تسيطر التطورات الهائلة في سوريا على مجمل الأوضاع في المنطقة، وأصبح الملف السوري على رأس أولويات النقاش السياسي، نظرا لتداعياته المختلفة على المنطقة في أبعادها الاستراتيجية والأمنية، لا سيما وأن الاحتمالات والآفاق السياسية لم ترتسم بعد حدودها، ولا تزال قائمة على نهايات ومآلات عديدة.

وعقد وزراء خارجية ومسؤولون من الشرق الأوسط والولايات المتحدة وأوروبا اجتماعا في العاصمة السعودية الرياض، أمس الأحد، ونوقش خلاله الوضع في سوريا، ضمن إطار جهود تحقيق الاستقرار بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

واللافت، أن الدولة المصرية شددت مجددا، خلال “اجتماع الرياض”، على ضرورة “عدم إيواء العناصر الإرهابية” على الأراضي السورية، داعية إلى تضافر الجهود الدولية لمنع تحول سوريا إلى “مصدر تهديد للاستقرار في المنطقة” أو مركزا “للجماعات الإرهابية”.

موقف مصر بشأن سوريا

الموقف المصري جاء على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، خلال كلمته أمام الاجتماع الوزاري العربي الموسع حول سوريا، في العاصمة السعودية الرياض.

وزير الخارجية المصري خلال حضوره اجتماعات الرياض حول سوريا – “رويترز”

واستعرض الوزير المصري خلال كلمته، الموقف المصري الذي يدعو إلى “ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية واحترام سياستها، ودعم مؤسساتها الوطنية”.

ودعا الوزير المصري بضرورة “تبني عملية سياسية شاملة بملكية سورية خالصة بكل مكونات المجتمع السوري وأطيافه، ودون إقصاء لأي قوى أو أطراف سياسية واجتماعية لضمان نجاح العملية الانتقالية، واعتماد مقاربة جامعة لكافة القوى الوطنية السورية، تتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254”.

“مخاوف مصرية”

من المهم القول إن المرحلة الجديدة بسوريا، تتطلب جهودا وازنة من الأطراف المنخرطة في العملية السياسية، حتى لا تتحول المنطقة إلى ترسانة سلاح في يد محور مماثل لطهران، يساهم في رفع درجة الاحتقان والصراع بالإقليم.

كذلك، ومع سقوط نظام الأسد، ووصول فصائل “المعارضة السورية” بقيادة “هيئة تحرير الشام”، عاد الحديث مجددا عن نقاشات قد انطوت صفحتها في مرحلة صعود الإسلام السياسي بعد “الربيع العربي”، والتمكين السياسي الذي سرعان ما انحسر وأخفق في مصر وتونس والمغرب وقد عرف بـ”عشرية سوداء”.

وهذه النقاشات ترافقها استقطابات حادة على المستوى الإقليمي بين المحاور التي بعضها يرفض صعود القوى الإسلاموية ويرى في تمكينها السياسي مخاطر جمة، والبعض الآخر، تبدو ورقة في يده لإدارة مصالحه السياسية والإقليمية والتفاوض بها ميدانيا وتحقيق أجندته.

وبالتالي، فإذا انفرد الحكام الجدد في دمشق بالسلطة من دون عملية انتقال سياسي سلمي على أسس قانونية ودستورية وبناء على عقد اجتماعي جديد تشارك فيه القوى الوطنية والمجتمعية كافة من كل المكونات، فإن ذلك سيثير تحفظات إقليمية جمّة، ومخاوفها، فضلا عن رفضها هذا النمط. ومن أبرز تلك القوى الإقليمية، هي مصر والإمارات.

وظهور أحد الشخصيات المصرية (محمود فتحي) المصنفة على قوائم الإرهاب ومتورط في جرائم عنف، إلى جوار أحمد الشرع المكنى بأبو محمد الجولاني، خلال الفترة الماضية، أثار غضب قطاعات واسعة من المصريين، فضلا عن النخب السياسية والبرلمانية والإعلامية.

https://twitter.com/BakryMP/status/1868965366715633801

وقد تواصلت مصر مع الحكام الجدد في دمشق بشكل متأخر نسبيا مقارنة ببقية الدول العربية الأخرى في المنطقة، وذلك من خلال اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية في 31 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بالإضافة إلى ذلك، لم تحدث حتى الآن زيارات رسمية بين القاهرة ودمشق.

تعليق الرحلات الجوية مع سوريا

وفي وقت سابق وبعد سقوط نظام الأسد، أصدرت سلطات الطيران المدني في مصر، قرارا بمنع دخول السوريين القادمين من مختلف دول العالم، دون الحصول على التصريحات اللازمة من الجهات المعنية.

وقال مصدر خاص من “السورية للطيران”، في الثامن من الشهر الجاري، لـ”الحل نت” إن دولة مصر علقت رحلاتها الجوية من وإلى سوريا.

وأضاف المصدر الخاص من “الخطوط الجوية السورية” الذي رفض الكشف عن هويته، أن سبب إلغاء الرحلات من وإلى مصر يعود لأسباب سياسية، إذ يبدو أن القاهرة غير راغبة للتعاون بشكل مباشر مع الحكام الجدد في دمشق.

ولم يتم الإعلان رسميا حتى الآن عن قرار مصر بوقف الرحلات الجوية من وإلى سوريا، لكن قد يتم الإعلان عنه في أي لحظة.

وجاء هذا الخبر، بعد إعلان الشركة “السورية للطيران” عن إلغاء رحلاتها الجوية من وإلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

وبالعودة إلى المصدر الخاص في “السورية للطيران”، أكد لـ”الحل نت” أن مصر والإمارات غير راضيتين عن التعامل المباشر مع القيادة الجديدة في دمشق، ولذلك توقفتا عن التعامل المباشر معهم في الوقت الحالي.

وأشار المصدر ذاته إلى أن توقف الرحلات الجوية، “مبدئيا” سيكون لشهر آذار/مارس المقبل، وهي مدة انتهاء سلطة حكومة تصريف الأعمال السورية، أي بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني المرتقب وتشكيل حكومة انتقالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات