أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة اللبنانية، سعادة الشامي، يوم الاثنين الفائت، علنا وبشكل لا لبس فيه، إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي، وقال إن الخسائر ستوزع على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، مضيفا أن الخسائر ستقسم ولا توجد نسبة دقيقة. قائلا، ” للأسف الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان، ونريد أن نخرج بنتيجة، والخسارة وقعت بسبب سياسات لعقود، ولو لم نفعل شيئا ستكون الخسارة أكبر بكثير”، حسب متابعة “الحل نت”.

ويمر لبنان بالعام الثالث من الانهيار المالي الناجم عن عقود من الفساد والسياسات السيئة التي أدت إلى انهيار قيمة العملة بأكثر من 90 بالمئة، وأبعدت البنوك معظم المدخرين عن حسابات العملات الصعبة. وقدرت مسودة خطة الإنقاذ المالي الحكومية في وقت سابق من هذا العام وجود فجوة بحوالي 70 مليار دولار في القطاع المالي.

ماهو الإفلاس، وكيف تصل الدولة إليه؟

هناك قلق عالمي من إعلان عدة دول إفلاسها خلال العام الحالي 2022، وهو ما يعرف بإفلاس الدول، أو الإفلاس السيادي، وهو “رفض بلد ما أو فشله في سداد ديونه الخارجية”، كما يرافقه في بعض الأحيان إعلان رسمي من قبل الحكومة عن عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات والديون المستحقة.

 وبعد إعلان إفلاس الدولة، تحدث صدمة اقتصادية كبيرة على المستوى المحلي، حيث يندفع المستثمرون والمدخرون لسحب أموالهم من الحسابات المصرفية وتحويلها إلى خارج الدولة؛ ولتجنب ذلك، قامت بعض الحكومات بإغلاق البنوك وفرضت ضوابط على رأس المال.

ويرى اقتصاديون أن ارتفاع حجم ديون الاقتصادات الناشئة، يمثل تحديا كبيرا للاقتصاد العالمي، وفرص انتعاشه من جائحة كورونا.

وعادة ما يقدم البلد المستلف سندات للمستثمرين، ويتعهد بالتزام تعاقدي بدفع الأصل مع الفائدة، ويضمن فيه سداد الدين من خلال عائدات الضرائب، ولكن البلد المستلف قد يواجه أسبابا تؤدي إلى عدم الوفاء بالالتزامات، كتغيير الحكومات، أو الانقلابات، والزيادة الحادة في الدين العام، والاضطراب في تدابير التقشف، أو بسبب نقص السيولة لتراجع التمويل الخارجي.

إقرأ:رسميا لبنان بلا أموال.. إفلاس الدولة اللبنانية والمصرف المركزي

هل تفلس سوريا بعد لبنان؟

قال الخبير الاقتصادي، رضوان الدبس، في وقت سابق لموقع “الحل نت”، أن غاية لبنان من إعلان الإفلاس، هو الهروب من المطالبة بالدين في الوقت الحاضر، بمعنى “يوجد علي ديون والتزامات، وأنا ليس عندي القدرة على سددها، وأنا أعلنت إفلاسي”. وبذلك لن يطالبها أحد. ولكن يجتمع الدائنين كالبنك الدولي والبنك الأوروبي وشركات دول أخرى لإعادة تشغيل القطاع اللبناني مرة ثانية.

وفيما يخص أموال السوريين التي أودعت في لبنان، وحتى أموال العراقيين، فلا رؤية في الأفق حول التزام البنوك الأجنبية بهذا الموضوع. ولكن في حال قرر البنك المركزي اللبناني، أن يأخذ جزء من ودائعه أو يخصم منها على اعتبار أنها من ديون قديمة، في هذه الحالة ستعتبر عملية سطو، حسب متابعة “الحل نت”.

وبالنسبة لتأثير إعلان الإفلاس اللبناني على سوريا، فإن تأثيره كبير، لأن سوريا تقريبا جزء أساسي أو رئيسي في لبنان، فنسبة عالية من إيرادات الدولة من داخل الموانئ والبضائع والحوالات المالية “العمليات غير النظامية” يتم عن طريق لبنان وعن طريق “حزب الله”، وعندما تعلن الدولة اللبنانية الإفلاس فطبعا سوريا ستتأثر لأن القطاع السوري معتمد على لبنان، لأن العقوبات المفروضة على الحكومة السورية خلت الحكومة تلجأ للقطاع المصرفي اللبناني ليكون هو الرديف وهو البديل”، حسب ما قال رضوان الدبس لـ”الحل نت” في وقت سابق.

ومن المتوقع أن تعيش سوريا حالة إفلاس أيضا، لكن ليس بالمستوى الذي تعيشه لبنان، كون الحكومة السورية حاليا مدعومة من الحكومة العراقية والحكومة الإيرانية ومن بعض الحكومات العربية.

هل من حلول بعد إعلان الإفلاس؟

في البداية فإنه وقبل إعلان الدول تخلفها عن سداد القروض، يوفر صندوق النقد الدولي برنامجإنقاذ للحكومات العاجزة مع فرض قيود كالتقشف وتخفيض قيمة العملة، ومع ذلك لا يترتب على الدولة المفلسة أي آثار قانونية، لأن سيادة الدولة في القانون الدولي أعلى من حقوق الدائنين، وهذا ما يجعل الخيارأمام الدائن هو التفاوض حول شروط القرض، وذلك عبر إعادة جدولة السندات الحكومية من خلال الدفع المؤجل، أي تخفيض قيمة هذه السندات في النهاية .

ويرى اقتصاديون، أن الدول التي تعلن إفلاسها تحتاج إلى إصلاحات كبيرة لإعادة الثقة بينها وبين المستثمرين، وأيضا التخلص من عبء الديون الخارجية بشكل سريع وغير محسوب ليس حلا مثاليا، فهو يؤدي في بعض الحالات إلى ارتفاع معدلات التضخم والضغط السياسي على الدول، وانخفاض التصنيف الإئتماني وزيادة معدلات الفائدة، الأمر الذي يثير صعوبة اقتراض أموال من سوق السندات الدولية.

قد يهمك:تضارب التصريحات حول إفلاس لبنان.. كيف ستتأثر سوريا؟

من الجدير بالذكر أن أي دولة من الدول التي يعاني اقتصادها من مشاكل كبيرة، إضافة للمشاكل السياسية قد تتعرض للإفلاس في أي وقت، وقد تعرضت العديد من الدول خلال العقود الماضية للإفلاس، لكن بعضها نهض من خلال إصلاحات اقتصادية شاملة لتكون في طليعة دول العالم اقتصاديا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.