في تطور دراماتيكي للصراع الإسرائيلي-الإيراني، نفذت إسرائيل فجر اليوم السبت، هجوماً جوياً محدوداً على إيران، مستخدمة أكثر من 100 طائرة، بينها مقاتلات إف-35 ومسيّرات، في عملية استغرقت أربع ساعات.

استهدفت الضربات الإسرائيلية منشآت عسكرية ومصانع أسلحة في ثلاث محافظات إيرانية: طهران وخوزستان وإيلام، متجنبة المواقع النووية والمدنية ومنشآت النفط، في رسالة واضحة لضبط التصعيد.

يأتي هذا الهجوم بعد 26 يوماً من الهجوم الإيراني على إسرائيل بـ180 صاروخاً، ليفتح صفحة جديدة في تاريخ المواجهة بين البلدين، وسط مخاوف دولية من تصاعد الصراع.

تفاصيل العملية العسكرية

إسرائيل نفذت هجومها عبر ثلاث موجات متفرقة، استهدفت عشرين موقعاً عسكرياً، شملت منظومات الصواريخ أرض-جو وأرض-أرض والقدرات الجوية الإيرانية، وفق ما أعلنه المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري، في عملية بدأت الساعة الثانية فجراً وانتهت في الخامسة والنصف صباحاً.

ظهر صفحة على موقع Flightradar24، تظهر الرحلات الجوية التجارية حول المجال الجوي الإيراني. علّقت إيران في 26 أكتوبر/تشرين الأول جميع الرحلات الجوية حتى إشعار آخر، حسبما أعلنت هيئة الطيران، بعد أن أعلنت إسرائيل عن شنها ضربات في البلاد. (الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية)

صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، كشفت أن العملية بدأت بتمهيد جوي استهدف بطاريات الدفاع الجوي والرادارات في سوريا والعراق، قبل توجيه الضربة الرئيسية نحو العمق الإيراني، حيث استهدفت مواقع تخزين الصواريخ والمسيّرات ومنشآت إنتاج الأسلحة.

مصادر عسكرية إسرائيلية أكدت نجاح جميع الطائرات المشاركة في العملية في العودة بسلام إلى قواعدها، مشيرة إلى دقة الاستهداف وتحقيق الأهداف المرسومة، في حين أقر الدفاع الجوي الإيراني بتعرض مراكز عسكرية في المحافظات الثلاث للقصف.

الدبلوماسية والتحذيرات المسبقة

كشف موقع “أكسيوس” الأميركي عن خطوة دبلوماسية لافتة، حيث أرسلت إسرائيل تحذيراً مسبقاً إلى إيران عبر قنوات متعددة، موضحة الأهداف التي ستضربها والمواقع التي ستتجنبها، في محاولة واضحة لمنع التصعيد غير المحسوب.

في هذه الصورة المتداولة التي قدمها المكتب الصحفي للمرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي يقف المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي حاملاً بندقية أثناء إمامته لصلاة الجمعة في مسجد مصلى الإمام الخميني في 04 أكتوبر/تشرين الأول 2024 في طهران، إيران. (الصورة من المكتب الصحفي للمرشد الإيراني - غيتي)
في هذه الصورة المتداولة التي قدمها المكتب الصحفي للمرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي يقف المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي حاملاً بندقية أثناء إمامته لصلاة الجمعة في مسجد مصلى الإمام الخميني في 04 أكتوبر/تشرين الأول 2024 في طهران، إيران. (الصورة من المكتب الصحفي للمرشد الإيراني – غيتي)

لعب وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب دوراً محورياً في نقل الرسائل، حيث أجرى اتصالاً مع نظيره الإيراني قبل ساعات من الهجوم، داعياً إلى ضبط النفس ومنع التصعيد، في إشارة إلى وجود قنوات خلفية للتواصل بين الطرفين.

اتسمت العملية بالدقة في اختيار الأهداف، حيث تجنبت إسرائيل استهداف المنشآت النووية والمدنية ومواقع النفط، في رسالة واضحة بأن الهدف هو الرد المحدود وليس التصعيد الشامل، وفق ما أكدته مصادر دبلوماسية غربية.

تشير التقديرات الاستراتيجية إلى أن الطرفين حريصان على تجنب الانزلاق نحو حرب شاملة، رغم حدة التصعيد، وهو ما يفسر حرص إسرائيل على إرسال تحذيرات مسبقة وتحديد نطاق الاستهداف بدقة.

استجابت إيران للرسائل الإسرائيلية بضبط النفس النسبي في الرد الأولي، مكتفية بإعلان تعرض مواقعها للقصف، دون إطلاق تهديدات فورية بالرد، مما يشير إلى رغبة الطرفين في احتواء التصعيد في هذه المرحلة.

مرحلة جديدة من الصراع

قال محللون لصحيفة “نيويورك تايمز”، إن الهجوم الانتقامي الذي شنته إسرائيل على إيران صباح السبت يمثل بداية مرحلة جديدة وأكثر خطورة في الصراع المستمر منذ سنوات بين البلدين، لكن يبدو أنه، على الأقل في الوقت الحالي، لم يصل إلى حد إثارة حرب شاملة.

العميد إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، يصرخ بشعارات معادية لإسرائيل والولايات المتحدة أثناء حضوره مراسم تشييع جثمان الجنرال عباس نيلفوروشان، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مقر حزب الله اللبناني في إحدى ضواحي بيروت، في طهران، إيران، في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2024. (تصوير مرتضى نيكوبازل/ نور فوتو)

كان الهجوم هو المرة الأولى التي تعترف فيها إسرائيل علناً بتنفيذ عملية عسكرية داخل إيران، بعد سنوات من الصمت الاستراتيجي بشأن الاغتيالات وأعمال التخريب التي تقوم بها على الأراضي الإيرانية. وكان أيضاً هجوماً نادراً من قبل قوة جوية أجنبية في إيران منذ حربها مع العراق في ثمانينيات القرن العشرين.

قالت إيلي جيرانمايه، الخبيرة في شؤون إيران في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهي مجموعة بحثية مقرها برلين: “لقد تحولت سنوات الحرب الخفية إلى صراع مفتوح بالكامل – وإن كان صراعًا مُدارًا، في الوقت الحالي”. وأضافت: “يمكن لطهران أن تبتلع هذه الضربات ضد المنشآت العسكرية، دون الرد بطريقة تدعو إلى مزيد من العمل الإسرائيلي”.

وبعد أسابيع من الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة لتقليص نطاق هجومها، تجنبت إسرائيل ضرب مواقع تخصيب نووي حساسة ومرافق إنتاج النفط ردا على سلسلة الصواريخ الباليستية الكبيرة التي أطلقتها إيران على إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر.

لسنوات عديدة خاضت الدولتان حرباً سرية، حيث عمل كل طرف على تقويض مصالح الطرف الآخر وتقديم الدعم لخصوم الطرف الآخر، في حين نادراً ما يتحمل المسؤولية عن هجماته. وتحول هذا الصراع السري إلى مواجهة مفتوحة عندما اندلعت الحرب العام الماضي بين إسرائيل وحماس، حليفة إيران في غزة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات