قبل قرابة شهر، أعلنت حكومة دمشق عزمها إطلاق آلية جديدة لتوزيع منتجات الطاقة، تتمثل في أتمتة بطاقات تزويد وسائل النقل بالمازوت والبنزين، والأنشطة التجارية والاقتصادية بالغاز الصناعي. واليوم، مجددا، أصدرت قرارا جديدا يقضي بإطلاق آلية جديدة لتوزيع المازوت والبنزين المباشر (بالسعر الحر) وفق نظام الرسائل القصيرة، اعتبارا من يوم غد الأحد.

القرار الحكومي هذا، يمكن ترجمته على أنه محاولة للهيمنة على السوق السوداء أو احتكاره، وهذا يثير العديد من التساؤلات والمخاوف لدى المواطنين، وهي ندرة بيع المحروقات بالسعر العام، وبالتالي اضطرار الناس للشراء بالسعر الحر بنسبة كبيرة، وبالتالي زيادة الفساد والاتجار في هذه المواد، مما سيخلق أزمة جديدة، ومن المرجح أيضا رفع سعر المحروقات مرة أخرى سواء بالسعر العام أو الحر.

عبر تطبيقات إلكترونية

وزارة النفط والثروة المعدنية السورية، أعلنت عن بدء العمل بآلية جديدة لتوزيع مادتي البنزين والمازوت المباشر بالسعر “الحر”، اعتبارا من يوم غد الأحد.

وبيّنت الوزارة السورية في بيان لها، يوم أمس الجمعة، أن الآلية الجديدة تعتمد على إرسال رسالة نصية قصيرة تتضمن تفاصيل المحطة التي يجب التوجه إليها مع مدة صلاحية الرسالة.

ونوّه البيان، إلى أنه يمكن تغيير محطة الوقود التي سيتم التعبئة منها قبل عملية الشراء عبر آلية الرسائل، من خلال المنصات الإلكترونية “تطبيق وين” وقناة “التلغرام” التابعة للتطبيق.

وأردف البيان الذي نُشر على صفحة الوزارة الرسمية على منصة “فيسبوك”، أنه سيتم توزيع المادة من محطة الوقود تبعا لأقدمية التسجيل على المادة وفي حال انتهاء فترة صلاحية الرسالة يمكن إعادة طلب المادة، مع تأكيد الوزارة ضرورة التّحقق من رقم الموبايل الخاص بالبطاقة لضمان تسلم الرسالة النصية القصيرة.

خطوات اختيار المحطة

وفق شرح بيان الوزارة لطريقة اختيار محطة الوقود، وتسلم مادتي بنزين مباشر أو مازوت مباشر (بالسعر الحر)، يمكن الدخول إلى قناة “التلغرام” التفاعلية ثم الضغط على (ابدأ) واختيار (خدمات البطاقة الآلية) ثم اختيار المادة المطلوبة.

وبعد ذلك، يتم إدخال رقم البطاقة الآلية والرقم الوطني لحامل البطاقة، ثم اختيار (تعديل المحطة) من القائمة ثم تحديد المحافظة واختيار المحطة المطلوبة وإدخال رمز التفعيل الذي يتم إرساله إلى الهاتف المحمول.

كذلك، تتبع الآلية السابقة ذاتها لطلب مادتي البنزين المباشر والمازوت المباشر (بالسعر الحر)، ثم اختيار (إضافة طلب تعبئة) من القائمة.

ويشترط على الراغبين في القيام بالعملية الآنفة عبر تطبيق “وين” الخاص بخدمات “البطاقة الذكية”، تحديثه أولا لإتاحة ظهور التعديلات الأخيرة التي ستطبق بدءا من صباح يوم غد الأحد.

قد يهمك: دمشق.. آلية جديدة لتوزيع المازوت والبنزين والغاز

إنعاش السوق السوداء

بالرغم من إطلاق حكومة دمشق العديد من الوعود لإنهاء أزمة المواد النفطية المستمرة منذ أشهر، من خلال التأكيد على وصول نواقل نفط إلى الموانئ السورية من إيران، إلا أن ذلك لم ينعكس على الأزمة، حيث ما تزال مستمرة، فضلا عن الطوابير الطويلة على محطات الوقود في البلد، وبدلا من ذلك، شكل وصول تلك البواخر الإيرانية رافدا جديدا للسوق السوداء.

في إطار رصد أزمة الوقود في سوريا، قال عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات في ريف دمشق، ريدان الشيخ، إن وصول باخرة نفط، مؤخرا إلى مصفاة بانياس بريف محافظة طرطوس أدى إلى زيادة كميات الوقود الواصلة للمحافظة وإلى السوق السوداء على حد سواء ولا سيما البنزين.

وبحسب ما ذكره الشيخ، لصحيفة “تشرين” المحلية في وقت سابق، فإن الطلبات على شراء المازوت والبنزين ارتفعت تباعا، 24 طلبا للمازوت و23 طلبا للبنزين، ما أدى إلى رفع التوزيع للمحطات بنسبة 95 بالمئة، خلال عطلة عيد الأضحى الماضي.

وأوضح الشيخ، أن المراقبة وضبط المشتقات النفطية عن طريق البلديات والتوزيع، أظهرت خللا في توفر المادة في السوق السوداء بأسعار تراوح بين 6- 8 آلاف ليرة، مبينا أن سعر السوق السوداء يحدد حسب العرض والطلب وكان الإقبال عليها بشكل كبير قبل فترة العيد.

والخميس الفائت، وصلت أول ناقلة نفطية إيرانية إلى ميناء بانياس في الساحل السوري خلال تموز/يوليو الحالي، في إطار الخط الائتماني الجديد بين إيران وسوريا، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.

ووفق موقع “أثر برس” المحلي، فإن ناقلة النفط الإيرانية التي وصلت الخميس الماضي، تُعد الخامسة بعد إعادة تفعيل الخط الائتماني الإيراني بشكله الجديد، إذ وصل خلال الشهر الماضي إلى الساحل السوري أربع ناقلات نفط إيرانية سابقة تحوي ما مجموعه 3.3 مليون برميل نفط.

ومع وصول ناقلة نفط إيرانية جديدة إلى ميناء بانياس الساحلي، إما أن يصدر قرار جديد برفع سعر الوقود أو تخفيض مخصصات المواطنين ووسائل النقل، أو إصدار آليات جديدة لتوزيع المحروقات، وهذا ما حصل بالفعل اليوم، قرار إطلاق بيع مادتي المازوت والبنزين “بالسعر الحر”، الأمر الذي يزيد من التضييق على قطاع المحروقات، وصعوبة الحصول عليه ورفع سعره في كل مرة.

الفساد يعزز السوق السوداء

في إطار أسعار المواد النفطية في سوريا، شهدت ارتفاعات متكررة خلال العام الفائت، فضلا عن الأزمات المتكررة الناتجة عن فقدان المحروقات لأسابيع متتالية، وقد وصلت أحياناً إلى شهر، ما انعكس على مختلف قطاعات الحياة في البلاد.

وتعود آخر زيادة لأسعار المحروقات إلى شهر أيار/مايو الماضي، فقد بلغ سعر مادة البنزين (أوكتان 90) الجديد 3500 ليرة سورية للتر الواحد، بعد أن كان بـ2500، في حين ارتفع سعر البنزين (أوكتان 95) من 3500 إلى 4000 ليرة، أما سعر مادة المازوت فارتفع بحسب بيان الوزارة، من 1700 إلى 2500 ليرة للتر الواحد.

من جانبه أكد عضو مجلس الشعب السوري زهير تيناوي، في وقت سابق، وجود فساد في آليات توزيع البنزين والمازوت. وأضاف في تصريحات لـ“الوطن“ المحلية: “الدليل على الفساد، هو أن هذه المواد متوافرة بكثرة في السوق السوداء؛ لكنها ليست متوافرة لدى شركة “محروقات“، كما يشير هذا إلى وجود خلل في التوزيع وهذا الخلل تتحمل مسؤوليته وزارة النفط والتموين”.

ولفت تيناوي، إلى أن الكميات التي أعلنت عن توزيعها وزارة النفط، لا تكفي لسد احتياجات البلاد من المحروقات، مشيرا إلى أن “أزمة النقص متواصلة ما سينعكس على المستهلك النهائي، وخصوصا أن سعر تنكة البنزين وصل في السوق السوداء اليوم لحدود 150 ألف ليرة، كما وصل سعر لتر المازوت إلى 7 آلاف ليرة“.

قد يهمك: فساد في توزيع المازوت والبنزين في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.