مع اقتراب انتهاء الشهر العاشر من العام الجاري 2023 وتزامنا مع انهيار الواقع المعيشي في سوريا، تدور نقاشات عديدة بين السوريين حول ما حقّقوه خلال العام الجاري، وينظر الشباب إلى قائمة أهدافهم التي وضعوها في بداية العام، لتكون المفاجأةُ بأن الواقع المُعاش في البلاد لا يسمح لهم في الغالب تحقيق الأهداف الطبيعية في ظل الصعوبات التي يواجهونها بشكل يومي.
أبرز الإنجازات التي يتم الحديث عنها بين الشباب في سوريا هو النجاح في الهجرة والخروج من البلاد، عندما يتم الحديث عن الإنجازات التي تم تحقيقها منذ بداية العام حتى الآن.
استطلاع صادم
على وسائل التواصل الاجتماعي، طرحت إذاعة “نينار إف إم” المحلية، استطلاعا للرأي تضمّن سؤالا حول إنجازات السوريين خلال العام الجاري، لتتنوّع إجابات المشاركين في الاستطلاع بين الإنجازات البسيطة إلى المتوسطة، إلا أن الجواب الصادم والأكثر انتشار كان على الشكل التالي، “أبرز إنجاز أنه قدرنا نبقى على قيد الحياة بتأمين أبسط احتياجاتنا”.
أنور خضر أجاب على السؤال قائلا، “اي الحمد لله حققت بعام 2023 هدف اني ضل عايش و واقف على الاقل بمكاني و ما رجعت للوراء”، بينما أجابت آلاء عطالله بالقول، “مافي إنجازات تشكر، على الصعيد الشخصي قدرت أتخلص من الوزن الزائد، وعلى الصعيد العملي بهالبلد للأسف كل الطرق لتحقيق أحلامنا مغلقة”.
أما عدنان البرغوتي، فكان تعليقه على سؤال العام على الشكل التالي، “أبرز إنجاز عملته في 2023 إني قدرت اطلع من البلد ووصلت من شهرين على كندا، صار الإنجاز بالنسبة للسوري أنه يوصل لنقطة الصفر ويبلش ينطلق منها، لأن بسوريا معظم الشباب وضعهم تحت الصفر والأمل كتير ضعيف بتحقيق حياة كريمة بتضمن أبسط الاحتياجات”.
البعض عبّر عن حزنه كذلك عندما قرأ هذا السؤال، وذلك لما رافقه شعور بالعجز في ظل انعدام المستقبل في سوريا، فأضافت رهام رمضان، “صباح الخير والله يمكن ما حققت شي، والموضوع اليوم فتحلنا جروحنا وحسسنا بعجزنا”.
الهجرة والسفر أصبح الهدف الأبرز لمعظم الشباب السوريين اليوم، وذلك لبدء حياة جديدة بعيدة عن سوريا، فهم يرون أن الأمل في تحقيق حياة كريمة يكاد يكون معدوما في البلاد، ففي كل عام يتفاجأ السوريون بانهيار جديد في الواقع المعيشي والاقتصادي في البلاد التي ترزح تحت وطأة أزمة اقتصادية مستمرة منذ سنوات.
أما الحكومة السورية، فهي تكتفي بدورها بإطلاق الوعود الوهمية للسوريين، التي غالبا ما يتحول تحقيقها إلى قرارات جديدة تزيد من معاناة الأهالي مع كل عام يمرّ على البلاد.
قد يهمك: الأخطاء الطبية.. هل تحولت المشافي السورية إلى شبح يخوّف السوريين؟
هجرة الخبرات والأدمغة من سوريا، أصبحت مؤخرا كارثة على المجتمع السوري بمختلف القطاعات، حيث يعاني أصحاب الخبرات والشهادات العليا، من قلّة الفرص المناسبة، فالطبيب لا يجد راتبا مناسبا ولا بيئة عمل، وكذلك الأستاذ الجامعي، حيث فضّل معظم هؤلاء الهجرة عن البقاء في سوريا بلا جدوى مستقبلية.
خلال الأشهر القليلة الماضية، سجّلت سوريا أعلى وتيرة من ارتفاع معدلات التضخم، حتى أصبح متوسط الدخل السوري عاجزا أمام المستويات الدنيا من الحاجات الأساسية للمواطن، حيث عانى الأهالي في مختلف مناطق البلاد من ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار مختلف السلع الأساسية الضرورية.
الحكومة بدورها فشلت عبر قراراتها في الحدّ من هذا الانهيار، بل العكس فقد كانت القرارات الحكومية بمثابة الضربة القاضية التي فجّرت أسعار السلع والمواد الأساسية في البلاد، ففي وقت رُفعت فيه الرواتب مئة بالمئة في محاولة لزيادة دخل موظفيها، كانت آثار هذا القرار كارثية على الأسواق، لما تسبب من ارتفاعٍ لمعدلات التضخم.
تكاليف المعيشة في سوريا
تقرير لصحيفة “قاسيون” المحلية، أفاد أنه “مع انقضاء تسعة شهور من عام 2023، عانى السوريون من ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار ليرتفع وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، وفقا لمؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة، ويقفز إلى أكثر من 9.5 مليون ليرة سورية”.
بحسب تقرير الصحيفة، فإن الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة السورية، وصل إلى نحو 6 ملايين ليرة سورية، والحد الأدنى لتكاليف الغذاء 3.5 مليون، ذلك في وقت بلغ الحد الأدنى للأجور في المؤسسات الحكومية بعد الزيادة الأخيرة إلى 185 ألف ليرة سورية فقط.
المؤشر الذي اختارته الصحيفة، يركّز على طريقة محددة في حساب الحدّ الأدنى لتكاليف معيشة أسرة سورية من خمسة أشخاص. وتتمثل هذه الطريقة بحساب الحد الأدنى لتكاليف سلة الغذاء الضروري بناء على حاجة الفرد اليومية إلى حوالي 2400 سعرة حرارية من المصادر الغذائية المتنوعة، ولهذا الهدف اعتمدت “قاسيون” على حساب الوجبة الأساسية للفرد خلال اليوم الواحد، على اعتبار أن تكاليف الغذاء هذه تمثّل 60 بالمئة من مجموع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة، بينما تمثل الـ 40 بالمئة الباقية الحاجات الضرورية الأخرى للأسرة.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.