جدل كبير تشهده منصات التواصل الاجتماعي، حول الدعوات التي نشرها بعض المؤثرين والإنفلونسرز بما يخص مؤتمر الحوار الوطني السوري، حيث عبر الكثير من النقاد عن غضبهم وانزعاجهم من توجيه دعوات إلى “اليوتيوبرز” و”التيكتوكرز” لحضور المؤتمر الأهم في سوريا الجديدة، منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، فما القصة؟
انزعاج سوري من دعوة الإنفلونسرز: “أعمارهم لا تتعدى الـ 20 عاما”
بدأت القصة، من خلال نشر البعض ممن يعرفون بالإنفلونسرز لدعوات وصلت إليهم تتعلق بالمؤتمر الوطني للحوار السوري، ومنهم مثلا، المؤثرة الشابة ماسة قنوع، واليوتيوبر آدم كادورة، عبر حسابتهم الخاصة بخاصية “الستوري”، لتعم بعدها الانتقادات الحادة، من قبل صحفيين وناشطين سوررين بارزين، من دعوة هذه الفئة لحضور مؤتمر الحوار الوطني السوري، خاصة وأن بعضهم في أوائل العشرينيات من العمر، وبعضهم لم يبلغ الـ 20 ربيعا بعد، على حد قول المنتقدين.

الناشطة السورية يمان دالاتي قالت وهي منزعجة من خلال تغريدة عبر حسابها بمنصة “إكس” التالي: “غير مفهوم دعوة إنفلونسرز لا تتجاوز أعمارهم الـ 20 سنة إلى مؤتمر الحوار الوطني، لا سيما وإن كانوا من عائلات شبّحت للأسد طويلا”، وأردفت: “مثلا ماسة قنوع التي نشرت عبر صفحتها دعوة اللجنة، من مواليد عام 2000 ولا زالت طالبة جامعية (مصممة غرافيك) وهي ابنة الممثل محمد قنوع”، منسائلة: “بناء على ماذا دُعيت؟”.
الصحفي سالم أبو السعود، عبر عن انزعاجه بطريقة ساخرة، من خلال تغريدتين مقتضبتين، جاء في الأولى: “مؤتمر حوار التكتورجية في دمشق للوصول إلى دولة تيكتوكية لجميع التكاتكة السوريين”، أما في الثانية، فقال: “عزيزي السوري.. لحتى نعملك دعوة على مؤتمر الحوار الوطني، لازم تكون مشهور وعندك فانزات كتير.. ما مهم شو ضحّيت وخسرت بسبب دعمك للثورة، المهم شو جمّعت فانزات من ورا المسخرة والموضة”.
ماجد عبد النور، عضو اتحاد الصحفيين السوريين، قال في تدوينة عبر جداريته بمنصة “فيسبوك”، إن الأولوية في مؤتمر الحوار الوطني السوري للوطنيين من أهل السياسة والقانون والاقتصاد والفاعلين الحقيقيين في المجتمع، مضيفا بأن التوصيات أو المقترحات أو المخرجات التي ستنتج عن هذا المؤتمر؛ تحتاج إلى مدخلات سليمة يقدمها أهل الاختصاص والمعرفة لمعالجة المشاكل بطريقة صحيحة ووضع تصورات حقيقية يُبنى عليها لمسودة الدستور والعدالة الانتقالية”، مؤكدا، أن “نجاح الأمر يتعلق بأصحاب الكفاءة لا بأصحاب الشهرة”.
الأكيد، أن الانتقادات لم تأتِ من فراغ، فهي جاءت لأجل المصلحة السورية العامة، فمؤتمر بحجم الحوار الوطني، لم يعقد مثله منذ 7 عقود ونصف، تحديدا منذ عام 1950، ليس من المنطقي أن تعطى فيه الأولوية للإنفلونسرز واليوتيوبرز على حساب الكفاءات، فمخرجاته هي من ستحدد مستقبل البلاد، وهذه المخرجات يحددها أهل الخبرة، لا اليوتيوبرية من المراهقين والشباب الذي لا يعرف شيئا عن السياسة والاقتصاد.
توضيحات عقب الانتقادات.. فهل كانت مقنعة؟
عقب هذه الانتقادات اللاذعة، خرجت توضيحات من الجهات المعنية بشأن الدعوات لمؤتمر الحوار الوطني السوري، ومن بينها، تغريدة من قبل محمد الخالد، موظف في وزارة الخارجية السورية، قال فيها: “أتمنى أن نبحث وأن نفهم أكثر ما يحصل قبل إصدار الأحكام أو الانتقادات، الإنفلونسرز لم توجه لهم دعوات لمؤتمر الحوار الوطني، ولم توجه أي دعوة لأي أحد حتى الآن.. أما الدعوات المنتشرة، فهي دعوة لجنة المؤثرين في وزارة الإعلام للإنفلونسرز للقاء مع بعض أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر فقط”.
من جهته، نشر حسن الدغيم، المتحدث بإسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، بيانا توضيحيا قال فيه: “تتعاون اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، وفي سبيل الاستماع والنقاش المفتوح مع المواطنين للتعاون مع كثير من النشطاء والفرق التطوعية، على تنسيق جلسات استماع وحوار مع المواطنين السوريين، حول مسارات الحوار الوطني، وتُرْسَل دعوات وبطاقات حضور من قبل المتطوعين والمنسقين لكثير من الشرائح الاجتماعية لحضور هذه الجلسات المفتوحة”.
وأضاف الدغيم: “ننوه أن هذه الدعوات المتداولة والتي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي، ليست الدعوات الرسمية لحضور مؤتمر الحوار الوطني، والكثير منها يتم فبركته، وإنما هي اجتهادات في التصميم والإرسال من قبل الفرق التطوعية”، مختتما: “وبهذا الصدد نؤكد، أنه حتى الآن لم يتم توجيه أي دعوة رسمية لأي مواطن لحضور مؤتمر الحوار الوطني”.
رغم هذه التوضيحات التي صدرت، إلا أن البعض لم يقتنع بها، فمثلا قالت الصحفية ندى الزعبي في تدوينة عبر حسابها بمنصة “فيسبوك” التالي: “طبعا دعوات الاجتماع للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني صحيحة، ويلّي طلع يقول مو صحيحة هو كذاب كذاب كذاب”، في إشارة منها إلى حسن الدغيم.
وأردفت في ردها على توضيح الدغيم: “يعني كيف اجتهادات في التصميم والإرسال من قبل الفرق التطوعية؟ معناها هو عارف إنه في دعوات لكن اجتهادات من الفرق التطوعية”، متسائلة: “بعدين ليش الفرق بتقدر تعمل هيك شي من راسها وبدون أوامر من الجهات المعنية؟”.

لاحقا، نشر بعض الإنفلونسرز واليوتيوبرز، تدوينات تتناغم مع توضيح الدغيم، ومنهم اليوتيوبرز آدم كادورة، حيث قال: “تمت دعوتي لاجتماع اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري.. كتير ناس عبالها إنو هي دعوة المؤتمر ولكن لا، هاد اجتماع لجنة تحضيرية من خلالو رح يتم مناقشة أفكار وقضايا مجتمعية، سياسية، اقتصادية ودستورية.. المؤتمر ما تم تحديد المدعويين إلو لسّا”.
وتابع كادورة موضّحا: “من خلال هذا الاجتماع، رح يتم انتقاء شخصيات عاملة مؤثرة على الأرض لها فكر سياسي أو اقتصادي أو ديني حر، وسيتم دعوتها لمؤتمر الحوار الوطني السوري لتمثل بقية شرائح المجتمع في البلد”.
هذا الارتباك في التوضيحات، التي لا تنفي الدعوات الموجهة للإنفلونسرز واليوتيوبرز، وتحاول تأطيرها في خانة اجتماع تحضيري، لا يعبر إلا عن فوضى واضحة داخل مسار اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وترسم المشهد للقارئ بأن ما يجري هو لأجل مصالح غير عامة، وربما لمصالح شخصية، فالعلاقات والمحسوبية بالدعوات الموجهة قد تشي بأن مستقبل البلاد ربما يبنى من خلال “الواسطات”، وإلا ما علاقة اليوتيوبرية بمؤتمر سياسي معني بمستقبل أُمّة بأكملها؟ وبالتالي فإن النقد الحاصل ضروري لتصحيح المسار قبل البدء بتعبيد الطريق نحو المصالح الثانوية على حساب المصلحة السورية.
مؤتمر الحوار الوطني السوري وأهميته
في 11 شباط/ فبراير الجاري، وبحسب وكالة الأنباء السورية “سانا”، فإن الرئاسة السورية أصدرت قرارا بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني لبحث مستقبل البلاد، ووقع القرار الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ثم التقى الشرع في 12 شباط/ فبراير الحالي، بأعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، المتكونة من 5 رجال وسيّدتان، هم: حسن الدغيم، مصطفى موسى، ماهر علوش، يوسف الهجر، محمد مستت، هدى أتاسي، وهند قبوات،
وفي 13 شباط/ فبراير الجاري، عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني لمناقشة مستقبل سوريا، مؤتمرا صحفيا، وقال المتحدث الرسمي باسمها، حسن الدغيم، إن الدعوة للمؤتمر ستبدأ عندما تنضج عملية التواصل وإعداد الأوراق الأولية للتنفيذ، وأن الأعمال بين اللجنة ستكون موزعة على الصعد كافة، متمثلة بالتحضير أو التواصل أو زيارة المحافظات أو اللقاء بالمواطنين والنخب.
وفي البيان الأول الذي تلته عضو اللجنة هدى أتاسي، خلال المؤتمر الصحفي في مبنى وزارة الإعلام، أكدت اللجنة أن “المؤتمر يهدف إلى بحث القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، واضعا أسسا متينة لمستقبل يقوم على التوافق الوطني والعدالة والإصلاح والتمثيل الشامل”، وفق ما نقلته وكالة “سانا”.
كما واعتبر البيان، أن الحوار بدأ فعليا منذ سقوط نظام بشار الأسد، حيث شهدت مختلف المحافظات السورية حراكا مجتمعيا واسعا، تمثل في مئات الندوات الحوارية والاجتماعات المتخصصة، التي نظمتها المؤسسات الاجتماعية والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني.
اللجنة بدأت عقد جلسات حوارية في المحافظات السورية، انطلقت أولها من محافظة حمص ثم محافظات طرطوس واللاذقية وإدلب وحماة والسويداء ودرعا، لتصل خلال جدول زمني إلى كل المحافظات السورية، مع غموض يكتنف عقدها في مناطق “الإدارة الذاتية” بشمال وشرق سوريا، التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
واعتمدت اللجنة التحضيرية من خلال الاجتماعات في المحافظات، على لقاء الأكاديميين من أساتذة جامعات وأطباء ونشطاء سياسيين وإعلاميين وعاملين في مجال منظمات المجتمع المدني، بالإضافة لمن كان له الحضور المميز بين أبناء محافظته ومن أعيانها ووجهائها، ومناقشة أوراق العمل معهم ليتم تحديد الشخصيات التي سترشحها اللجنة لحضور المؤتمر.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم اللجنة التحضيرية للمؤتمر، حسن الدغيم، فإن توصيات المؤتمر ستكون مُنتظرة من قبل رئاسة الجمهورية التي ستستند من خلالها إلى الإعلان الدستوري أو البناء الدستوري القادم وما يتعلق بالعقد الاجتماعي والرؤية الاقتصادية.
ويُنتظر من مؤتمر الحوار الوطني السوري، إنشاء جمعية عمومية أو مجلس شعب مؤقت، لتكون جهة تشريعية ورقابية على الرئاسة والحكومة خلال الفترة الانتقالية، وتشرع القوانين وتراقب تطبيق الإعلان الدستوري المنتظر، بعد الإعلان عن حل الدستور في “مؤتمر النصر”، الذي عقد في أواخر كانون الثاني/ يناير المنصرم.
ومن الجدير بالذكر، أنه لم يتم تحديد موعد بعد لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي من المرتقب أن يضم أكثر من ألف شخص من مختلف شرائح المجتمع السوري، لكنهم سيتم دعوتهم بصفتهم الشخصية كأفراد، أي لا يمثّلون أي تكتل سياسي، كما أعلنت اللجنة التحضيرية للمؤتمر.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

لقاء سري برعاية أمير قطر: ماذا دار بين السوداني والشرع؟

محمد البشير: من حكومتي الإنقاذ وتصريف الأعمال إلى وزارة الطاقة.. السيرة الكاملة

أنس خطاب من قائمة “الإرهاب” لوزارة الداخلية.. إليكم تاريخ “الرجل الغامض”!

الشرع يصل الدوحة ويلتقي أمير قطر.. ماذا ناقشا؟
الأكثر قراءة

وفد من “رجال الكرامة” يلتقي وزير الدفاع بدمشق.. ومحافظ السويداء يزور الهجري والحناوي

وصفوها بأنها “كبرت”.. نادين نجيم تردّ بقوة على منتقديها

وسط تحديات رئيسية.. ما السيناريوهات المتوقعة للاقتصاد السوري؟

هل يمكن أن تلعب الإمارات دورًا محوريًا في تعافي الاقتصاد السوري؟

نجل ممثل مصري يدهس شاباً.. وسعد الصغير أمام القضاء من جديد!

نادين الراسي بـ “فستان النوم” في الشارع وتنتقد جرأتها.. ما القصة؟
المزيد من مقالات حول سياسة

13 هجوما لـ “داعش” في نيسان.. هل يستعيد التنظيم نشاطه؟

دبلوماسي بريطاني: الشرع يعتزم الاعتراف بإسرائيل نهاية 2026

محمد يسر برنية: خبير اقتصادي في قلب التحول السوري فهل ينجح؟

انتهاكات الساحل مستمرة.. و50 سيدة علوية في عداد المفقودين منذ مطلع العام الحالي

تحذير أميركي من “هجمات وشيكة” تستهدف السياح في سوريا.. التفاصيل الكاملة

“فورين بوليسي”: سوريا الجديدة تُدار مثل القديمة

رغم اعتذاره.. مطالب باستقالة وزير الثقافة بعد لقائه بـ المرسومي
