التنزيلات غائبة في الأسواق السورية.. ارتفاع الأسعار يفرض نفسه

التنزيلات غائبة في الأسواق السورية.. ارتفاع الأسعار يفرض نفسه

لطالما كان شهر شباط/فبراير من كل عام يعتبر شهر التنزيلات في مختلف الأسواق العالمية والسورية منها، خاصة في قطاع الألبسة، حيث ترتبط التنزيلات بالبدء بالعد التنازلي للانتقال لفصل آخر، ما يحتم على تجار ومصنعي الألبسة طرح منتجاتهم الجديدة تلبية للفصل الدافىء.

وفي الأحوال الاقتصادية الطبيعية، تتجاوز التنزيلات نسبا كبيرة، حسب نوع البضاعة أو القطع وجودتها، لتتراوح ما بين 40 – 60 بالمئة من السعر القديم، ويعمد التجار لهذه التنزيلات بشكل دوري مع نهاية كل موسم، خوفا من تكدس البضائع وتحولها لموديلات قديمة، وهذا ما يؤدي للخسارة.

تنزيلات حذرة واقبال محدود

اختلفت الأوضاع في سورية لهذا العام عن الأعوام السابقة، فالتردي الاقتصادي، وارتفاع الأسعار وتكاليف الإنتاج، جعلت البضائع بمختلف أنواعها وأحجامها تتكدس في المحال والمستودعات، والتي رفض التجار تخفيض سعرها لأقل من 30 بالمئة من جهة، وعدم قدرة المواطن على شرائها حتى بعد التخفيضات التي أبقت سعر أي قطعة يتجاوز راتبه الشهري، وفق صحيفة “البعث” المحلية.

حالة من الكساد الكبير، حسب الصحيفة، للبضائع المعروضة بأسعار وصفت بالخيالية، ففي الأسواق الشعبية، وصل سعر الكنزة أو البنطال إلى 50 ألف ليرة، بينما ارتفعت أسعار الأحذية بشكل مضاعف عن العام الفائت.

ووسط هذا الكساد، وعدم القدرة على الشراء، فإن معظم البضائع المطروحة ي الأسواق هي من الموديلات القديمة، وفق ما نقلت الصحيفة عن عامر ديب، عضو مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها، في موديلات قديمة من ركود وتصفيات لم يتم تصريفها، أو بضاعة تم تخزينها لطرحها في الموسم الحالي بأسعار مضاعفة، وعدم طرح موديلات جديدة وسط عدم وجود رقابة على الأسواق.

كما أشار ديب، إلى تدني جودة المنتج المحلي، وعدم تناسبها مع متطلبات المستهلك، وقدرته الشرائية، لافتا إلى أن التنزيلات لا تعدو كونها موضعة أو لعبة تجارية موسمية، لا سيما أن السهر الذي يكتب في التنزيلات هو السعر الحقيقي، بينما السعر القديم هو زيادة وهمية.

وأوضح أن ما يتم العرض عليه هو بضاعة رديئة يريد التاجر التخلص منها ، والبضاعة المهربة في الأسواق اليوم أرخص من البضاعة المحلية، وما يجري الآن هو فوضى في السوق، ولن تنتهي بإعداد ضبوط المخالفات أو إغلاق المحال.
قد يهمك:موجة ارتفاع أسعار جديدة بسبب الضرائب.. زلزال يضرب الأسواق السورية؟
تقاذف المسؤولية بين الصناعيين والتجار.

تشير الصحيفة إلى أن هناك تبادلا للاتهامات بين الصناعيين والتجار، فالصناعيون يرون أن أرباح التجار كبيرة، بالمقارنة مع الصناعي الذي يتحمل أعباء التصنيع، وتأمين أدنى مستلزمات الإنتاج للاستثمار خلال سنوات الحرب، مع وجود ربح بسيط من أجل رفد السوق بمنتج محلي، في ظل انقطاع الاستيراد ودخول البضائع المهربة.

كما يرى الصناعيون أن التجار يستفيدون من البضائع المحلية من جهة، ومن البضائع المهربة التي يقومون هم بتسعيرها وفق رغبتهم من جهة أخرى لتبقى أقل من المنتج المحلي، وهذا ما يجذب المستهلك للمنتج المهرب وترك المحلي.

لكن في المقابل هناك أسباب حقيقية، وفق مراقبين اقتصاديين، وراء رفع الأسعار وتدني نوعية المنتج المحلي، أبرزها، ارتفاع أسعار المواد الأولية، وقلة جودتها، وعدم انتظام الكهرباء ما جعل الصناعيين يلجأون إلى مولدات الكهرباء التي تعمل بالوقود، والذي هو أيضا قليل وسعره مرتفع، إضافة لارتفاع أجور اليد العاملة، وكل تلك العوامل أثرت بشكل كبير على المنتجات المحلية.
إقرأ:ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأجبان بسوريا

التوجه للبضائع المهربة والمستعملة

نشطت تجارة البضائع المهربة، والمستعملة المعروفة بـ”البالة”، وهي معروفة في سورية مما قبل سنوات الحرب، ويشتهر سوق باب الجابية في دمشق ببيعها، بسبب انخفاض أسعارها وجودتها.

يقول عبد الرحمن محمد، من دمشق، لموقع “الحل نت”، أنه منذ عدة أعوام توقف عن شراء الألبسة والأحذية من محال بيع البضائع الجديدة، إلا في حالات نادرة، وبات يلجأ إلى أسواق “البالة” وخاصة في أيام الجمعة، لانخفاض أسعارها نسبيا، ولجودتها وكذلك الأمر بالنسبة للأحذية.

وأوضح أنه يقوم بالشراء لأولاده أيضا من هذه الأسواق، لافتا إلى الفرق في الأسعار مع البضائع الجديدة، فمثلا سعر البنطال لطفل بعمر 12 سنة يصل سعره في المحال الجديدة إلى نحو 35 ألف ليرة، بينما يمكنه شراؤه من أسواق البالة بنحو 10 آلاف ليرة،وهذا ما يمكنه من توفير جزء لا بأس به.
إقرأ:“نتر الفروج” طعام السوريين بعد ارتفاع أسعار الدجاج

لم تعد الأسواق التجارية في سورية كما كانت في الماضي تشهد إقبالا شعبيا للشراء، كما لم تعد فكرة التنزيلات تقنع المواطنين وتغريهم لاعتبارات كثيرة، أهمها ارتفاع الأسعار وعدم وجود دخل مناسب للمواطنين، والانحدار الاقتصادي المستمر الذي يعاني منه المواطن في الدرجة الأولى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.