سفيرة أميركية مرتقبة في العراق: لماذا خافَت ميليشيات إيران؟ 

قلق كبير تعيشه الأحزاب السياسية الموالية لإيران في العراق من السفيرة الأميركية الجديدة لدى بغداد تريسي جاكوبسون، والتي من المنتظر أن تحل محل آلينا رومانوسكي قريبا، وذلك عقب كلمتها أمام “الكونغرس”، لدرجة دفعت البعض يطالب الحكومة برفض تعيينها كسفيرة لواشنطن في العراق. 

في التفاصيل، رشح الرئيس الأميركي جو بايدن، السياسية تريسي جاكوبسون لتكون سفيرة لأميركا لدى العراق، وخلال أول حديث لها أمام لجنة “مجلس الشيوخ” للعلاقات الخارجية، انتقدت إيران وميليشياتها وذكّرت بأثمان إسقاط نظام صدام حسين.

جاكوبسون قالت، إنه إذا ما حصلت الموافقة على تعيينها سفيراً لدى العراق، ستكون أهم أولويأتها حماية المواطنين الأميركان، والنهوض بشراكة أميركا والعراق الثنائية لدعم الاستراتيجيات والاهتمامات المشتركة. “إذا ما تم تعييني، فسوف أحمي المصالح الأمنية الأميركية من خلال تعزيز استقرار العراق، فالأمن والسيادة أمران حاسمان للمنطقة”.

“لا يزال تنظيم “داعش” يشكل تهديدا في العراق، ولا زال جيشنا يقدم دعمًا حيوياً في المشورة والمساعدة لتمكين قوات الأمن العراقية والبيشمركة في إقليم كردستان العراق. 10 سنوات مضت على عودة قواتنا إلى العراق بدعوة من الحكومة لمحاربة داعش – وبعد مرور خمس سنوات على هزيمة داعش على الأرض، حان الوقت لكي ينتقل جيشنا إلى مرحلة جديدة ودور جديد”.

وأردفت جاكوبسون: “إذا ما تم تعييني، سأضمن أي انتقال من العملية المتأصلة. إن العزم على التوصل إلى ترتيب أمني ثنائي سيكون موجهاً نحو هزيمة داعش وأمن العراق، ومن المهم للعراق أن يعزز علاقاته مع العديد من جيرانه، وقد اتخذ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خطوات إيجابية في هذا الاتجاه”.

جاكوبسون: إيران خبيثة وسأحارب نفوذها مع الميليشيات

جاكوبسون صعّدت من حدتها بقولها، إن إيران لا زالت تلعب دوراً خبيثاً في العراق، ولها تأثير مزعزع للاستقرار في المنطقة يهدد بذلك كل المنجزات في بغداد، مردفة بأن أميركا تدرك أن التهديد الرئيسي لاستقرار وسيادة العراق هي الميليشيات المتحالفة مع إيران، إذ تتلقى هذه الجماعات الأسلحة والتدريب وغير ذلك من أشكال الدعم من إيران، وتستخدم أسلحتها وأموالها للقيام بذلك من أجل تعزيز النفوذ الإيراني في العراق.

“إذا ما تم تعييني، سأستخدم كل الأدوات الأميركية، لا سيما السياسية لمواجهة هذه الجماعات الخبيثة والعمل على وقف نفوذ إيران، وسأعمل على تعزيز استقلال العراق في مجال الطاقة، حتى لا تتمكن إيران من استخدام الطاقة كسلاح ضد العراق”، أكدت المرشحة لتولي منصب سفيرة واشنطن لدى بغداد. 

وقالت جاكوبسون، إنها ستدعم العمل المهم الذي تقوم به وزارة الخزانة الأميركية لتحديث النظام المالي في العراق، وربطه بالنظام المالي الدولي، مما يؤدي إلى تآكل قدرة إيران على ذلك في الاستفادة من البنوك العراقية، على حد تعبيرها، لافتة إلى أن العراق يحتاج لحماية حقوق وحريات مواطنيه، بما في ذلك أقلياته العرقية والدينية، فمنذ عام 2018، قدمت الولايات المتحدة أكثر من 500 مليون دولار لمساعدة هذه الأقليات.

كما أوضحت، أنه إذ ما تم تعيينها، ستعطي أولوية للسياسات والبرامج الأميركية التي تعزز الحكم الديمقراطي في العراق، والعمل على إيجاد حلول دائمة للنازحين والأقليات في العراق، بما في ذلك المسيحيين والإيزيديين والموجودين في مخيم الهول بسوريا، مؤكدة: “تظل شراكتنا مع إقليم كردستان العراق حجر الزاوية في شراكتنا الواسعة مع العراق، وسيحقق الاستقرار في العلاقة بين بغداد وأربيل الفائدة لجميع العراقيين”.

جاكوبسون معروفة بأنها من جبهة الساسة الأميركيين، الذين يولون العراق أهمية والعمل على ضمه إلى الحلف الأميركي، وهي تعتقد أن الولايات المتحدة هي التي حررت العراق من نظام صدام حسين، بينما فشلت إيران في إسقاطه رغم حربها معه لثمان سنوات، وأن واشنطن قدمت الأموال والتضحيات الكبيرة لتحقيق الاستقرار في العراق، ومن غير الممكن تركه فريسة لنفوذ إيران، وتؤمن بأن الدور الأميركي في تحديد مستقبل العراق يجب أن يكون الأول، بحسب موقع “هب بوست عراقي”. 

الكلمة الافتتاحية لتريسي تأتي قبيل التصويت على تعيين جاكوبسون كسفيرة للولايات المتحدة في العراق، والتي تمثل خطوة استراتيجية جديدة في السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط. 

وفي 26 كانون الثاني/ يناير 2024، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن نيته ترشيح  تريسي جاكوبسون، لمنصب سفيرة فوق العادة ومفوضة للولايات المتحدة الأميركية لدى جمهورية العراق، بدلا عن الينا رومانسكي.

وعملت جاكوبسون لأكثر من 30 عاماً في وزارة الخارجية الأميركية، حظت خلالها بمهام العمل سفيرة للولايات المتحدة في تركمانستان وطاجيكستان وكوسوفو، والقائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة في إثيوبيا.

قلق ميليشياوي وانزعاج حكومي

في ردود الفعل على كلمة جاكوبسون، بدا القلق والانزعاج واضحا على الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران في العراق، إذ وجّهت ميليشيا “حركة النجباء”، رسالة إلى السفيرة الأميركية المرتقبة، على لسان رئيس المجلس السياسي للميليشيا، علي الأسدي.

الأسدي قال في تغريدة على منصة “إكس”؛ “لم نلحظ أي جديد في لغة السفيرة الأميركية الجديدة (تريسي جاكوبسون) في جِلسة الكونغرس، وهي تمارس منهج الوصايا على بلدنا، ولكن الجديد هو ما نريد تكراره للسياسيين العراقيين أنكم تتخبطون في حالة انجرار لا لبس فيها وراء المطامع والانتهاكات الأميركية التي جعلتكم بين حالين لا ثالث لهما، إما أنكم تتغافلون عن أحقيتنا في الاستقلال وحماية السيادة أو أنكم لا تواجهون حقيقة عدم قدرتكم على ردع الانتهاكات المستمرة للاحتلال المجرم”.

وأضاف الأسدي: “ليعلم القاصي والداني أن رؤيتنا لم ولن تتغير وهي أن أميركا دولة احتلال، ولا تحترم إلا لغة القوة، وللسفيرة نقول: عليكِ أن تعي وتعلمي أن الأيام بيننا ولن تكون صفعاتنا القادمة إلا على الأنوف وسترين لمن الكلمة الفصل”.

على المستوى الحكومي، اعتبر خالد اليعقوبي، المستشار الأمني لرئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني حديث السفيرة المرشحة لتمثيل واشنطن لدى بغداد بأنه حديث لا يتناسب ومهامها الدبلوماسية.

وقال اليعقوبي في تغريدة نشرها على منصة “إكس”: “استمعنا لجلسة الاستماع الخاصة بالمرشحة لموقع سفيرة الولايات المتحدة في العراق وما فيها من عدم فهم واضح للعراق الجديد المتعافي وتدخلا في شؤونه الداخلية والإساءة إلى جيرانه”.

واضاف اليعقوبي، أنه “على السيدة المرشحة أن تعي حقيقة واضحة، أن جملة مما تحدثت به لا يتناسب ومهام عملها الجديد، وأن مهمتها المرتقبة محددة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية الواضحة”.

فيما ختم المستشار اليعقوبي تغريدته بقوله: “نتطلع إلى أداء يعزز العلاقة الجيدة بين البلدين، خصوصا وأننا مقبلين على علاقات ثنائية تصون التضحيات العظيمة التي قدمت للانتصار على الإرهاب”. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات