وسط علاقة متوترة بين واشنطن وبكين، طار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الصين، أول أمس الأربعاء، لبحث العديد من الملفات التي تشكّل عوائق جمّة أمام تطور ونضوج العلاقة الثنائية بين البلدين.

اليوم، التقى بلينكن بالرئيس الصيني، شي جين بينغ، في مسعى إلى معالجة المشاكل وجها لوجه، كما كرر بلينكن مرارا خلال زيارته إلى بكين، وقال الرئيس الصيني، إن بكين وواشنطن يجب أن تكونا شريكتين وليستا متنافستين، مردفا، أن العديد من المشاكل لا تزال قائمة بين البلدين.

دعوة إلى الدبلوماسية المباشرة 

في السياق، أجرى بلينكن في وقت سابق من هذا اليوم، محادثات استمرت نحو 5 ساعات ونصف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، وصفها بأنها “معمّقة وبنّاءة”، مجدّدا الدعوة إلى ما يصفها بالدبلوماسية المباشرة، أي التواصل وجها لوجه بين قادة ومسؤولي الدول.

الوزيران حذرا من مخاطر سوء الفهم بين الجانبين، في اليوم الأخير من زيارة بلينكن الثانية لبكين خلال أقل من عام، إذ قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي لنظيره الأميركي، إن الولايات المتحدة تكبح تطور بلاده.

وانغ يي أضاف في مستهل جلستهما الافتتاحية، أن “السفينة العملاقة” للعلاقات الصينية الأميركية استقرت “لكن عوامل سلبية في العلاقات لا تزال تتزايد وتتراكم”، مضيفا: “تواجه العلاقات كل أنواع العراقيل”، واعتبر أن “حقوق الصين المشروعة في التطور تعرضت لكبح غير معقول وتواجه مصالحنا الأساسية تحديات”، بحسب “رويترز”.

في حين رد بلينكن بالقول، إن “الدبلوماسية النشطة” مطلوبة للتحرك قدما لدفع أجندة حددها الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينغ عندما التقيا في قمة سان فرانسيسكو، منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وقال: “أريد التأكد من أننا واضحون قدر الإمكان بشأن المساحات التي لدينا فيها خلافات لتجنب سوء الفهم والحسابات الخاطئة على الأقل”.

الجدير بالذكر، أن المحادثات بين البلدين كانت توسعت خلال الأشهر الأخيرة حتى مع تزايد الخلافات التي أصبحت أكثر خطورة، ما أثار مخاوف بشأن احتمال نشوب صراع بين أكبر اقتصادين في العالم.

الرئيس الصيني شي جين بينغ ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن – (فرانس برس)

من أهم الملفات التي توتر العلاقة بين واشنطن وبكين، قضية تايوان الشديدة الحساسية بالنسبة للسلطات الصينية، فضلا عن علاقات بكين مع روسيا، وإيران، ناهيك عن اتهامات التجسس، والمنافسات الاقتصادية، وليس انتهاء بملف حظر “تيك توك”.

فيما يخص ملف تايوان، أكد بلينكن، أن الولايات المتحدة تواصل اتباع سياسة “الصين الواحدة”، ولا تدعم استقلال تايوان، حيث نقلت ذلك عنه وزارة الخارجية الصينية في بيان عقب الاجتماع في بكين.

وكانت إدارة “البيت الأبيض”، وقعت على حزمة من المساعدات الخارجية تضمنت مساعدة لتايوان بقيمة 8 مليار دولار لمواجهة ما أسمته “عدوانية الصين المتزايدة تجاه تايوان وفي بحر الصين الجنوبي”، واعترضت الصين على تلك المساعدات وأدانت على الفور المساعدات، واعتبرتها استفزازا خطيرا.

فرض عقوبات منهكة على الصين؟ 

مؤخرا، ذكر تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، أن، الولايات المتحدة الأميركية تقوم بصياغة عقوبات تهدد بقطع بعض البنوك الصينية عن النظام المالي العالمي بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بكين، بهدف التأثير على التجارة المعقدة والمزدهرة بين بكين وموسكو، في حال لم تنجح الزيارة بتحقيق المبتغى. 

بحسب التقرير، فإن الصين استجابت للتحذيرات الغربية بعدم إرسال أسلحة إلى روسيا منذ بداية الحرب، ولكن منذ رحلة بلينكن إلى بكين العام الماضي، ارتفعت صادرات الصين من السلع التجارية التي لها أيضا استخدامات عسكرية، وجاء الارتفاع بينما ينوي “الكرملين” إعادة بناء جيشه الذي تضرر بشدة جراء أكثر من عامين من القتال في أوكرانيا.

يقول مسؤولون أميركيون وفق الصحيفة الأميركية، إن مساعدات بكين سمحت لموسكو بإعادة بناء قدرتها الصناعية العسكرية، ولذا يشعر الغرب الآن بالقلق من أن روسيا قد تنتصر على أوكرانيا في حرب استنزاف، خاصة إذا لم يحشد الحلفاء صناعاتهم الخاصة لمواكبة الإنتاج الروسي.

بحسب “وول ستريت جورنال”، تعمل البنوك الصينية كوسطاء رئيسيين للصادرات التجارية إلى روسيا، حيث تتعامل مع المدفوعات وتوفر للشركات العميلة الائتمان للمعاملات التجارية.

وكان وزير الخارجية الأميركي، قال قبل أيام: “لا يمكن للصين أن تحصل على الأمرين في كلا الاتجاهين (…) لا يمكنها أن تدعي رغبتها في إقامة علاقات ودية إيجابية مع دول في أوروبا، وفي الوقت نفسه تؤجج أكبر تهديد للأمن الأوروبي منذ نهاية الحرب الباردة”، في إشارة منه إلى الحرب الروسية على أوكرانيا.

ويقول المسؤولون الأميركيون، إن استهداف البنوك بالعقوبات هو خيار تصعيدي في حالة فشل المبادرات الدبلوماسية في إقناع بكين بالحد من صادراتها، إذ كثف المسؤولون الأميركيون الضغوط على بكين في الأسابيع الأخيرة في اجتماعات ومكالمات خاصة، محذرين من أن واشنطن مستعدة لاتخاذ إجراءات ضد المؤسسات المالية الصينية التي تتعامل مع مثل هذه السلع ذات الاستخدام المزدوج.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات