تباينت مواقف سياسيين سوريين، الثلاثاء، غداة تهديدات تركية جديدة على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان، حول مدى حقيقة هذه التهديدات بشن عملية عسكرية مرتقبة شمال سوريا.

الرئيس التركي أردوغان، هدد مساء أمس بعمليات عسكرية وشيكة في سوريا، اعتبرها إجراءات استكمالية لإنشاء المنطقة الآمنة التركية شمالي سوريا بمحاذاة حدود تركيا الجنوبية.

وجاء تصريح أردوغان عقب ترؤسه اجتماع الحكومة، في المجمع الرئاسي بأنقرة. وقال: “سنبدأ قريبا باتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأناها لإنشاء مناطق آمنة على عمق 30 كيلومترا، على طول حدودنا الجنوبية (مع سوريا)”.

ما علاقة الروس؟

الكاتب والمحلل السياسي السوري، أيمن عبد النور، قال خلال حديث لـ”الحل نت” إن الولايات المتحدة الأميركية تسعى لمضايقة الروس، سواء عبر تركيا أو الفصائل السورية المعارضة التي تدعمها أنقرة أو حتى من خلال “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بالضغط والحصار.

وأضاف عبدالنور، بأن واشنطن لا ترغب بمواجهة مباشرة أو صدام عسكري مع الروس، وأن سياستها تتجه بالتضييق على الروس للقبول بتمديد إدخال المساعدات الدولية في جلسة مجلس الأمن خلال شهر تموز/يوليو من العام الحالي، عبر معبر “باب الهوى” الرابط بين تركيا وسوريا شمال غربي البلاد.

وأشار السياسي المعارض إلى أن الروس لا يرغبون بمواجهة مع تركيا، إذ أن الأخيرة لا تسمح بعبور الطائرات الروسية وتمنع مرور سفنها الحربية عبر مضيق البوسفور.

وتوقع عبد النور، أن تركيا قد لاتواجه ردا أميركيا أو روسيا في حال القيام بعملية عسكرية، منوها أن تركيا من خلال ابتزازها للأطراف الدولية و”حلف الناتو” في ورقة انضمام السويد وفنلندا، قد تكسب مناطق جديدة في حال إقدامها على هجوم عسكري، دون أن يؤكد وجود عوامل تدفع أو تساعد تركيا على القيام بمثل هذا الهجوم العسكري الذي يعتبره مراقبون بـ”الطائش” إذا ما حصل.

لا ضوء أخضر أميركي

فيما قال بسام إسحاق، ممثل مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” في الولايات المتحدة الأميركية، إن اتفاقية السلام في المنطقة لا زالت قائمة، وبأنه لا يوجد ضوء أخضر أميركي للتمدد التركي شمالا، خاصة أنه لم يمضي أسبوع على إعلان الولايات المتحدة رفع العقوبات الاقتصادية عن المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، إلى جانب بعض المناطق في شمال غربي سوريا.

ويرى إسحاق خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الولايات المتحدة لا تريد أن يحقق الروس انتصارا في سوريا في الوقت الحالي، مضيفا أن الأتراك غير جاهزين للتنازل للروس عن إدلب بينما الروس في محنة عسكرية و سياسية في أوكرانيا.

كما يرى المحلل السياسي والكاتب السوري، شورش درويش، الذي يقيم في ألمانيا، أن إعادة تشغيل القواعد والتوسع في الانتشار الأميركي مؤخرا، مرتبط بمسار التضييق على الوجود الروسي وضبط مناطق شمال شرقي سوريا بطريقة يفهم منها بأن واشنطن لا تريد لهذه المنطقة أن تضطرب وتشهد تلاعبات إقليمية ومحلية وما قد من شأنه إفساح المجال للتمدد الإيراني.

وقال المحلل السياسي، في حديث سابق لموقع “الحل نت”، إن إعادة تشغيل القواعد يشير إلى رغبة واشنطن بتوجيه رسالة إلى أنقرة مفادها أن لا تسعى الأخيرة إلى خلط الأوراق أو شن هجوم بالتواطؤ مع موسكو.

لا تغيير في توزع القوى الدولية

إلى ذلك أكد المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، لموقعنا، أنه لا تغيير في توزع القوى الدولية في مناطق شمال وشرق سوريا.

وجاء تعليق المركز الإعلامي لـ “قسد”، تأكيدا لما ورد في بيان رسمي لقوات سوريا الديمقراطية على موقعها الرسمي.

المركز الإعلامي لـ”قسد”، قال في بيان مساء أمس الأثنين عقب التصريحات التركية، أن تسخين الأجواء واستعراض تركيا لقواها يأتي في سياق محاولات ضرب الاستقرار في المنطقة ومحاولات إعادة تنشيط فلول تنظيم “داعش”.

وأشارت “قسد” إلى أن قواتها تدرس مستوى التهديدات التركية الفعلية والمتوقعة لمناطق شمال وشرق سوريا وتتبادل المعلومات مع القوى الدولية الضامنة.

مشروع المنطقة “الآمنة”

ومع مطلع الشهر الحالي، أعلن الرئيس التركي رجب أردوغان، عن نية بلاده إتمام مشروع المنطقة الآمنة في الشمال السوري، من أجل إعادة نحو مليون لاجئ سوري عودة طوعية بحسب قوله.

في 24 أيلول/سبتمبر 2019، عرض أردوغان، على الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة إقامة المنطقة الآمنة شمالي سوريا، مدعيا آنذاك بأن إنجاز هذه العملية قد يتيح إعادة مليوني سوري لوطنهم.

وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، أعلن أردوغان عن بدء عملية عسكرية جديدة ضد “وحدات حماية الشعب”، وذلك لتبرير عمليته العسكرية التي أسماها “نبع السلام” والتي بموجبها سيطرت أنقرة وقوات المعارضة السورية المدعومة من قبلها على أجزاء من محافظتي الحسكة والرقة (مدن رئيسية رأس العين وتل أبيض).

القوات التركية أطلقت عمليتها العسكرية “نبع السلام” في شمال سوريا (سري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض)، وشنت وقتذاك غارات على تلك المنطقة ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا والجرحى فضلا عن نزوح أعداد كبيرة من المدنيين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.