على أبواب العاصمة اللندنية، تتوارى أسماء الأسد خلف الأضواء، ويكتنف مصيرها التشكيك والغموض الذي حاصر خبر إصابتها بمرض سرطان الدم، فبين تأكيدات مصادر إعلامية عن وصولها هناك بصحبة ابنتها، تحوم شكوك عديدة حول صحة هذه المعلومات وصدقها.

ليست المرة الأولى التي يكتنف الغموض وجود زوجة الرئيس السوري بشار الأسد داخل وخارج سوريا، إذ طالما خيّم الالتباس على تحركاتهما وأوضاعهما الصحية. فبينما تحاول زوجة الأسد البحث عن أمل في هذه المحطة الجديدة، تتصادم مع جملة من التساؤلات حول حقيقة إصابتها وواقع معاناتها.

وسط أجواء التأكيدات المتضاربة وغياب الحقائق المؤكدة، تظل زيارة أسماء الأسد وابنتها إلى لندن محاطة بسرٍّ كثيف، ليس فقط بسبب طبيعة السلطات السورية وتقاطعاتها المعقّدة، بل أيضاً بسبب الغموض المحيط بصحة أسماء الأسد وإمكانية تأثير ذلك على مستقبل البلاد.

إصابة أسماء الأسد بالسرطان

رغم حضورها الفترة السابقة مع الأسد في عدة زيارات، غابت أسماء الأسد عن زيارة زوجها الأخيرة إلى البحرين، إذ بعد عودة بشار الأسد من القمة العربية التي مكث فيها صامتا لم يُلقِ كلمة فيها، أعلنت “رئاسة الجمهورية السورية”، إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم. 

الرئيس السوري بشار الأسد (من اليسار) وزوجته أسماء يزوران المعرض المخصص للرسام الفرنسي كلود مونيه في القصر الكبير في 11 كانون الأول/ديسمبر 2010 في باريس في ختام زيارتهما الرسمية إلى فرنسا. (ميغيل ميدينا / وكالة الصحافة الفرنسية)

ففي بيان رسمي مفاجئ أمس الثلاثاء، أعلنت الرئاسة السورية عن إصابة أسماء الأسد بمرض الابيضاض النقوي الحاد (اللوكيميا). ووفقاً للبيان، سوف تخضع أسماء الأسد لبروتوكول علاجي متخصص يتطلب العزل والتباعد الاجتماعي المناسب، كما ستبتعد عن العمل المباشر.

وتأتي هذه الإصابة بعد كشفٍ سابق عن إصابة أسماء الأسد (48 عاماً) بورم خبيث في الثدي في آب/أغسطس 2018. حينها، تم اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، وخضعت للعلاج في أحد المستشفيات العسكرية في دمشق.

البيان ذكر، أن أعراض وعلامات سريرية ظهرت تبعتها سلسلة من الفحوصات تم تشخيص إصابتها بمرض الابيضاض النقوي الحاد (لوكيميا). 

شكوك في الرواية

بالتزامن مع إعلان دمشق عن إصابة أسماء الأسد بمرض سرطان الدم (اللوكيميا)، نشرت مواقع إعلامية محلية – لم يتأكد “الحل نت” من صحة المعلومة – عن وصول الأسد، زوجة الرئيس السوري، إلى العاصمة البريطانية لندن عبر طائرة خاصة.

خضعت أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري، بشار الأسد، للعلاج من سرطان الثدي، حسبما أعلنت الرئاسة السورية في وقت سابق. (تصوير: لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية)
خضعت أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري، بشار الأسد، للعلاج من سرطان الثدي، حسبما أعلنت الرئاسة السورية في وقت سابق. (تصوير: لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية)

ووفقًا لما نشرته صحيفة “جسر”، فقد وصلت أسماء الأسد إلى لندن برفقة ابنتها زين، مما أثار الكثير من التكهنات والشكوك حول حقيقة إصابتها بالسرطان. 

المصادر التي نقلت عنها الصحيفة، لاحظت أن أسماء كانت في حالة صحية جيدة قبل أيام، مما يرجّح أن سفرها قد يكون جزءاً من صفقة سياسية بين الرئيس السوري وبعض الأطراف العربية أو الدولية خلال القمة العربية الأخيرة في المنامة.

هذا التطور المفاجئ إن صح، يثير الكثير من التساؤلات حول حقيقة إصابة السيدة الأولى، وما إذا كان الإعلان عن مرضها مجرد ستار لخطوات سياسية أخرى. 

شخصية جدلية

أسماء الأسد تحمل شهادة جامعية من “كينغز كولدج” في لندن، ووالدها هو طبيب القلب البريطاني فواز الأخرس، بينما والدتها هي الدبلوماسية السورية المتقاعدة سحر عطري. وقد ولدت وترعرعت زوجة الرئيس السوري في بريطانيا قبل أن تعود إلى سوريا وتلتقي بالرئيس بشار الأسد، ليتزوجا منذ 24 عاماً ويُنجبا ثلاثة أبناء هم حافظ وزين وكريم.

قبل اندلاع الاحتجاجات السورية عام 2011، كانت أسماء الأسد محط أنظار الإعلام الغربي الذي أشاد بأناقتها وثقافتها، إلا أن صمتها إزاء النزاع في بلادها قسّم السوريين حولها.

في محاولة لتسويق نفسها كالوجه الحضاري والإصلاحي لنظام أسرتها، أسست زوجة الرئيس السوري بشار الأسد في العام 2007 “الأمانة السورية للتنمية”، وهي إحدى الجمعيات الخيرية النادرة التي تنشط في مناطق سيطرة الحكومة السورية.

غالباً ما تظهر أسماء الأسد في مقاطع فيديو وصور وهي ترعى أنشطة اجتماعية، بينها لقاءات مع عائلات القتلى والجرحى أو تكريم طلاب وزيارة جمعيات. هذه الصورة الإنسانية والاجتماعية للسيدة الأولى تحاول أن تخفف من حدة الانتقادات الموجهة لنظام زوجها.

على الرغم من محاولاتها للظهور بمظهر المرأة الحضارية والمهتمة بالشأن الاجتماعي، إلا أن صمت زوجة الأسد إزاء الانتهاكات التي ارتكبها الجيش والقوى الأمنية ضد الشعب السوري قسّم الرأي العام حولها.

وفرضت الولايات المتحدة في حزيران/يونيو 2020 عقوبات على زوجة الأسد، من ضمن عشرات الأشخاص والكيانات المرتبطة بحكومة دمشق، مع دخول قانون “قيصر” حيّز التنفيذ. 

وكانت تلك أول مرة تستهدف فيها الأسد بعقوبات أميركية. وقال وزير الخارجية الأميركي حينها مايك بومبيو في بيان، إنها وبدعم من زوجها وعائلة الأخرس، “أصبحت بين أشهر المتربّحين من الحرب في سوريا”.

وتشير تقارير إعلامية بين الحين والآخر إلى دور متصاعد لأسماء الأسد في قطاعات عدة في سوريا بينها قطاع الاتصالات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات