تراجع إنتاج الحمضيات في الساحل السوري تدريجيا خلال السنوات الماضية، لكنه انخفض هذا العام بنسبة 50 بالمئة، وتُعزى أسباب هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى تغير المناخ، فضلا عن غياب الدعم الحكومي الذي تسبب في خسائر كبيرة للمزارعين، لدرجة أن بعض المزارعين امتنعوا عن المهنة واتجهوا إلى أعمال أو زراعات أخرى غير الحمضيات. أيضا، وعلى أعتاب موسم الحمضيات، يتسابق مزارعو الساحل السوري مع الزمن لتسويق إنتاج محصولهم قبل نضوجه بشكل كامل، وذلك للحصول على أسعار مقبولة تعوّض جزءا بسيطا من خسارتهم المرتبطة بتكلفة الإنتاج.

موجات الجفاف والصقيع

إنتاج الحمضيات للموسم المقبل بلغ 487.64 ألف طن حسب التقديرات الأولية لمديرية زراعة بمحافظة اللاذقية، وهو انخفاض واضح عن إنتاج السنوات السابقة، التي كان يصل فيها الإنتاج إلى 900 ألف طن، مقارنة بالموسم الماضي، حيث بلغ الإنتاج 680 ألف طن، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس السبت.

أما عن أسباب تراجع الإنتاج، فقد عزا مدير زراعة اللاذقية باسم دوبا، إلى تغير المناخ، حيث تعرضت المحافظة لموجة جفاف شديدة العام الماضي أعقبتها أمطار غزيرة إضافة إلى موجة الصقيع في آذار/مارس الماضي، خلال فترة التزهير، خاصة صنف البرتقال “أبو صرة”.

وتعتبر الحمضيات محصولا أساسيا ومورد رزق لأكثر من ٥٧ ألف عائلة، كما تؤمن آلاف فرص العمل خلال مراحل الجني، والنقل، والتصنيع، والتسويق الداخلي والخارجي، وفق تقرير الصحيفة المحلية.

وأشار دوبا، إلى أن عدد أشجار الحمضيات في اللاذقية يبلغ ١٠.٢٠٩ ملايين شجرة، منها ٩.٧٥٩ ملايين مثمرة على مساحة ٣٢.٥٠٠ ألف هكتار.

من جانب آخر، أوضح المهندس عمران إبراهيم، رئيس دائرة الأشجار المثمرة في مديرية زراعة اللاذقية، أن الحمضيات متوفرة على مدار العام بسبب تعدد الأصناف، مدللا بأصناف مبكرة كـ”الماير والساتزوما والكلمنتين”، والأصناف متوسطة النضج كـ”أبوصرة والحامض البلدي، واليافاوي”، والأصناف المتأخرة كالبالانسيا وأصناف أخرى من ” أبوصرة”.

قد يهمك: سوريا.. الفواكه “شم ولا تدوق” والمواد الغذائية تسجل غيابها

التسويق قبل “نضوجه”

في الأسواق السورية عرض الباعة أصناف الليمون “الماير”، مبكرا في بداية موسمه، وتباع بسعر يتراوح بين 700-1000 ليرة سورية حسب حجم الثمرة، فيما يشتكي المواطنون من عدم نضوج الثمار وفقدانها للعصير، وأضافوا بالقول: “الثمرة ناشفة ولا يوجد فيها عصير، والواضح أن المزارعين استبقوا نضوج المحصول بإنزاله إلى السوق مبكرا وبيعه بأسعار مرتفعة، في حركة استباقية لانخفاض الأسعار بعد نضوج الثمار وما يترتب عليه من كثرة العرض”، وفق ما أورده موقع “أثر برس” المحلي، اليوم الأحد.

من جانب آخر، دافع عدد من المزارعين عن تسويق جزء من محصول “الماير”، مبكرا من باب الاستفادة من بيعه بأسعار مقبولة قبل طرحه بكثافة في الأسواق.

وأفاد المزارع أبو عبد الله: “بالرغم من أن الأسعار تكاد تكون مقبولة بالنسبة للمزارعين، إلا أنها لا تخلو من المنغصات بدءا بارتفاع مستلزمات الإنتاج من الأسمدة، واليد العاملة وأجور النقل التي تضاعفت بشكل ملحوظ هذ العام”، مضيفا: “المزارع مجبر على قطاف الثمار مبكرا حتى يستطيع إطعام عائلته، خاصة لمن ليس لديه مصدر رزق آخر”.

أما المزارع، أبو محمد، فقد أوضح أن الأسعار الجيدة للحمضيات شجعت المزارعين على جني صنف الحامض “الماير”، بما يعود بمردود مادي جيد يلبي تكلفة الإنتاج ومستلزماته، وأن السعر بالنسبة للمزارع، هو من يحدد القطاف المبكّر لأي صنف، وفق الموقع المحلي.

