أعلنت الرئاسة السورية في مرسومين منفصلين، أمس السبت، عن تشكيل “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، و”الهيئة الوطنية للمفقودين”، على أن يكون عمل الهيئتين مستقلا.

وجاء ذلك في حين اعتبر حقوقيون أن هذه الخطوة جاءت منقوصة، إذ حصر المرسومان المحاسبة بـ الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد فقط، من دون التحقيق في انتهاكات الأطراف الأخرى.

ماذا نصّ المرسومان؟

تشكيل “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، جاء بناء على “الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية العربية السورية، واستناداً إلى أحكام الإعلان الدستوري، وإيماناً بضرورة تحقيق العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لبناء دولة القانون، وضماناً لحقوق الضحايا، وتحقيقاً للمصالحة الوطنية الشاملة”.

وقال المرسوم الرئاسي إن الهيئة تُعنى بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب فيها النظام البائد ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية.

وسمّى المرسوم، الذي حمل رقم (20)، عبد الباسط عبد اللطيف، رئيساً للهيئة، وكُلّف بتشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ الإعلان. 

بحسب المرسوم فإن الهيئة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وتمارس مهامها في جميع أنحاء الأراضي السورية. 

أما بما يخص “الهيئة الوطنية للمفقودين”، فإن تشكيلها جاء حرصاً على كشف مصير آلاف المفقودين في سوريا وإنصاف ذويهم،

الهيئة تُكلف بالبحث عن مصير المفقودين والمختفين قسراً، وتوثيق الحالات، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم، بحسب المرسوم رقم (19).

وسمّت الرئاسة محمد رضى جلخي رئيساً للهيئة، وكُلّف بتشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي خلال مدة أقصاها 30 يوماً من تاريخ الإعلان، كما تتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري. 

انتقاد للصلاحيات

بعد صدور المرسومين الرئاسيين، برزت تساؤلات حول آلية تشكيل الهيئتين واختيار أعضائهما لتحقيق نتائج ملموسة في هذا الملف، الذي سيساعد إلى حد كبير في الحفاظ على سلم أهلي مستدام واستقرار البلاد.

المحامي والناشط الحقوقي ميشيل شمّاس، انتقد “الطريقة التي تم فيها تشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، وحصرها بالجرائم التي ارتكبها نظام الأسد البائد، وعدم مشاورة ممثلي الضحايا والمنظمات التي عملت على هذا الملف لسنوات عديدة.”

وقال، في منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إن هدفه هو أن تكون هذه الهيئات مشكّلة بأفضل طريقة لخدمة تحقيق العدالة لجميع السوريات والسوريين”، أضاف شمّاس.

وأضاف: “لكن على ما يبدو أن الواقع الذي نعيشه أعقد بكثير مما نتصور، وليس بالإمكان أفضل مما كان في هذه الظروف”. بينما اعتبر أن المهم الآن أن تنطلق هذه الهيئة في عملها على أن تضم في عضويتها شخصيات وطنية مستقلة ذات خبرة وكفاءة.

“يبقى علينا العمل على تطوير عمل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية بشكل خاص لتشمل جميع المرتكبين أيا كانوا في المستقبل وإنصاف جميع الضحايا وتحقيق العدالة لهم”

المحامي والناشط الحقوقي ميشيل شمّاس

في سياق ذلك، قال المحامي والناشط الحقوقي، المعتصم الكيلاني، إن صلاحيات “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية” المتمثلة بجرائم النظام المخلوع تتنافى مع مبدأ عدم التمييز بين الضحايا باعتباره أحد الشروط الأساسية لنجاح العدالة الانتقالية وبقائها ضمن مسماها من دون أن تأخذ معياراً آخرا يسمى “عدالة انتقائية”، مشيرا إلى أن ذلك يُمكن استدراكه.

ولضمان نجاح هذه الخطوة والحصول على ثقة السوريين، يفترض أن يتم مشاركة جميع السوريين والسوريات من كل الأطياف عبر الانخراط بعمل مباشر، مع استبعاد المسلّحين. وأضاف أنه يجب إشراك عائلات الضحايا في هيكلة الفرق، باعتبارهم أصحاب الحق المعنيين بشكل أساسي.

الكيلاني شدّد، في لقاء تلفزيوني، على ضرورة أن تدار الهيئتان بعيدا عن أي انتماءات سياسية أو طائفية، إضافة إلى اختيار شخصيات ضمن الفرق، تتمتع بسمعة نزيهة وخبرة حقيقية في القانون وحقوق الإنسان وآليات العدالة الانتقالية.

ومن المهم وجود سلطة تشريعية تشرعن دستوريا كل الخطوات القادمة بما يخص العدالة الانتقالية، في ظل وجود عوائق كبيرة، بحسب الناشط الحقوقي.

أولويات هيئة العدالة الانتقالية

قال حسن الدغيم، المقرب من سلطات دمشق، إن “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، ستركز على التعويضات المادية والمعنوية والمصالحة الوطنية.

وأضاف أنه ستكون هناك أيضا محاكمات لمن ثبتت عليهم جرائم قانونا، “لكن عملية جمع الأدلة القانونية التي يمكن استخدامها في المحكمة ضد بعض الأفراد المرتبطين بحكومة الأسد صعبة ومعقدة.”

الدغيم، وهو عضو لجنة الحوار الوطني، أشار إلى أن اللواء السوري السابق إبراهيم حويجة، المتهم بالتورط في اغتيال الزعيم الدرزي اللبناني كمال جنبلاط عام 1977، سيكون من بين الذين سيُحاكمون، وفق ما نقلت وكالة “رويترز“.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات