هل يفتح قرار رفع العقوبات عن سوريا نافذة أمل لاقتصاد لبنان المُتعثر؟

مع رفع العقوبات الأميركية عن سوريا أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن هذا القرار “سينعكس خيرًا على لبنان”، فقد يشكل هذا الإجراء نافذة أمل جديدة للاقتصاد اللبناني المتعثر، ليساهم في خروجه من أزمته المستفحلة منذ أواخر 2019، خاصة وأن البلدين بينهما ترابط في كثير من المجالات. 

وأوضح الرئيس اللبناني أن رفع العقوبات سينعش الاقتصاد السوري، وسيكون له أثر إيجابي مباشر على لبنان، خاصة في قطاعات الزراعة والاتصالات والمواصلات، نظرًا للترابط الاقتصادي بين البلدين، كما أن لبنان بريًا مرتبط بالدول العربية عبر سوريا، وإذا أردنا الوصول إلى الأردن أو العراق، يكون ذلك عبرها، ذلك خلال لقاء تلفزيوني عُرض أمس على أحد القنوات المصرية. 

أصداء رفع العقوبات على لبنان 

تزايدت التوقعات بأن يُحدث القرار الأميركي زخماً إيجابياً يتمثل في إعادة تنشيط حركة التجارة والاستثمار، خاصة مع عودة الشركات الخليجية والأجنبية إلى السوق السورية. 

أثّر قرار ترامب بشكل فوري على الداخل اللبناني، إذ سارع رئيس الوزراء نواف سلام إلى إصدار بيان وصفه فيه بأنه فرصة نادرة للبنان، البلد الذي ابتلعته دوامة الانهيار الاقتصادي، وحروب “حزب الله”.  

جاء ذلك في وقت يقف فيه لبنان عند مفترق طرق، فيما لا تزال البلاد تتعاطى مع تبعات الحرب الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله”، ومنها تأمين إعادة الإعمار وحلّ سلاح “حزب الله” والمنظمات الفلسطينية، إضافة إلى تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الأسوأ في تاريخ البلاد. 

انعكاسات متوقعة على الاقتصاد اللبناني 

يعيش في لبنان أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري، يشكلون ضغطا على سوق العمل والبنى التحتية، ومن الممكن أن يسمح الواقع الجديد بتدفق المساعدات الدولية إلى سوريا ويدفع بملايين النازحين السوريين للعودة إلى بلادهم مع إمكانية الاستفادة من التقديمات والمساعدات في الداخل السوري. 

وصول سوريا إلى الأسواق العالمية سيسمح بحرية الاستيراد والتجارة وبالتالي انخفاض أو حتى وقف حركة تهريب البضائع والمحروقات من لبنان عبر المعابر غير الشرعية على طول الحدود البرية. 

ويرى لبنان في رفع العقوبات الاقتصادية فرصة لاستجرار الكهرباء والغاز الطبيعي عبر سوريا، للتخلص من أزمة الطاقة التي استنفذت لعقود حوالي نصف الميزانية العامة وشكلت عبئا هائلا على اقتصاد البلاد المتهالك. وهذا مشروع بنيته التحتية شبه جاهزة لكن العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي على سوريا حال دون تنفيذه لسنوات. 

تشابك بين البلدين 

في هذا الصدد، رأى أستاذ العلوم السياسية، فيصل مصلح، أن أحد الأسباب الرئيسة للأزمة الاقتصادية اللبنانية كانت العقوبات الحادة المفروضة على سوريا، ولا سيما قانون “قيصر”، الذي اعتبره مقدمة لانهيار الاقتصاد اللبناني، وفق ما نقل عنه موقع “إرم نيوز“. 

وأكد أن العلاقة بين الاقتصادين؛ اللبناني والسوري لا يمكن فصلها بسبب الموقع الجغرافي والتشابك الهيكلي بين البلدين، حيث تتأثر أسعار السلع في سوريا بواقع السوق اللبنانية والعكس. 

ولفت إلى أن لبنان مثّل خلال السنوات الماضية ملاذًا آمنًا لرؤوس الأموال والشركات السورية، وكان يُنظر إليه كمنصة للدخول إلى السوق السورية، حتى من قِبل مستثمرين أجانب. 

وأشار إلى أن رفع العقوبات سيفتح الباب أمام لبنان للاستفادة من عملية إعادة الإعمار في سوريا، التي ستوفّر فرصًا واسعة للشركات اللبنانية وتعزز التبادل التجاري بين البلدين. كما سيسمح بتفعيل مشاريع متوقفة، مثل: استجرار الكهرباء من مصر والأردن عبر الأراضي السورية، والتي عُطلت سابقًا بفعل قانون “قيصر”. 

مؤشرات اقتصادية متطابقة 

أضاف مصلح، أن انطلاق إعادة الإعمار سيُسهم أيضًا في تهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلادهم؛ ما سيُخفف العبء الاقتصادي الكبير الذي تحمّله لبنان نتيجة استضافة أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ. 

فيما قال الخبير الاقتصادي اللبناني كمال حمدان، إن السنوات الأخيرة أظهرت تطابقًا كبيرًا في المؤشرات الاقتصادية بين سوريا ولبنان، سواء من حيث الناتج المحلي، أو معدلات التضخم، أو تراجع أسعار صرف العملة الوطنية، أو حتى نسب البطالة والفقر. 

وأضاف أن أي تحسّن اقتصادي في سوريا سينعكس بالضرورة على لبنان والعكس صحيح، شرط أن ينخرط لبنان في إصلاحات بنيوية عميقة، تتضمن الانتقال من اقتصاد الريع إلى اقتصاد الإنتاج، ومعالجة ملف القطاع العام، والبدء بحل أزمة عام 2019 التي أدت إلى خسارة المودعين نحو 90 بالمئة من ودائعهم. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة