ارتفاع ملحوظ في أسعار موارد الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، إضافة لحالة عدم اليقين التي شهدتها السوق الدولية، خوفا من انقطاع صادرات النفط والغاز الروسي.

في بداية الحرب تجاوز سعر برميل النفط 125 دولار، وبعد امتصاص السوق لصدمة الحرب واستمرار تدفق الصادرات الروسية إلى السوق، استقر سعر برميل النفط في نهاية عام 2022 بين 80 – 90 دولار، وقد ساهمت مجموعة “أوبك بلس” التي تضم دول منظمة “أوبك” وروسيا، في المحافظة على توازن العرض والطلب في السوق الدولية للنفط، من خلال تحديد سقف الإنتاج، حسب الطلب في السوق وفق معطيات شهرية.

مع بداية عام 2023 ظهرت العديد من التوقعات لأسعار النفط، على سبيل المثال توقعت “وكالة الطاقة” الأميركية، أن متوسط سعر “خام برنت” في عام 2023 قد يصل إلى 92.36 دولارا للبرميل، كما توقعت “الوكالة” ذاتها أن يبلغ الانتاج العالمي من النفط 101.60 مليون برميل يوميا. ويبدو أن توقع “وكالة الطاقة” الأميركية ايجابي جدا، بالنظر إلى التحديات التي يعيشها العالم في الوقت الحالي التي قد تنعكس بشكل كبير على سيناريوهات أسعار برميل النفط، وهذه التحديات تتمخض من جانبي العرض والطلب.

في هذه السطور نتوقع سيناريوهات أسعار الطاقة بناء على عدد من المعطيات والأحداث التي قد يشهدها العالم، سواء كانت سياسية أو اقتصادية.

سيناريو انخفاض أسعار برميل النفط

السوق الدولية قد تشهد انخفاض أسعار النفط في النصف الأول من العام الحالي في حال بقي تباطؤ الاقتصاد العالمي على نفس الوتيرة الحالية، فبعد رفع بنوك الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي أسعار الفائدة، وارتفاع مؤشرات التضخم من المتوقع أن تعيش تلك الدول حالة من تباطؤ النمو الاقتصادي، والذي سينعكس بشكل مباشر على تراجع الطلب على النفط لدول الاتحاد الاوروبي وأميركا.

أما الصين ستكون محور التركيز الأساسي لهذا العام، فقد فرضت الحكومة قيودا وحظرا على عدد من المدن بعد تفشي فيروس “كورونا” بشكل كبير، ومن المعروف أن الصين هي أكبر مستهلك للنفط في العالم، وثاني أكبر مستورد بعد الولايات المتحدة الأميركية، وبقاء قيود الحظر لفترة طويلة قد يخفض الطلب العالمي على النفط، وعدم القدرة على التنبؤ بما قد يحدث في الصين سيخلق مخاطر في اتجاه حركة الأسعار بين الارتفاع والانخفاض.

 أيضا أحد أهم الأحداث التي قد تؤدي إلى سيناريو انخفاض أسعار النفط هي انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، والتي سيكون لها وقعٌ كبير على أسواق النفط، وإذا ما انخفضت وتيرة الحرب الجارية، قد تشهد الأسواق حالة من الاستقرار، وتنتهي حالة عدم اليقين التي تعيشها سوق النفط الدولية. تحقق إحدى هذه الأحداث قد يُبقي متوسط أسعار برميل النفط بين 65 إلى 75 دولار.

إذ يمكن القول إن الأحداث سابقة الذكر المتوقعة، هي المعطيات الرئيسية التي قد تؤثر في انخفاض أسعار النفط في العام الحالي، لكن قد تظهر أحداث غير متوقعة أبدا على سبيل المثال قد تستمر الصين في تطبيق سياسة القيود لفترة طويلة، أو تقرر بعض الدول الصناعية في أوروبا، فرض قيود بسبب عودة تفشي فيروس “كورونا”، هذه التوقعات قد تؤدي لانخفاض شديد في أسعار النفط.

سيناريو ارتفاع أسعار النفط

انخفاض المعروض من النفط الروسي، من المتوقع أن يؤدي تحديد سقف أسعار النفط الروسي عند 60 دولارا للبرميل، إلى زعزعة تجارة النفط العالمية المنقولة بحرا، وقد يؤدي إلى قيام موسكو بتخفيض تدفقات النفط إلى الأسواق العالمية كردِّ فعل على قرار تحديد سعر النفط الروسي، من قبل مجموعة الدول السبع والدول الأوروبية.

قد يهمك: انخفاض عالمي بأسعار النفط بعد استعداد “أرامكو” زيادة الإنتاج

بوتين قد هدد بخفض إنتاج النفط، لكن حتى تاريخ كتابة هذه المقالة لم يشهد تخفيض للإنتاج الروسي بشكل مؤثر، وحتى لو لجأت لقرار تخفيض الإنتاج قد يكون مؤقتا، لأن الحكومة الروسية تعتمد في الوقت الحالي على الواردات المالية للنفط والغاز لتمويل خزينة الدولة والحرب على أوكرانيا. وبناء على ما سبق من المحتمل أن يكون رد فعل روسيا على الحظر الغربي، هو الهاجس الأكبر في ارتفاع سعر برميل النفط وقد يتجاوز حينها حاجز الـ 100 دولار.

تخفيض قيود الحظر في الصين

منظمة “أوبك” أشارت في تقريرها مؤخرا، بأنها تتوقع ارتفاع الطلب على النفط في دول شرق آسيا، لاسيما الصين والهند.

من المتوقع أن تنمو اقتصادات هذين البلدين ما بين 5 بالمئة و6 بالمئة في عام 2023. وإن تخفيف قيود الإغلاق في الصين سيكون له أثر كبير على الطلب، فمن المتوقع زيادة الطلب على النفط بشكل كبير في النصف الثاني من عام 2023، مدفوعا بتخفيف قيود جائحة “كورونا” في الصين، وإعادة فتح اقتصادها واعتماد البنك المركزي نهجا أقل انكماشية.

تخفيض مجموعة “أوبك بلس” لسقف الإنتاج

مجموعة “أوبك بلس” تحاول المحافظة على سعر برميل النفط مرتفع من خلال التحكم بالمعروض. فمن المحتمل أن تقرر المجموعة تخفيض إنتاج النفط لمدة زمنية معينة، إذا لاحظوا أن أسعار النفط في السوق الدولية انخفضت أكثر من اللازم، وبطبيعة الحال سيؤدي النقص في المعروض إلى ارتفاع أسعار برميل النفط.

أيضا تعرّض منشآت النفط للدول المنتجة لعمليات تخريب، لاسيما دول الخليج العربي، فعندما تعرضت منشآت النفط في السعودية، لعمليات تخريبية من خلال طائرات مسيّرة، شهدت أسعار النفط في حينها ارتفاعا ملحوظا، وتشير أصابع الاتهام عادة إلى إيران التي تمتلك تقنيات عالية وأعدادا كبيرة من الطائرات بدون طيار، فضلا عن سياستها العدوانية تجاه دول المنطقة.

قد تعيد إيران استهداف البنية التحتية لدول الخليج العربي بعمليات تخريبية، وقد يشمل ذلك أيضا، عرقلة مرور ناقلات السفن من مضيق الخليج العربي، وقد نفّذت طهران مثل هذا الأمر عدة مرات. ويندرج تحت هذا البند ايضا اشتداد المعارك بين روسيا وأوكرانيا، الذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع أسعار النفط.

في السيناريوهات الثلاثة الأخيرة من المتوقع أن يصل سعر برميل النفط بين 90 إلى 100 دولار.

ليس من السهل وضع سيناريوهات قوية تتوقع أسعار النفط لعام 2023، فقد ناقشنا الأحداث المحتملة التي قد تؤثر على أسعار النفط، لكن يبقى مجال التّوقع ضيق جدا لسرعة تطور الأحداث في العالم، إضافة إلى الأحداث المفاجئة التي قد تظهر من دون سابق توقّع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.