منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، تراجعت الأوضاع الاقتصادية في البلاد سنة تلوى الأخرى، على وقع العقوبات الاقتصادية الغربية ودخول سوريا في عزلة، جراء الانتهاكات التي ارتكبها النظام المخلوع في قمع الاحتجاجات المناهضة له، وما تلاها من دخول البلاد في حالة حرب لأكثر من عقد، ما أدى إلى ضعف فرص العمل وارتفاع نسب البطالة.
وكانت محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، من المحافظات المتأثرة بأزمة سوق العمل، إذ باتت تعاني من أزمة بطالة خانقة، تفاقمت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ناهيك عن أنها تعتبر من المحافظات النائية، التي لم تكن من اهتمامات حكومة دمشق فيما مضى، رغم أنها محافظة نفطية.
سوق العمل في الحسكة: واقع مأزوم
مراسل “الحل نت” في الحسكة، وصف أزمة سوق العمل بأنها ليست مجرد أرقام أو نسب مرتفعة، بل هي واقع يومي مرير، يعيشه آلاف الشباب “الذين يقضون أيامهم بين انتظار فرصة لا تأتي أو عمل يومي لا يسد رمقهم.” وأضاف أن العشرات من الشباب يقفون يوميا عند دوار العزيزية كل صباح، على أمل أن يعثروا على عمل بنظام المياومة في البناء أو التحميل، والتي تُعتبر من المهن الشاقة.

أحمد بدران، 27 عاما، يبدأ يومه قبل شروق الشمس، منتظرا من قد يعرض عليه عملا ليوم واحد أو ساعات، ليعيل أسرته في ظل أوضاع معيشية صعبة، وفق تعبيره.
“أحيانًا أنتظر لساعات دون جدوى. وإذا عملت، أتقاضى بين 20 إلى 25 ألف ليرة، وهو مبلغ لا يكفي لشراء الطعام حتى”، قال بدران لـ “الحل نت”.
ورغم حصوله على الشهادة الثانوية، أجبرت الظروف الاقتصادية أحمد على ترك مقاعد الدراسة لإعالة أسرته المؤلفة من ستة أفراد. ويضيف: “الوضع بات لا يُحتمل، لا أمان وظيفي، ولا مستقبل واضح.”
مراسل “الحل نت”، قال إن عشرات الشباب يتواجدون يوميا عند “دوار النسر” في مدينة الحسكة، أملاً بالحصول على العمل لساعات لتأمين مصاريفهم الأساسية اليومية، مشيرا إلى أن بعضهم لا يحصل على هذه الفرصة، في ظل ضعف حركة البناء وغيرها من الأعمال الشاقة.
أرقام مقلقة
تشير تقديرات غير رسمية إلى أن ما يقارب 75 بالمئة من شباب بعض مناطق الحسكة قد غادروها خلال السنوات الأخيرة، ما تسبب بتغيرات ديمغرافية واجتماعية حادة.

ويعود ذلك إلى غياب شبه تام لسوق العمل المنظم، وتوقّف أغلب القطاعات الإنتاجية، إلى جانب هشاشة البنى التحتية وانعدام المشاريع التنموية والاستثمارية. حيث دفع هذا الواقع الكثير من الشباب إلى الهجرة، سواء إلى الخارج أو إلى مدن أكثر استقرارًا.
وفق مراسل “الحل نت“، فإن أزمة البطالة في الحسكة لم تعد قضية اقتصادية فحسب، بل باتت تهدد بُنية المجتمع ومستقبله، وتفتح أبوابًا لمشكلات اجتماعية متفاقمة، مشيرا إلى أن المحافظة تتطلب العمل على مشاريع تنموية ودعم رواد الأعمال فيها.
وتُعقد الآمال على بدء النهوض الاقتصادي في سوريا، بعد قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مما يسمح بتدفق الاستثمارات وتوفير فرص عمل جديدة، ناهيك عن تحسّن الأوضاع الاقتصادية.
في آخر دراسة للبطالة، إبان النظام المخلوع، كشف المكتب المركزي للإحصاء، أن معدل البطالة ارتفع 23.7 بالمئة وقوة العمل انخفضت من 6.5 ملايين إلى 5.9 ملايين، بناء على مسح قوة العمل لعام 2022. في حين أن معدل البطالة، وفق خبراء، كان يقدر في ذلك الوقت بنحو 37 بالمئة، بينما البطالة المقنعة، التي يقصد بها توظيف عدد أكبر من العمال مما هو مطلوب لأداء وظيفة معينة، فقد تجاوزت 85 بالمئة.
- العقوبات تُرفع والمراقبة تبدأ.. هل ينجح “الشرع” في تنفيذ الشروط الأميركية؟
- مع دخول الصيف.. أزمة الكهرباء تفاقم الأوضاع في الحسكة ومطالب بالرقابة على “المولدات”
- تسلا في دمشق: هل تعود الحياة الفارهة للسوريين بعد رفع العقوبات؟
- “سوريا لا تقبل وصاية”.. الشيباني يطلق رسائل خلال القمة العربية ببغداد
- القمة العربية تقف مع سوريا.. تفاصيل
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

هل تكون العملة الجديدة حلا سحريًا لاستعادة الثقة في الليرة السورية؟.. خبير يوضح

هل تستطيع سوريا النجاة من نيران الطائفية؟

نتائج زيارة الوزير الشيباني إلى نيويورك: بين الخلط والفشل!

محمد رمضان يتجاهل محاكمته بتُهمة إهانة العَلم المصري بأسلوب استفزازي!

ماهر مروان: سيرة مشبوهة وقرابة نافذة بالشرع.. ما أهليّته لقيادة دمشق؟

لا قرار رسمي.. نقل مراكز الامتحانات يثير مخاوف طلبة الحسكة
المزيد من مقالات حول اقتصاد

العقوبات تُرفع والمراقبة تبدأ.. هل ينجح “الشرع” في تنفيذ الشروط الأميركية؟

مع دخول الصيف.. أزمة الكهرباء تفاقم الأوضاع في الحسكة ومطالب بالرقابة على “المولدات”

الوجود الأميركي في سوريا: فصل اقتصادي جديد؟

عملة سورية جديدة تطبع في النمسا: ما الفئات والرموز؟

من الرياض إلى أبوظبي.. حصيلة مكاسب “ترامب” الاقتصادية خلال جولته الخليجية

الليرة من الانهيار إلى الانتعاش.. هل تعاد الثقة في العملة السورية بعد قرار واشنطن؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح
