شهدت مناطق الساحل السوري، مطلع آذار/مارس، أحداثا دامية، شملت تصفيات فردية وجماعية ومجازر على أسس طائفية، راح ضحيتها مدنيين بينهم نساء وأطفال، في واحدة من أكثر الفترات دموية في تاريخ المنطقة.
ووفقا لما وثقه “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فقد بلغ عدد الضحايا الذين قُتلوا أو أُعدموا ميدانيا في الساحل السوري، والقرى والمناطق ذات الغالبية العلوية، 2161 ضحية، من ضمنها المجازر التي وثقها “المرصد السوري” في آذار/مارس الفائت في الساحل.
معظمهم في الساحل السوري
وتوزعت هذه الانتهاكات بين إعدامات ميدانية وعمليات قتل ممنهجة، وقعت في قرى ومناطق ذات الغالبية العلوية، وسط ضعف التغطية الإعلامية وغياب أي استجابة دولية فعّالة.

وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فإن عدد الضحايا الذين سقطوا منذ انهيار نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بلغ 2161 شخصا، توزعوا على عدة محافظات سورية، حيث سُجّلت 225 ضحية في حمص، و422 في حماة، و926 في اللاذقية، و588 في طرطوس.
وأشار “المرصد” إلى أن 486 ضحية قُتلوا في حوادث فردية وأخرى ارتُكبت من قبل مجموعات صغيرة بدوافع انتقامية، (لا تشمل المجازر الممنهجة التي شهدها الساحل السوري خلال آذار/مارس)، مؤكدا أن هذه الحصيلة تمّت تصفيتهم على خلفيات طائفية أو لانتماءاتهم السياسية.
كما وثّق “المرصد” مقتل 108 مدنيين، من بينهم نساء وأطفال، خلال الفترة الممتدة من تاريخ سقوط النظام وحتى نهاية عام 2024، ضمن سلسلة من الانتهاكات التي طالت سكان القرى ومناطق أخرى.
حصيلة مجازر الساحل
أما مجازر الساحل السوري، التي ارتُكبت بين يوم الخميس 6 آذار/مارس الماضي وحتى 14 نيسان/أبريل الجاري، فقد أسفرت عن مقتل 1676 مدنيا، بحسب ما تم توثيقه بالأسماء. وتعود هذه الحصيلة، وفق “المرصد السوري” إلى ضحايا عمليات التصفية التي تزامنت مع اندلاع الهجمات ضد القوى الأمنية والعسكرية هناك.
ويرى “المرصد السوري” إن استمرار الجرائم والانتهاكات دون محاسبة يفاقم معاناة المدنيين ويكرّس واقعا مأساويا يهدد بتصاعد الفوضى وانعدام الأمان في سوريا، هذه الأوضاع تستدعي تدخلا فوريا لمحاسبة مرتكبي الجرائم ووضع حد لحالة الانفلات الأمني التي تخيم على المشهد السوري.
كما دعا “المرصد السوري” لوقف الإعدامات الميدانية والانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها مسلحون في مناطق مختلفة، ويؤكد أن هذه الجرائم تمثل انتهاكا خطيرا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، وتؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين الذين يتحملون العبء الأكبر.
دمشق تتحمل “المسؤولية”
مطلع شهر نيسان/أبريل الجاري، أصدرت “منظمة العفو الدولية” (أمنستي)، تقريرا مفصلا دعت فيه الحكومة السورية إلى محاسبة مرتكبي موجة عمليات القتل الجماعي التي استهدفت المدنيين العلويين في المناطق الساحلية.
وشددت “العفو الدولية” على ضرورة اتخاذ خطوات فورية لضمان عدم استهداف أي شخص أو جماعة على أساس طائفتهم، مؤكدة أن الجرائم الأخيرة هي “جرائم حرب”.

وتضمن التقرير شهادات شهود عيان من سكان المناطق المتضررة وذوي الضحايا وأقاربهم، واستند إلى أدلة مرئية وتقارير من مختبرات مثل مختبر أدلة الأزمات ومنظمات حقوق الإنسان.
هذه التقارير الحقوقية، تأتي في وقت تواجه فيه الحكومة السورية اتهامات متزايدة، بالتقاعس عن حماية المدنيين وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة للتحقيق في الانتهاكات، مما يزيد من الضغوط الدولية لمحاسبة المسؤولين وتقديم ضمانات فعلية لإحقاق العدالة، في ظل استمرار موجة الفظائع التي تثقل كاهل الشعب السوري وتعصف بمصداقية السلطة الجديدة.
وبحسب معلومات منظمة “العفو الدولية”، “قامت ميلشيات تابعة للحكومة السورية الانتقالية بقتل أكثر من 100 شخص في مدينة بانياس الساحلية خلال يومي 8 و9 آذار/مارس الفائت”، واستند التقرير إلى معلومات من 32 عملية قتل متعمدة وموجهة ضد الأقلية العلوية، دون أي مبرر قانوني.
وأكد شهود عيان للمنظمة الحقوقية أن رجالا مسلحين كانوا يسألون الأشخاص عما إذا كانوا علويين قبل تهديدهم أو قتلهم، وفي بعض الحالات ألقوا باللوم عليهم في انتهاكات يُزعم أنها ارتُكبت في عهد نظام بشار الأسد المخلوع.
كما أفادت الشهادات بأن السلطات الجديدة أجبرت عائلات الضحايا على دفن أحبائهم في مواقع جماعية دون مراعاة الشعائر الدينية أو إقامة مراسم دفن علنية.
في العموم، تعكس هذه الأحداث حجم الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون السوريون، ولا سيما أبناء الطائفة العلوية في المناطق الساحلية، في ظل غياب أي تدخل فعّال من قبل السلطات الجديدة لحماية السكان.
- مؤتمر “وحدة الموقف والصف” الكردي يعلن بيانه الختامي.. تفاصيل
- في ظل غياب العدالة الانتقالية.. استمرار أعمال التصفية والانتقام في سوريا
- مروان الحلبي.. طبيب الخصوبة الذي ارتقى لسُدة التعليم العالي
- رد دمشق على واشنطن تناول 5 مطالب… تفاصيل الرسالة السورية حول شروط رفع العقوبات
- تديّن أم موضة؟.. هجوم حاد من سارة نخلة على حجاب حلا شيحة “الموسمي”
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

هوية تُمحى.. استبدال اسم قرية مهجّرة بسوريا يثير مخاوف من تغيير ديموغرافي

أم سورية تناشد لإعادة أبنائها الثلاثة المخطوفين من الساحل

اختطاف النساء في الساحل السوري و”سبيهن”.. ما القصة؟

تحقيق أميركي يكشف تفاصيل مروّعة عن مجازر الساحل السوري
الأكثر قراءة

واشنطن تتسلّم رد دمشق على متطلبات تخفيف العقوبات.. تفاصيل

هل تحمل زيارة وزير الخارجية الأردني لدمشق رسائل بعد حلّ “اللواء الثامن” بدرعا؟

مسؤول أميركي: لا ثقة بدمشق حتى الآن وهذه أولوياتنا في سوريا

مرهف أبو قصرة: من حقول حلفايا لوزارة الدفاع السورية.. رحلة مثيرة للجدل!

محمد البشير: من حكومتي الإنقاذ وتصريف الأعمال إلى وزارة الطاقة.. السيرة الكاملة

مباحثات أوروبية حول إمكانية تخفيف العقوبات عن سوريا
المزيد من مقالات حول شرق أوسط

هوية تُمحى.. استبدال اسم قرية مهجّرة بسوريا يثير مخاوف من تغيير ديموغرافي

وسط غياب المحاسبة.. دوافع طائفية وانتقامية وراء تصاعد القتل ضد المدنيين بسوريا

أم سورية تناشد لإعادة أبنائها الثلاثة المخطوفين من الساحل

الأمن السوري يعتقل قياديين في “الجهاد الإسلامي” بدمشق.. ما دلالات ذلك؟

اختطاف النساء في الساحل السوري و”سبيهن”.. ما القصة؟

تحقيق أميركي يكشف تفاصيل مروّعة عن مجازر الساحل السوري

إلهام أحمد: تطبيق اللامركزية سيخفف الأعباء عن دمشق
