لا نساء في رئاسة الحكومة: هل يمكن للقوى السياسية “الشيعية” القبول بـ “ولاية المرأة” في العراق؟

لا نساء في رئاسة الحكومة: هل يمكن للقوى السياسية “الشيعية” القبول بـ “ولاية المرأة” في العراق؟

عندما كانت الأحزاب العراقية، المعارضة للرئيس الأسبق #صدام_حسين تسعى لتغييره، وإنهاء حكمه، بثّت أفكار الديمقراطية، وادّعت انها تسعى للمساواة الجندرية، وجعل الكفاءة أساس الحكم الجديد.

إلا أن كثيراً من المراقبين للوضع العراقي يجمعون على أن الديمقراطية لم تتحقق بالبلاد، بمعناها الفعلي، بل اعتمد النظام السياسي على المحاصصة المذهبية والعرقية. أما المساواة الجندرية فليست بحال أفضل، فبعد مرور أكثر من ثمانية عشر عاماً على سقوط النظام السابق، لا يبدو أن حقوق النساء السياسية والاجتماعية قد حققت تقدماً كبيراً، إن لم يكن العكس.

يُحسب للعراق أن أول وزيرة، على مستوى الدول العربية قاطبةً، كانت منه، عندما أُسندت وزارة الإعمار والبلديات العراقية، نهاية خمسينيات القرن المنصرم، إلى السيدة “نزيهة الدليمي”. لكن ماذا عن أيامنا الحالية؟ لماذا لا تفكر الأحزاب الشيعية، التي من نصيبها تقديم المرشحين لرئاسة الحكومة، بإسناد المنصب إلى النساء؟

 

ثقافَةٌ مجتمعيّةٌ ذكوريّة

«هي ليست مشكلة تخصّ الأحزاب الشيعية فقط، القضية مجتمعية، ولها أبعاد كثيرة ومتشعّبة»، هكذا تستهل الإعلامية “سرى علي” حديثها مع (الحل نت)، لتُضيف أن: «طبيعة المجتمع العشائري في العراق تحول دون ذلك بشكل أساسي».

«الأدوار الجندرية النمطية السائدة للرجل، مثل الشهامة والعقل والمنطق والقيادة والمسؤولية، تختلف عن تلك المحدّدة للمرأة، مثل الضعف وتغليب العاطفة على المنطق. بمعنى آخر: لطالما ارتبط مفهوم الرجولة بالقوة والقيادة، فيما ارتبط مفهوم الأنوثة بالعاطفة وغياب العقل»، تسترسل “علي” بحديثها.

«هذه الثقافة النمطية السائدة ظالمة للنساء، وتمنعهن من الوصول لأبسط حقوقهن في التعليم والعمل، وبالتالي سيكون من الصعب إتاحة الفرصة لهن للدخول في مضمار السياسة. ومن ينتمي للأحزاب الشيعية هم عراقيون، ينتمون لثقافة المجتمع الذكورية السائدة بالنتيجة»، على حد تعبير “سُرى”.

“سُرى علي” – فيسبوك 

يتفق #ياسين_البكري، أستاذ العلوم السياسية بـ “جامعة النهرين” مع “سرى”، ويؤكد لـ (الحل نت) أن: «الموروث المجتمعي للأحزاب، التي هي ابنة بيئة المجتمع، هو العائق الأكبر أمام إسناد منصب، مثل رئاسة الحكومة، للنساء».

هُناك من لديهم أسباب أخرى، تمنع تولي النساء رئاسة الحكومة، ومنها السبب الديني، كما ترى الصحفية “هناء رياض”، المهتمة بقضايا المرأة والمجتمع: «لا أعتقد أن التعويل على الأحزاب الإسلامية، بإسناد دور قيادي للنساء، فكرة صحيحة».

«ذلك لأن تلك الأحزاب تنظر للمرأة باعتبارها كائناً من الدرجة الثانية، ويعاملونها حسب تأويلهم الخاص للدين»، بحسب ما تقوله “رياض” في حديثها مع (الحل نت).

 

تدخّلٌ إيراني

بعد إجراء انتخابات عام 2018، وفوز #التيار_الصدري بأكثرية المقاعد النيابية فيها، تداول الإعلام المحلّي أنباءً بإمكانية ترشيح #مقتدى_الصدر لـ “ماجدة التميمي”، عضو التيار، لرئاسة الحكومة، لكن هذه الأنباء لم تتحول لأمرٍ واقع، فما السبب؟

بينما تعتقد “هناء رياض” أن: «الأمر برمته يعود للترويج والبهرجة الإعلامية لا أكثر»، كان لمستشار في “التّيار الصدري” رأي آخر عند حديثه لـ (الحل نت)، إذ كشفَ عن: «دور إيراني في عرقلة موضوع ترشيح “التميمي”».

المستشار، الذي رفض نشر اسمه، أكد أن: «التدخّل لم يكن يتعلّق بشخص “التميمي”، إنما بكونها امرأة، فما أن رُوّج عن النية بترشيحها لرئاسة الحكومة، جابهتنا #إيران بقوة، وحرّكت أحزابها للوقوف بوجه الترشيح، ورفض فكرة إسناد رئاسة الحكومة لأي امرأة بالمطلق».

«السيّد الصدر كان مرحّباً بالموضوع، وهو الداعم الأول لترشيح “التميمي”، لما تمتلكه من حنكة وخبرة سياسية واقتصادية، ناهيك عن شهادتها الأكاديمية، لكن في النهاية تراجعنا أمام تهديدات الأطراف الأخرى، التي حرّكتها إيران، خشيةً من أن تُثار الفوضى، وبالتالي قد تتسع المسألة، وتكثر التشنجات»، حسب تعبيره.

“مقتدى الصدر” – إنترنت

لم يوضِح المستشار في التيّار بدقة سبب الرفض الإيراني، لكن الباحثة السياسية “ريم الجاف” ترى أن: «السبب يعود لنظرة نظام الحكم في #طهران، الذي يقوده المرشد #علي_خامنئي، تجاه النساء، واعتبارهن مواطنات من الدرجة الثانية، وبالتالي فإن الأحزاب العراقية، التي تنتمي لذلك النظام عقائدياً، وتؤمن بـ “ولاية الفقيه”، سترفض بالضرورة ترشيح النساء».

“الجاف” تضيف لـ (الحل نت) أن: «الأحزاب الإسلامية ترفض رفضاً قاطعاً أن يكون للمرأة أي دور سياسي، وما وجود النساء في #البرلمان_العراقي، وبعض الوزارات، إلا قبول على مضَض، نتيجة التزام العراق بالمواثيق الدولية، التي تفرض على البلدان الديمقراطية إشراك النساء في السياسة، وعدم تهميشهن».

 

هل هناك أمل؟

رشّحت #سروة_عبد_الواحد لمنصب رئاسة الجمهورية عام 2018، ودخلت بمنافسة مع #برهم_صالح و #فؤاد_حسين، والبرلمان العراقي اختار “صالح” بأغلبية الأصوات.

صحيحٌ أن “عبد الواحد” لم تفز، لكنها دخلت مضمار الترشح والمنافسة، فلماذا لم يحدث الشيء نفسه في السباق على منصب رئاسة الحكومة؟ وهل القوى الكُردية أكثر تقدماً بقضايا المساوة الجندرية، من القوى الشيعية؟.

“هَناء رياض” – إنترنت

بالنسبة لـ “هناء رياض” – التي تقطن في #إقليم_كردستان منذ عدة سنوات – فإن: «وضع المرأة في الإقليم لا يقارن بوضعها في الوسط والجنوب، ففي كردستان تجدها نداً للرجل في أغلب المجالات، وهذه نقطة تحسب لصالح سيادة البرلمان الكردستاني».

أمّا الأحزاب الإسلامية فقد: «كبّلت نفسها بشكل معين للحكم، ولا تستطيع محاباة الآخرين خارج حدوده، فالمرأة لدى الرجل “المتأسلم” تأتي ثانياً، وما نظام “الكوتا” الذي صادق عليه البرلمان العراقي منذ نشأته، إلا طعنة للمساواة بين الجنسين، وخضوع لنظرة دينية، وأعراف اجتماعية بالية»، وفق “رياض”.  

وفق كُل ما ذُكر آنفاً يبدو أن الطموح بوصول النساء لمنصب رئاسة الحكومة صعب المنال، على الأقل على المدى والمنظور القريب، لكن هل يمكن القول إنه يمكن أن يتحقّق في يوم ما؟ ومتى؟

“ياسين البكري” – فيسبوك

حسب الأستاذ بعلم السياسة “ياسين البكري” فإنه: «طالما بقيت الأحزاب الإسلامية تحكم البلاد فلن تصل النساء لسدّة رئاسة الحكومة، ولكن إذا استلمت الأحزاب المدنية الحكم، وفازت بأغلبية نيابية، فإن فرص النساء قد تصبح أكبر».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.