بين مطامع الملاك وغياب الرقابة.. الأسعار الخيالية تضع سوق العقارات السورية في مأزق

يشهد سوق العقارات في المدن السورية الرئيسية ارتفاعاً غير مسبوقًا إيجارًا وبيعًا، في ظل غياب الضوابط والرقابة الحكومية، فبات يتخطى إيجار المنزل الواحد أضعاف راتب الموظف الحكومي.

في العاصمة دمشق، تتراوح إيجارات المنازل حالياً بين 4 ملايين و20 مليون ليرة سورية شهرياً، فيما تتراجع الأسعار نسبياً في مناطق ريف دمشق، لكنها تبقى بعيدة عن متناول ذوي الدخل المحدود، حيث يعادل إيجار منزل متوسط نحو أربعة أضعاف الراتب الحكومي البالغ 390 ألف ليرة.

تزايد الأعباء

يواجه المستأجرون إلى جانب ارتفاع الإيجارات، مطالب بدفع مقدمات مالية ضخمة تصل إلى ستة أشهر أو سنة كاملة مسبقاً، مما يزيد من أعبائهم في ظل الظروف الاقتصادية المتردية.

“عودت إلى سوريا مؤخراً في زيارة للبحث عن منزل، واكتشفت أن الأسعار صارخة ومبالغ فيها بشدة، وضمن دمشق يستحيل على الأشخاص من ذوي الدخل المحدود استئجار منزل، وفق ما نقل موقع “العربي الجديد” عن المواطن لؤي الخطيب.

وأشار إلى أن عودته إلى سوريا وعائلته ترتبط بإيجاد منزل للإيجار وفرصة عمل مناسبة، حيث أن منزل العائلة مدمر كلياً في حي جوبر، لافتًا إلى أن أسعار الإيجارات تضاهي مثيلاتها في تركيا، وتتجاوزها بأضعاف في بعض مناطق دمشق، ولا يمكن مقارنة الخدمات، ومؤكدًا أن هناك طمع واضح من الملاك واستغلال علني للظروف الحالية.

وتابع: “من المعروف أن أسعار الإيجارات في دمشق مرتفعة جداً، حتى قبل عام 2011، لكن في الوضع الراهن بلغ الأمر ذروته.. هناك منازل ضمن أحياء دمشق داخل التنظيم يطلب ملاكها دفع الإيجار مسبقاً لمدة ستة أشهر أو سنة، وكذلك الأمر في قدسيا حالياً بريف دمشق”.

ارتفاعات غير مسبوقة

على الرغم من أن مدينة حماة، من المدن الأقل تضرراً بين المدن السورية، إلا أنها شهدت أيضاً ارتفاعًا غير مسبوقًا في إيجارات المنازل وأسعار العقارات على حد سواء، رغم أن البنية التحتية في المدينة تعد جيدة مقارنة بباقي المدن التي تعرضت للقصف.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة تحتاج سوريا إلى 400 مليار دولار لإعادة الإعمار، وقد يرتفع الرقم إلى تريليون دولار في ظل الحاجة لإعمار كل شيء نتيجة الدمار الكبير الذي تعانيه البلاد في المدن والقرى والبنى التحتية والقطاعات الإنتاجية، إضافة إلى الحاجة إلى مشاريع كبرى في الطاقة والنقل والنفط والغاز وغيرها.

حمزة الأحمد، المنحدر من حماة، قال إن العثور على منزل للإيجار بسعر مناسب بات غاية في الصعوبة، موضحاً أنه منذ حوالي ثلاثة أشهر يبحث عن منزل مناسب للإيجار دون جدوى، وأن الحد الأدنى لإيجار منزل مناسب في مدينة حماة يتجاوز ثلاثة ملايين ليرة.

وتشهد الأحياء غير المتضررة في مدينة حمص ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الإيجارات، لا سيما ضمن مركز المدينة، حيث تجاوز سعر إيجار بعض الشقق السكنية 15 مليون ليرة، ومع هذه الأسعار، يعزف كثيرون ممن أتيحت لهم فرص عمل في المدينة، سواء ضمن عمل حكومي أو في القطاع الخاص، عن العودة، لأن الدخل لا يكفي لسد إيجار المنزل.

غياب الضوابط

أما في حمص، فإن الوضع ليس أفضل حالاً، حيث تجاوزت إيجارات الشقق في مركز المدينة 15 مليون ليرة، ما دفع كثيرين إلى الإحجام عن العودة رغم توفر فرص العمل.

وأشار “عمار زكريا” إلى أن إيجار منزل في حي الوعر يبلغ مليوني ليرة، مع تكاليف نقل شهرية مماثلة، ما يجعل الدخل بالكاد يكفي لتغطية هذه المصاريف الأساسية.

وتابع: “لا يوجد أي حد أو سقف لإيجارات المنازل هنا، ولا يوجد ضبط أيضاً، خاصة في حمص، إذ إن العرض قليل جداً على المنازل، بسبب الدمار الذي شهدته المدينة”.

ينذر الوضع المتفاقم الحالي بأزمة كبيرة في السوق العقاري خاصة في ظل غياب الضوابط التنظيمية للسوق، والمعاناة اليومية التي يعيشها السوريون بين البحث عن منزل واستنزاف مواردهم المالية وغياب الحلول الحقيقية والمستدامة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات