الدوائر،  وعلى رأسهم نواب “اللقاء التشاوري” المقربين من “حزب الله”، مثل،عدنان طرابلسي، فيصل كرامي، جهاد الصمد، وليد سكرية، عبدالرحيم مراد، وهؤلاء يتوزعون في مناطق انتخابية مختلفة.

ويرفض علوش، حسب “الجزيرة”، وصف حالة الطائفة السنية بالتخبط، “لأنها ليست حكرا على أحد”، مضيفا أن السنة اليوم يختبرون مخاضا لإفراز ممثلين جدد عنهم،  ومؤكدا جهوزيتهم لخوض الانتخابات مع حلفائهم، بعد الانتهاء من تشكيل اللوائح، ويرى أن تحدياتهم ترتبط بالوضع المعيشي والاقتصادي والسياسي.

من سيتصدر الانتخابات القادمة؟

يرى الباحث والمتخصص بالشأن الانتخابي كمال فغالي، أن تيار “المستقبل” تراجع حضوره الشعبي في السنوات السابقة، كأغلب الأحزاب، لكن انسحاب الحريري قد يؤدي برأيه إلى تغيير موازين القوة، نظرا لاحتمال تشتت الأصوات ومقاطعة شريحة واسعة من مؤيديه، حسب “الجزيرة”.

وأضاف فغالي، أنه إذا استمر الوضع هكذا “فقد يتمكن حزب الله من تصدر المرتبة الأولى ببيروت، ويكسب مقاعد سنية إضافية مؤيدة له عبر حلفائه في مختلف المناطق”، بعد أن كان حصل على المرتبة الثانية بعد المستقبل في انتخابات 2018.

أما الكاتب حسين أيوب، فيرى أن حركة السنيورة قد تشد العصب وتضفي حيوية ما، لكنه برأيه “لن يزيد نسبة المشاركة السنية كثيرا”، مرجحا مواجهته لمطب كبير “إذا قرر المستقبل الانتقال من الحياد الإيجابي إلى الحياد السلبي” أي منع فوز السنيورة بأصوات تيار المستقبل.

ويرى أيوب، أن أكثر المتضررين مما يصفه بإرباك الساحة السنية هو الحريري وتياره، “لأن التجربة التي راكمتها الحريرية السياسية، وتحديدا منذ وصول رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة عام 1992 يُراد لها أن تُشطب”، حسب “الجزيرة”.
كما يعتقد أيوب، أن “حزب الله”، حتى وإن فاز بالمرتبة الأولى، فإنه يفضل فوز تيار”المستقبل”، بوصفه تيارا سنيا معتدلا، ولا يناسبه تقدم مجموعات سنية مناهضة له.

إقرأ:لبنان.. التظاهرات تتجدد ضد “مافيا السلطة”

ويرى مراقبون، أن بعض الأمور الخاصة بالترشح لم تحسم بعد، وهناك عدة أيام قبل أن يقفل باب الترشيح، ما قد سيحمل مفاجآت غير متوقعة، حيث اعتاد اللبنانيون على تغير التحالفات والقرارات المتعلقة بالانتخابات حتى في اللحظات الأخيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.