خسارة في وزن المحصول

في السياق ذاته، صرح مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة، المهندس نشوان بركات، للموقع المحلي أنه لوحظ خلال الأيام الأخيرة وجود كميات من الحمضيات “حامض ماير” في الأسواق، وهي غير ناضجة، مشيرا إلى أن نسبة العصير في العينات المأخوذة من أسواق طرطوس، واللاذقية حوالي 20 بالمئة وسطيا، في حين أن نسبة العصير يجب ألا تقل عن 38 بالمئة، في الثمار الصالحة للتسويق بالنسبة لصنف “الماير”.

ونوّه بركات، إلى أن تسويق الحمضيات غير الناضجة يؤدي إلى أضرار كبيرة، وهو ما ينعكس في تدني جودة المنتج بشكل كبير بحيث لا يلبي رغبة المستهلك، وخسارة كبيرة في وزن المحصول، تصل إلى حوالي 25 بالمئة، بالإضافة إلى رد فعل المستهلك السلبي نتيجة شراء فواكه غير ناضجة وذات نوعية رديئة في بداية الموسم مما يؤثر سلبا على الاستهلاك، والأسعار خلال فترة النضج النظامية.

ووفق التقديرات الأولية لمكتب الحمضيات، أشار بركات، إلى انخفاض كمية إنتاج الحمضيات للموسم القادم في اللاذقية فقط ما بين 35-30 بالمئة، وذلك بسبب التغيرات المناخية، خاصة موجات الصقيع.

التوجه إلى زراعة الفواكه الاستوائية

بعد تراجع أسعار الحمضيات في الساحل السوري خلال السنوات الماضية، وتكبد المزارعين لخسارات عدّة ولأسباب أهمها، قلة الدعم الحكومي، واستغلال واحتكار التجار والسماسرة في تسويق السلع، اتجه العديد من المزارعين إلى اقتلاع أشجار الحمضيات وإقامة زراعات بديلة مكانها. وكان من بين هذه الزراعات، الفواكه الاستوائية، منها: “القشطة، السيبوتا، الشوكولا السوداء، الأفوكادو الصنوبرية، المنغا المصرية، والدراكون والعديد من الأصناف الأخرى”، وقد نجح البعض منهم نجاحا جيدا بهذه الزراعات.

من بين المزارعين الذين اتجهوا إلى زراعة الحمضيات البديلة، المزارع حيدر صالح، من قرية يحمور في محافظة طرطوس الساحلية. إذ بعد خمس سنوات من توجهه إلى الزراعة البديلة للحمضيات، احتل المركز الأول في سوريا بزراعة فاكهة “دراكون” الاستوائية من حيث حجم مزرعته التي تبلغ مساحتها أكثر من خمسة عشر دونما، وعدد الأشجار التي تحتويها قرابة 14 ألف شجرة، وبلغت نوعية وكمية الإنتاج نحو خمسة عشر طنا، وتتزايد يوما بعد يوم، بحسب ما أوردته صحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا.

أسعار الخضار والفواكه

خلال جولة في أسواق دمشق، فقد وصل سعر كيلو البندورة إلى 1700 ليرة سورية، بينما بلغ سعر كيلو الخيار نحو 1800 ليرة، وسجل سعر كيلو البطاطا حوالي 1600 ليرة، والبامية البلدية 6500 ليرة، وفق تقرير محلي، مؤخرا.

بينما بلغ سعر كيلو بصل الفريك 1000 ليرة للنخب الأول، بينما وصل سعر كيلو الملفوف البلدي إلى 1300 ليرة سورية للنوع الأول، وبلغ سعر كيلو الزهرة 1600 ليرة سورية.

وبالنسبة للفليفلة الخضراء فقد وصل الكيلو الواحد إلى 1400 ليرة، في حين سجل كيلو الجزر 1800 ليرة، وبلغ سعر كيلو الباذنجان نحو 1700 ليرة.

أما بالنسبة لأسعار الفواكه، فقد بلغ سعر كيلو التفاح الجيد نوعا ما 4500 ليرة، والدراق ما بين 4500-5500 ليرة حسب نوعه، والخوخ 4000 ليرة، والإجاص الجيد بـ3500 ليرة والنوع الثاني بـ2500 ليرة، والعنب ما بين 2500-3500 ليرة والكرز النوع الأول 7000 ليرة والثاني بـ5500 ليرة.

أما البطيخ الأحمر وحده من دون غيره رخيص السعر في هذه الأيام، فالكيلو يباع ما بين 350-450 ليرة، بينما البطيخ الأصفر ما زال ثابت السعر عند الـ800 ليرة للكيلو، حيث بيّن المواطنين أن الأسعار تختلف بين سوق وآخر.

هذا وتشهد الأسواق السورية ارتفاعا ملحوظا في أسعار الخضار والفواكه والسلع الغذائية وغيرها من المواد المعيشية الأساسية، وهذا السعر المرتفع لا يتناسب مع مستوى رواتب ومداخيل المواطنين بطبيعة الحال، وسط فشل حكومة دمشق في تحقيق وعودها بضبط الأسعار ودعم القطاع الزراعي.

قد يهمك: فواكه استوائية بديلة عن الحمضيات في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.