هل تحولت سوريا الجديدة إلى مزرعة خاصة بآل الشرع؟ سؤال يطرح نفسه بإلحاح مع توالي قرارات الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بتعيين أقاربه في مناصب حساسة، مما يثير مخاوف من تكرار أنماط حكم العائلة التي ثار عليها السوريون.

بعد سنوات من انتقاد نظام الأسد الأب والابن، الذي حوّل سوريا إلى إقطاعية عائلية، يبدو أن الشرع يسير على نفس الخطى، محوّلًا “سوريا الجديدة” إلى نسخة معدلة من الماضي، بل ويخذل بذلك آمال السوريين.

السلطة بالوراثة.. سيناريو سوريا الجديدة!

لقد كان أحمد الشرع، من بين الأصوات المنتقدة بشدة لحكم العوائب الذي كرسه نظام الأسد لعقود، محوّلًا سوريا إلى ما يشبه “مزرعة” خاصة بنخبة قليلة من المقربين، ولكن، مع استلامه مقاليد السلطة الانتقالية، تتواتر التقارير عن قيامه بتعيين سلسلة من أقاربه بمناصب حساسة واستراتيجية، مما يطرح تساؤلات جدية حول مدى التزامه بالوعود التي قطعها، بل ويضع مصداقيته على المحك.

تشير المعلومات، إلى تولي شقيقه ماهر الشرع منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، وهو موقع محوري في إدارة شؤون الرئاسة وتوجيه القرارات، كما تم تعيين شقيقه الآخر، حازم الشرع، رئيسًا لهيئة الاستثمار، وهي المؤسسة المسؤولة عن جذب رؤوس الأموال وتوجيه الاقتصاد في مرحلة إعادة الإعمار الحاسمة.

ولم يقتصر الأمر على الأشقاء، بل امتد ليشمل أويس الشرع، حيث بات يشغل الآن منصب أمين القصر الجمهوري، وهو منصب يمنح نفوذًا كبيرًا داخل الدائرة الرئاسية.

الأكثر إثارة للقلق، هو توسيع دائرة المحاسيب لتشمل صهر الرئيس، أحمد الدروبي، الذي تم تعيينه أمينًا لصندوق البنك المركزي، وهو موقع بالغ الأهمية في إدارة السياسة النقدية واستقرار الاقتصاد الوطني، ويكتمل هذا المشهد بتعيين عديل الرئيس وابن خالته، ماهر مروان، محافظًا لدمشق، العاصمة التي تمثل مركز الثقل السياسي والإداري والثقافي للبلاد.

سوريا آل الشرع: دوران في حلقة مفرغة؟

هذه القرارات، التي يتخذها الشرع، تكشف عن توجه نحو مركزة السلطة في يد دائرته الضيقة من الأقارب، متجاهلًا بذلك مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص، ويحمل هذا النهج في طياته تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا، أولها، تغليب منطق الولاء العائلي على الكفاءة الوطنية، وهذا يثير شكوكًا عميقة حول قدرة “سوريا الجديدة” على بناء مؤسسات قوية وفعالة تخدم مصلحة جميع السوريين.

ثانيًا، هذا النمط من التعيينات يرسل رسالة سلبية إلى الشعب السوري الذي كان يتطلع إلى نظام حكم جديد يقوم على الديمقراطية والعدالة والمساءلة والمشاركة الواسعة، فرؤية المناصب العليا توزع على أساس القرابة يعيد إلى الأذهان ممارسات النظام السابق ويثير مخاوف مشروعة من أن “سوريا الجديدة” ليست سوى استمرار للماضي بوجه جديد، وأن التضحيات الجسام التي قدمها الشعب لم تثمر عن التغيير المنشود.

رابعًا، هذا النهج يقوض أسس الديمقراطية التي طالما نادى بها السوريون، فالديمقراطية الحقيقية تقوم على الشفافية والمساءلة والمشاركة الواسعة لجميع المواطنين في إدارة شؤون البلاد، لا على احتكار السلطة والنفوذ من قبل عائلة أو فئة قليلة، فترسيخ حكم العوائل، تحت قيادة الشرع، يتعارض بشكل مباشر مع مبادئ الديمقراطية ويفتح الباب أمام الاستبداد وتهميش حقوق المواطنين.

أخيرًا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هو هل تحولت “سوريا الجديدة” بالفعل إلى “مزرعة” جديدة، ولكن هذه المرة بيد آل الشرع؟ الشرع مطالب بإعادة النظر في هذه السياسات وتغليب مصلحة الوطن على المصالح العائلية الضيقة، ولذا فإن السعي لتكريس حكم العوائل وتوريث النفوذ تحت أي مسمى كان، ستكون تبعاته وخيمة مهما طال الوقت، وما نهاية الأسد إلا صورة دامغة على ذلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة