تركت سنوات الحرب الطويلة الاقتصاد السوري في حالة يرثى لها، حيث تضررت البنية التحتية، وتعطلت عجلة الإنتاج، وارتفعت معدلات البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
في ظل هذه التحديات، يُثار ما بين الحين والآخر موضوع خصخصة القطاع العام كأحد الحلول لإعادة إحياء الاقتصاد السوري المتدهور، واعتبارها طوقًا للنجاة لانتشال البلاد من أزمتها الخانقة.
خروج الحكومة من اللعبة الاقتصادية
طرح مستشار وزير الاقتصاد في الحكومة الانتقالية السورية، مازن ديروان، أن تقوم الحكومة بالخروج بشكل كامل من اللعبة الاقتصادية التي أنهكت ميزانيات الدولة وهدرت مواردها الوطنية على مدى أكثر من ٦٥ عامًا، وفقًا لمنشور له على موقع التواصل “فيسبوك“.

تجاوزت خسائر القطاع العام منذ عام2011 نحو 30 مليار دولار نتيجة الحرب، وتراكمت الخسائر واستُنزفت خزانة الدولة، خصوصاً مع ربط مئات آلاف من العاملين برواتب بخسة، وإدارته بمركزية شديدة وتقديم الولاء على الكفاءة والتكنولوجيا المتقادمة والتشابكات المالية والنقدية المعقدة، وتوليد منافع مالية كبيرة لمصلحة قلة عبر الفساد.
ووصف خلال منشوره وضع القطاع العام ومحاولة إنقاذه كمن يحاول “يحيي العظام وهي رميم”، موضحًا أنه عندما يخطئ القطاع الخاص، يدفع ثمن خطئه بنفسه ويصحح الخطأ بأسرع وقت إما بتغيير منهجه أو بإنهاء أعماله لوقف النزيف، بينما يتابع القطاع العام النزيف إلى ما لا نهاية تحت شعارات شتى لا تحقق إلا مزيداً من الخسائر.
بيع القطاع العام برمته
رأى ديروان، الذي يحتل موقع مستشار أول لوزير الاقتصاد والصناعة لشؤون التجارة الخارجية، وفق ما أعلن الوزير محمد نضال الشعار، في 25 نيسان/ أبريل الماضي، أن الحكومة لابد أن تكتفي بدورها الأساسي المنوط بها وهو ضمان الأمن الداخلي والخارجي والقضاء، لحفظ حيوات الناس وحقوقها، وأن الحكومة يجب ألا تكون أكثر من “حكم مباراة” وليس “لاعب”، المواطنون الأحرار هم اللاعبون.
التوجّه لحماية الصالح العام، ولوقف نزيف خسائر القطاع العام، وللتخلّص من البطالة المقنّعة والفساد والمحسوبيات، وخلق فرص عمل حقيقية ومنتجة، إضافة إلى إدخال مبالغ كبيرة لخزينة الدولة التي هي بأمسّ الحاجة لها، لن يتم إلا عن طريق بيع القطاع العام برمّته، في أسرع وقت حتى تحصّل الدولة أعلى عوائد من هذا البيع وللتعامل مع النتائج الاجتماعية لهذا البيع بالشكل الأمثل.
مستشار وزير الاقتصاد في الحكومة الانتقالية السورية، مازن ديروان
يعقّب ديروان في منشوره: “أتمنى عدم إضاعة الوقت والجهد في محاولات إثبات المثبت على مدى 65 سنة وفي تجارب جميع دول العالم التي أرادت النجاح والخلاص من الفقر والفساد، مشددًا على أن القطاع العام لا يمكن أن يكون مجدياً، والفكر الذي يدعو لأن تقوم الدولة بالإنتاج هو فكرٌ عفا عليه الزمن منذ زمن.
وتعرض أكثر من 70 بالمئة من شركات القطاع العام في سوريا إلى الخسارة، رغم أنها تقدم خدمات حصرية مثل شركة الكهرباء وشركات معامل الدفاع، وفقاً لتصريحات حكومة تصريف الأعمال السورية السابقة، كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية في سوريا بشكل كبير بسبب الحرب وعدم الاستقرار مما أثر سلباً على فرص النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
جدل حول فكرة الخصخصة
بُعيد سقوط النظام البائد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، دار جدل حول فكرة خصخصة القطاع العام بعد تصريحات تنبئ بهذا الاتجاه من جانب مسؤولين في الإدارة الجديدة.
وكانت الحكومة السورية ذكرت أنها تعتزم اتخاذ خطوات جذرية لتطوير الاقتصاد المحلي، تتضمن خصخصة الموانئ والمصانع الحكومية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، بحسب صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، حيث جاء ذلك في تصريحات وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، خلال مقابلة أجراها مع الصحيفة من دمشق.

أما وزير الاقتصاد السوري السابق، باسل عبد الحنان، كان أوضح أن حكومة الرئيس أحمد الشرع ستقوم بخصخصة 107 شركات صناعية مملوكة للدولة، معظمها غير مربحة، لكنه أكد أن أصول الطاقة والنقل التي تُعتبر “إستراتيجية” ستظل تحت سيطرة الدولة، من دون أن يحدد أسماء الشركات التي ستخضع للخصخصة، وتشمل الصناعات الكبرى في سوريا النفط، والأسمنت، والصلب.
وقد تعرّضت هذه الطروحات للانتقاد الحاد، من جانب فريق من المنظّرين والخبراء الاقتصاديين، رفضوا التفريط بالقطاع العام بصورة كلية، من بينهم، حسين الشرع، والد الرئيس أحمد الشرع، الذي نُسب إليه منشور في مطلع شهر شباط/فبراير الفائت، انتقد فيه فكرة الخصخصة، معتبراً إيّاه خطأ كبيراً، وواصفاً القطاع العام الذي “أُقيم خلال عشرات السنين”، بأنه “ثروة قومية وملك للشعب”.
- لقاء ثلاثي يجمع سوريا وتركيا والأردن.. هل يُمهّد لتفاهمات إقليمية جديدة؟
- قيود مستمرة على عمليات الإغاثة في سوريا.. ما القصّة؟
- ترامب إلى الخليج.. رحلة “التريليون دولار” نحو صفقات جديدة في زمن التوترات
- إسرائيل تريد “علاقات جيدة” مع سوريا.. ما وراء ذلك؟
- “اللشمانيا” تنتشر في أحياء حلب الفقيرة.. والمسؤولون غائبون
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

غضب في سوريا بسبب فصل الموظفين.. هل تتعسّف إدارة الشرع ضد فصيل بعينه؟

تحوّل في شرعية التمثيل السوري: واشنطن تُعيد تعريف العلاقة القانونية مع دمشق

خطة لإدارة البلاد بعد سقوط الأسد: ماذا تتضمن؟

ارتفاع الاستقالات من القطاع العام في سوريا.. كيف تتعامل الحكومة مع الطلبات؟
الأكثر قراءة

هل تكون العملة الجديدة حلا سحريًا لاستعادة الثقة في الليرة السورية؟.. خبير يوضح

هل تستطيع سوريا النجاة من نيران الطائفية؟

نتائج زيارة الوزير الشيباني إلى نيويورك: بين الخلط والفشل!

محمد رمضان يتجاهل محاكمته بتُهمة إهانة العَلم المصري بأسلوب استفزازي!

ماهر مروان: سيرة مشبوهة وقرابة نافذة بالشرع.. ما أهليّته لقيادة دمشق؟

لا قرار رسمي.. نقل مراكز الامتحانات يثير مخاوف طلبة الحسكة
المزيد من مقالات حول اقتصاد

ترامب إلى الخليج.. رحلة “التريليون دولار” نحو صفقات جديدة في زمن التوترات

“برج ترامب” وسيلة الشرع لإغراء الرئيس الأميركي لتخفيف العقوبات عن سوريا

هل تبيع الحكومة الجديدة القطاع العام السوري كاملًا؟.. مستشار وزير الاقتصاد يجيب

أميركا والصين على مائدة المفاوضات لأول مرة منذ اندلاع الحرب التجارية.. ماذا حدث؟

“جسر التواصل” للوساطة بين الشرع وترامب.. من هو رجل الأعمال الأميركي جوناثان باس؟

هل تنجح قرارات المركزي الأخيرة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري؟

الليرة السورية: هل تشهد تراجعا بعد إقرار زيادة الرواتب؟
