شنت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ليل الخميس-الجمعة، هجوما واسع النطاق بالصواريخ ضد جماعة “الحوثي” المدعومة من إيران داخل اليمن؛ ردا على أكثر من عشرين هجوما مؤخرا ضد السفن التي تعبر ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.

الأصول العسكرية الأميركية والبريطانية ضربت أكثر من اثني عشر هدفًا لجماعة “الحوثي” ليلا، بدءًا من مواقع التدريب والمطارات إلى مواقع تخزين الطائرات بدون طيار، فيما قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، “اليوم، بتوجيه مني، نفذت القوات العسكرية الأميركية – بالتعاون مع المملكة المتحدة وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا – ضربات ناجحة ضد عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها المتمردون الحوثيون لتعريض حرية الملاحة للخطر وفي أهم الممرات المائية في العالم”.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ضرب أهداف لـ”الحوثيين” داخل اليمن منذ أن بدأ المسلحون مهاجمة السفن في البحر الأحمر بعد هجوم حركة “حماس” على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت.

أبرز مواقع الحوثي المستهدفة

قبيل ساعات من الهجوم، قطعت ميليشيا “الحوثي” التيار الكهربائي عن 3 مديريات في محافظة الحديدة في ظل انتشار عسكري واسع من أجل تفريغ عدد من مستودعاتها العسكرية، بعد أن تواردت أنباء عن عقد رئيس الوزراء ريشي سوناك اجتماعا عبر الهاتف مع أعضاء حكومته ليعلمهم خلاله “باحتمال توجيه ضربات بريطانية وأميركية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن”، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

هجوم مدمر قواعد ميليشيا الحوثي تنهار تحت وطأة الصواريخ الأميركية والبريطانية (2)
تصاعد الدخان واللهب من منشأة عسكرية تابعة لجماعة “الحوثي” في أعقاب هجوم شنته القوات الأميركية والبريطانية – إنترنت

قبل الضربات الأميركية والبريطانية في وقت متأخر من يوم الخميس، حذر العديد من المسؤولين الأميركيين “الحوثيين” وإيران مما وصفوه بالسلوك المتهور وغير القانوني. وقال السكرتير الصحفي لـ”البنتاغون”، اللواء بات رايدر، إن “الحوثيين يحصلون على التمويل والتدريب والتجهيز من إيران إلى حد كبير، ولذا فإننا نعلم أن لإيران دور تلعبه فيما يتعلق بالمساعدة في وقف هذا النشاط المتهور والخطير وغير القانوني”.

لكن وبحسب مسؤول أميركي، فإن هجمات “الحوثيين” على السفن في البحر الأحمر يوم الثلاثاء الفائت، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير والتي بلغت ذروتها بإعطاء بايدن الضوء الأخضر للولايات المتحدة للمضي قدمًا في ضربات يوم الخميس، على الرغم من أن الاستعدادات مستمرة منذ وقت طويل.

حتى الآن لا يعلم عدد الصواريخ التي استهدفت مواقع جماعة “الحوثي”، لكن بحسب ما رصده “الحل نت” من مصادر يمنية محلية، فإن أبرز المواقع التي تم استهدافها هي: “معسكر القوات البحرية بمنطقة الكثيب ومحيط مطار الحديدة وموقع في ضواحي زبيد والزيدية بالمدينة، وقاعدة الديلمي الجوية وفج عطان ومعسكر اللواء الثامن في العاصمة صنعاء، وهي منشئات تحتوي على ورش تصنيع صواريخ وطائرات مسيرة على أيدي خبراء ايرانيين ومن حزب الله”.

كما طال القصف معسكرات في محافظة تعز من بينها معسكر الجند ومحيط مطار تعز واللواء 122، ومعسكر كهلان في صعدة، وامتد القصف إلى مطار عبس في محافظة حجة.

وطبقا للمعلومات الأولية التي حصل عليها “الحل نت”، فإن الموقع الذي استهدفته الصواريخ الأميركية والبريطانية في منطقة زبيد كان غرفة عمليات يقودها خبراء إيرانيين، قدموا من طهران خلال الفترة السابقة لقيادة العمليات في البحر الأحمر.

قوة بحرية هائلة

قبيل الهجوم الأميركي – البريطاني بساعات قليلة، رفعت جميع أنظمة الدفاع الجوي الأميركية في الشرق الأوسط إلى أعلى مستويات التأهب. لكن اللافت في الأمر هو مغادرة سفينة الاستخبارات الإيرانية “بهشاد” المنطقة، حيث كانت تعسكر هناك منذ أيام.

الجيشان الأميركي والبريطاني يقصفان أكثر من عشرة مواقع يستخدمها “الحوثيون” في اليمن. (AP)

هذا الهجوم القوي على قواعد “الحوثي” جاء بعد أن شنت الجماعة اليمنية 27 هجومًا من المناطق التي تسيطر عليها في اليمن منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، بما في ذلك هجوم وقع في وقت سابق من نهار يوم الخميس باستخدام صاروخ باليستي مضاد للسفن، حيث سقط الصاروخ في خليج عدن بالقرب من سفينة تجارية دون وقوع إصابات أو أضرار.

القيادة المركزية الأميركية، التي تشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، قالت إن “الحوثيين” شنوا هجومًا معقدًا باستخدام 18 طائرة بدون طيار هجومية أحادية الاتجاه وصاروخين كروز وصاروخ باليستي واحد من المناطق التي يسيطر عليها “الحوثيون” في اليمن باتجاه البحر الأحمر، وهي ممرات ملاحية بحرية تعبرها عشرات السفن التجارية.

الضربة الصاروخية الجوية والجوالة المشتركة على جماعة “الحوثي” في اليمن انتهت بعد ساعة واحدة من شنها، حيث شاركت في العملية غواصة الصواريخ الموجهة من طراز “أوهايو يو إس إس فلوريدا” (SSGN 728)، حيث أطلقت الغواصة عدة صواريخ “كروز” من طراز “BGM-109”.

بالإضافة إلى طائرات “F/A-18” (سوبر هورنتس) المنبعثة من حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور”، كما قامت مدمرات فئة “أرلي بيرك” بإطلاق عدة صواريخ كروز “توماهوك” على مواقع عسكرية، وحتى الآن لا يعلم العدد الدقيق لصواريخ كروز التي تم إطلاقها.

ليست لعبة

من الجدير بالذكر، أنه في الأسبوع الماضي، أصدرت الولايات المتحدة و12 حليفاً بياناً يحذر “الحوثيين” من عواقب غير محددة إذا استمرت هجماتهم على السفن في البحر الأحمر. وقال البيان: “لتكن رسالتنا الآن واضحة: ندعو إلى الإنهاء الفوري لهذه الهجمات غير القانونية والإفراج عن السفن والطواقم المحتجزة بشكل غير قانوني”.

هجوم مدمر قواعد ميليشيا الحوثي تنهار تحت وطأة الصواريخ الأميركية والبريطانية (3)
لقطة الشاشة هذه التي تم التقاطها من مقطع فيديو تُظهر استيلاء المقاتلين الحوثيين اليمنيين على سفينة “غلاكسي” في ساحل البحر الأحمر قبالة الحديدة، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 في البحر الأحمر، اليمن. (تصوير جماعة الحوثي/غيتي)

من بين الموقعين على البيان بريطانيا وأستراليا وكندا وألمانيا واليابان، وجاء البيان عقب إطلاق الولايات المتحدة وبريطانيا ونحو 20 دولة أخرى في منتصف كانون الأول/ديسمبر الفائت، عملية “حارس الازدهار” لحماية السفن من هجمات “الحوثيين”.

وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد اعتمد قرارا يطالب ميليشيا “الحوثي” باليمن بالوقف الفوري للهجمات على السفن، داعيا كلّ الدول باحترام حظر الأسلحة المفروض على جماعة “الحوثي” المدعومة من إيران.

يتضمن البند الرئيسي في القرار حق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وفقًا للقانون الدولي، في “الدفاع عن سفنها من الهجمات، بما في ذلك تلك التي تقوض الحقوق والحريات الملاحية”. ويُعتبر هذا البند دعمًا ضمنيًا لعملية “حارس الازدهار”.

ومع ذلك، هناك تساؤلات حول ما إذا كانت التصريحات، المدعومة الآن بالضربات الأميركية والبريطانية ضد “الحوثيين”، ستفعل أي شيء لردع طهران، خصوصا أن الولايات المتحدة نفذت ضربات ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا منذ اندلاع الحرب في غزة ردا على استهداف قواعدها، إلا أن هذه تمثل أول ضربة معروفة ضد “الحوثيين” في اليمن. 

بحسب الصحفي اليمني، محمد الشرعبي، لـ”الحل نت”، فإن “الحوثيين” من أكثر الجماعات المدعومة من إيران، ولديهم ترسانة متطورة من الأسلحة التي توفرها طهران، بما في ذلك الصواريخ الباليستية متوسطة المدى القادرة على الوصول إلى جنوب إسرائيل بالإضافة إلى مجموعة من الطائرات بدون طيار.

لكن تمردهم بحاجة إلى ردع يعتمد بشكل عام على هجوم مضاد سريع وعنيف، لا سيما مع تراجع “التحالف العربي” عن شن ضربات قوية عليهم وفك حظر الطيران عنهم؛ وهنا يعتقد الشرعبي، أن هذا الهجوم سيكون بمثابة تحذير للتمادي ضد المصالح الدولية وستلتزم به الجماعة اليمنية؛ إلا إذا كان لطهران رأي آخر.

التجارة العالمية بسبب عمليات “الحوثي” انخفضت 1.3 في المئة في كانون الأول/ديسمبر الفائت، حيث أدت هجمات “الحوثيين” على السفن التجارية في البحر الأحمر إلى تعطيل العمليات. وقال رئيس أكبر خط ملاحي في العالم إن الأمر قد يستغرق أشهرًا قبل أن يصبح الطريق التجاري آمنًا لعبوره.

تقرير للمعهد الاقتصادي الألماني، خلص إلى أن عدد الحاويات التي تسافر يوميا عبر البحر الأحمر بعد عمليات القرصنة التي تنتهجها جماعة “الحوثي” انخفض بنسبة 60 في المئة من 500 ألف حاوية في تشرين الثاني/نوفمبر إلى 200 ألف الشهر الماضي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة