في خضم الجدل المحتدم حول مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين كندا وسوريا، تتصاعد الأصوات المطالبة باستئناف الحوار بين البلدين بعد سنوات من القطيعة؛ تلك الدعوات التي باتت تكسر حاجز الصمت، تأتي في ظل تغيرات جيوسياسية كبرى تشهدها المنطقة، وتطلعات متزايدة لاستعادة العلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين.

ووسط هذا الجدل الدائر، تسربت معلومات عن احتمالية افتتاح السفارة الكندية في دمشق قريبًا، بعد أن ظلت مغلقة لسنوات عديدة بسبب الأزمة السورية المستمرة. هذه الخطوة المحتملة، إن حدثت، ستمثل نقطة تحول في سياسة كندا تجاه النظام السوري، والتي كانت تقوم على مقاطعته دبلوماسيًا واقتصاديًا منذ اندلاع الاحتجاجات في عام 2011.

في المقابل، تؤكد مصادر رسمية كندية أن أي قرار باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق سيكون مرهونًا بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بشأن سوريا، والذي يدعو إلى حل سياسي للأزمة يضمن انتقالاً ديمقراطيًا وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف دولي. هذا التناقض في المواقف يثير تساؤلات حول مستقبل سياسة كندا الخارجية تجاه ملف سوريا الشائك.

إشاعات أم حقيقة؟

في الآونة الأخيرة، تسربت أنباء عن احتمالية افتتاح السفارة الكندية في دمشق بعد إغلاقها لسنوات طويلة بسبب الأزمة السورية. هذه الأنباء، التي لم يتم التأكد من صحتها بعد، أثارت موجة من الجدل والتكهنات حول مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين كندا وسوريا.

روائح كريهة ومزعجة بعد ضربة إسرائيلية لأطراف دمشق ما القصة؟ (3)
صورة التقطت في 31 مارس/آذار 2024، تظهر منظرًا عامًا لمدينة حلب كما يظهر من القلعة في شمال سوريا، خلال شهر رمضان. (تصوير لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية)

من جهة، يرى البعض أن هذه الأنباء قد تكون مجرد إشاعات مغرضة تهدف إلى إثارة البلبلة والتشويش على الموقف الكندي الرسمي تجاه الحكومة السورية. حيث أكدت كندا مرارًا التزامها بعدم استئناف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق إلا بعد تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 والتوصل إلى حل سياسي يضمن مستقبل سوريا الديمقراطي.

من ناحية أخرى، يعتقد البعض الآخر أن هذه الأنباء قد تكون محاولة لاختبار ردة الفعل الدولية والشعبية تجاه فكرة استئناف العلاقات مع دمشق. حيث تسعى بعض الأطراف إلى استكشاف إمكانية إعادة التواصل مع الحكومة السورية في ظل التغيرات الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة والمصالح الاقتصادية المتنامية.

بحسب حديث مقتضب للمحلل السياسي، محمد عبيد، لـ”الحل نت”، فإنه لا يزال الغموض يلف مصدر هذه الأنباء وأهدافها الحقيقية. لكن من المؤكد أن أي قرار باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين كندا وسوريا سيكون له انعكاسات كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي، وسيتطلب حوارًا وتنسيقًا مكثفًا مع جميع الأطراف المعنية لضمان استقرار المنطقة وحماية حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية.

العلاقات السورية – الكندية

رد كندا على الصراع في سوريا، فإنها ترى أن الصراع الدائر في سوريا أثار أسوأ أزمة إنسانية في العالم اليوم. ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج 13.1 مليون شخص داخل سوريا إلى مساعدة عاجلة، بما في ذلك 6.1 مليون نازح داخليا. 

قرر الاتحاد الأوروبي تمديد العقوبات الحالية المفروضة على الحكومة السورية – إنترنت

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 250 ألف شخص لقوا حتفهم في الصراع، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الجرحى. وقد لجأ أكثر من 5.5 مليون سوري إلى الدول المجاورة مثل مصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا. وقام آلاف آخرون بالرحلة المروعة إلى أوروبا بحثاً عن حياة أفضل.

ترى الحكومة الكندية أنها ساهمت في مختلف الجهود الدولية المبذولة لدعم الشعب السوري، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة. وحتى الآن، خصصت كندا أكثر من مليار دولار أميركي كمساعدات إنسانية وتنموية وأمنية استجابة للأزمة السورية.

في عام 2023، خصصت كندا 178.29 مليون دولار لتمويل المساعدات الإنسانية لسوريا والمنطقة. وفي عام 2016، أعلن رئيس الوزراء جاستن ترودو عن استراتيجية كندا الجديدة لمعالجة الأزمات المستمرة في العراق وسوريا، بما في ذلك زيادات أخرى على مدى السنوات الثلاث المقبلة في مجال الأمن والاستقرار والمساعدات الإنسانية والتنموية في كندا.

حتى الآن، سفارة كندا في لبنان، هي القائمة على تقديم الدعم القنصلي وغيره من أشكال الدعم في جميع أنحاء سوريا، ويجب على الكنديين الموجودين في سوريا وأقاربهم الذين يسعون للحصول على معلومات الاتصال بمركز مراقبة الطوارئ والاستجابة في أوتاوا أو مراجعة السفارة في بيروت.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات