في تطور دراماتيكي للصراع الإسرائيلي-الإيراني، نفذت إسرائيل فجر اليوم السبت، هجوماً جوياً محدوداً على إيران، مستخدمة أكثر من 100 طائرة، بينها مقاتلات إف-35 ومسيّرات، في عملية استغرقت أربع ساعات.
استهدفت الضربات الإسرائيلية منشآت عسكرية ومصانع أسلحة في ثلاث محافظات إيرانية: طهران وخوزستان وإيلام، متجنبة المواقع النووية والمدنية ومنشآت النفط، في رسالة واضحة لضبط التصعيد.
يأتي هذا الهجوم بعد 26 يوماً من الهجوم الإيراني على إسرائيل بـ180 صاروخاً، ليفتح صفحة جديدة في تاريخ المواجهة بين البلدين، وسط مخاوف دولية من تصاعد الصراع.
تفاصيل العملية العسكرية
إسرائيل نفذت هجومها عبر ثلاث موجات متفرقة، استهدفت عشرين موقعاً عسكرياً، شملت منظومات الصواريخ أرض-جو وأرض-أرض والقدرات الجوية الإيرانية، وفق ما أعلنه المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري، في عملية بدأت الساعة الثانية فجراً وانتهت في الخامسة والنصف صباحاً.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، كشفت أن العملية بدأت بتمهيد جوي استهدف بطاريات الدفاع الجوي والرادارات في سوريا والعراق، قبل توجيه الضربة الرئيسية نحو العمق الإيراني، حيث استهدفت مواقع تخزين الصواريخ والمسيّرات ومنشآت إنتاج الأسلحة.
أدار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العملية من قاعدة سلاح الجو في تل أبيب، محاطاً بكبار القادة العسكريين والأمنيين، بمن فيهم وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيسا الموساد والشاباك، في إشارة إلى أهمية العملية وحساسيتها.
مصادر عسكرية إسرائيلية أكدت نجاح جميع الطائرات المشاركة في العملية في العودة بسلام إلى قواعدها، مشيرة إلى دقة الاستهداف وتحقيق الأهداف المرسومة، في حين أقر الدفاع الجوي الإيراني بتعرض مراكز عسكرية في المحافظات الثلاث للقصف.
الدبلوماسية والتحذيرات المسبقة
كشف موقع “أكسيوس” الأميركي عن خطوة دبلوماسية لافتة، حيث أرسلت إسرائيل تحذيراً مسبقاً إلى إيران عبر قنوات متعددة، موضحة الأهداف التي ستضربها والمواقع التي ستتجنبها، في محاولة واضحة لمنع التصعيد غير المحسوب.
لعب وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب دوراً محورياً في نقل الرسائل، حيث أجرى اتصالاً مع نظيره الإيراني قبل ساعات من الهجوم، داعياً إلى ضبط النفس ومنع التصعيد، في إشارة إلى وجود قنوات خلفية للتواصل بين الطرفين.
اتسمت العملية بالدقة في اختيار الأهداف، حيث تجنبت إسرائيل استهداف المنشآت النووية والمدنية ومواقع النفط، في رسالة واضحة بأن الهدف هو الرد المحدود وليس التصعيد الشامل، وفق ما أكدته مصادر دبلوماسية غربية.
تشير التقديرات الاستراتيجية إلى أن الطرفين حريصان على تجنب الانزلاق نحو حرب شاملة، رغم حدة التصعيد، وهو ما يفسر حرص إسرائيل على إرسال تحذيرات مسبقة وتحديد نطاق الاستهداف بدقة.
استجابت إيران للرسائل الإسرائيلية بضبط النفس النسبي في الرد الأولي، مكتفية بإعلان تعرض مواقعها للقصف، دون إطلاق تهديدات فورية بالرد، مما يشير إلى رغبة الطرفين في احتواء التصعيد في هذه المرحلة.
مرحلة جديدة من الصراع
قال محللون لصحيفة “نيويورك تايمز”، إن الهجوم الانتقامي الذي شنته إسرائيل على إيران صباح السبت يمثل بداية مرحلة جديدة وأكثر خطورة في الصراع المستمر منذ سنوات بين البلدين، لكن يبدو أنه، على الأقل في الوقت الحالي، لم يصل إلى حد إثارة حرب شاملة.
كان الهجوم هو المرة الأولى التي تعترف فيها إسرائيل علناً بتنفيذ عملية عسكرية داخل إيران، بعد سنوات من الصمت الاستراتيجي بشأن الاغتيالات وأعمال التخريب التي تقوم بها على الأراضي الإيرانية. وكان أيضاً هجوماً نادراً من قبل قوة جوية أجنبية في إيران منذ حربها مع العراق في ثمانينيات القرن العشرين.
ورغم أن الهجوم كان لحظة مهمة، فإنه لم يستفز إيران على الفور للتهديد بالانتقام، مما خفف المخاوف من أن اثنين من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط على وشك الدخول في صراع لا يمكن السيطرة عليه.
قالت إيلي جيرانمايه، الخبيرة في شؤون إيران في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهي مجموعة بحثية مقرها برلين: “لقد تحولت سنوات الحرب الخفية إلى صراع مفتوح بالكامل – وإن كان صراعًا مُدارًا، في الوقت الحالي”. وأضافت: “يمكن لطهران أن تبتلع هذه الضربات ضد المنشآت العسكرية، دون الرد بطريقة تدعو إلى مزيد من العمل الإسرائيلي”.
وبعد أسابيع من الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة لتقليص نطاق هجومها، تجنبت إسرائيل ضرب مواقع تخصيب نووي حساسة ومرافق إنتاج النفط ردا على سلسلة الصواريخ الباليستية الكبيرة التي أطلقتها إيران على إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر.
لسنوات عديدة خاضت الدولتان حرباً سرية، حيث عمل كل طرف على تقويض مصالح الطرف الآخر وتقديم الدعم لخصوم الطرف الآخر، في حين نادراً ما يتحمل المسؤولية عن هجماته. وتحول هذا الصراع السري إلى مواجهة مفتوحة عندما اندلعت الحرب العام الماضي بين إسرائيل وحماس، حليفة إيران في غزة.
- المعارضة تتقدم بمحيط مدينة حماة.. ما خطة الفصائل؟
- توقف العملية العسكرية على القرى السبع.. واستهداف أنظمة عسكرية في دير الزور
- الأسد تحت الضغط مع تحقيق المعارضة مكاسب ميدانية: التنحي على الأبواب!
- إغلاق طرقات وفصل أحياء عن دمشق.. ماذا يجري جنوب العاصمة؟
- تبدلات واتهامات في مواقف موسكو وواشنطن تجاه سوريا.. وهذا موقف مصر
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.