تزايد الجدل مؤخرًا بشأن توجه الحكومة السورية نحو اعتماد عملة جديدة، خاصة بعد تصريح وزير المالية السوري محمد يسر برنية حول العمل على إعادة تقييم العملة السورية الحالية، وكشفه عن عملية إصدار عملة سورية جديدة قريبًا.
حديث برنية أثار الكثير من التساؤلات حول جدوى هذا الإجراء، ومدى تأثيره على الاقتصاد السوري الذي يعاني أزمات كثيرة، وينتظر الإنفراجة عقب إعلان الولايات المتحدة الأميركية رفع العقوبات المفروضة على دمشق.
إعادة تقويم العملة
جاء هذا الاقتراح في ظل انهيار الإنتاج المحلي، وتضاؤل قدرة الدولة على ضبط السيولة، وتآكل دور البنك المركزي، ما فاقم اختلالات سوق الصرف، وأدى إلى هيمنة الواردات الرخيصة على حساب الصناعة المحلية.
وتستهدف عملية إعادة تقويم العملة تحسين كفاءة استخدامها وتقوية صورتها عبر تقليص الأرقام المتداولة، لا سيما في ظل تضخم مفرط وفقدان العملة الوطنية لمصداقيتها، ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها من الخطوات الاعتبارية التي قد تساهم في تعزيز الثقة بالاقتصاد المحلي، وتقليل معدلات التضخم.

وذهبت اقتراحات بعض المحللين لشلكل العملة السورية الجديدة نحو حذف الأصفار منها وإعادة طباعة عملة جديدة (نيوليرة)، وضخ عملة محلية بلاستيكية، في محاولة لاحتواء آثار التضخم الجامح الذي بلغ 119.7 في المائة في الربع الأول من عام 2023.
إلا أن هذه الآراء لاقت انتقادات عديدة على اعتبارها مجرد اقتراحات غير مجدية في الفترة الحالية، تُنهك الاقتصاد، خاصة بعد أن كشف مصدر في مصرف سورية المركزي عن تكلفة طباعة القطعة النقدية بنحو 20 سنتيم، ما يعني أن تكلفتها تتجاوز قيمة العملة نفسها.
تكاليف كبيرة وتعقيدات
في هذا الصدد، رأى الخبير الاقتصادي، فادي عياش، أنه لايوجد أي مبرر موضوعي لإلغاء أصفار من العملة الحالية، كما أنه من غير المجدي طباعة عملة جديدة في الظروف الراهنة، مؤكدًا أن التغيير لأجل التغيير لا يجوز أن يكون هدفاً للسياسة النقدية حالياً، وفق تصريحات نقلها عنه موقع “العربي الجديد“.
وشدد على ضرورة ملاحظة التعقيدات وآثار حذف الأصفار، إذ إن ذلك يتطلب تغيير العملة وطباعة عملة جديدة، ما يفرض تكاليف كبيرة ويسبب تعقيدات كثيرة قد تؤدي إلى اضطرابات مالية لسوريا بغنى عنها في المرحلة الحالية، لا سيما أن هكذا إجراء في الظروف الراهنة لن يساعد على تحسين قيمة الليرة.
الدول تلجأ إلى حذف الأصفار عندما تعاني التضخم المفرط، إذ تفقد العملة قيمتها بسرعة، ويصبح من الصعب التعامل مع الأرقام الكبيرة، إضافة إلى انخفاض الثقة بالعملة بسبب الأزمات الاقتصادية أو السياسات النقدية السيئة، وتبسيط العمليات المالية، فتصبح التعاملات اليومية، والمحاسبة، وإعداد التقارير المالية أكثر سهولة.
الخبير الاقتصادي، فادي عياش
وأفاد بأن هذا الإجراء يكون شكلياً وقاصراً ما لم يترافق مع عمليات إصلاح بنيوية في الاقتصاد الوطني تساعد على زيادة معدلات التشغيل والإنتاج والتصدير وتنمية السوق المحلي، بما يساعد في تحسين توازنات ميزان المدفوعات والميزان التجاري وأسعار الصرف، وبالتالي تحسين القوة الشرائية للعملة المحلية وزيادة القدرة الشرائية للدخل ونمو الطلب بالتزامن مع نمو العرض السلعي والخدمي المتاح.
شروط نجاح حذف الأصفار
الخبير الاقتصادي، بيّن أن من شروط نجاح حذف الأصفار أن يكون الاقتصاد قد تعافى فعلاً وليس مجرد تغيير شكلي، إضافة إلى السيطرة على التضخم حتى لا تفقد العملة قيمتها مجدداً، كما يجب اعتماد سياسات اقتصادية داعمة مثل تحسين الإنتاجية وتعزيز الثقة في النظام المصرفي، فضلاً عن وجود إدارة ناجحة لتغيير العملة لمنع التلاعب بالأسعار وخلق حالة من الفوضى المالية.

ورأى أن بالنسبة لواقع سوريا الحالي الذي يعاني من معدلات تضخم مرتفعة يمكن الاعتماد على بدائل أكثر جدوى، منها معالجة حالة الركود الاقتصادي أكثر من معالجة مظاهر التضخم، لأن معالجة الركود كفيلة بضبط معدلات التضخم.
في سياق موازٍ، نفى “المصرف المركزي السوري”، طباعة عملة جديدة في الإمارات أو ألمانيا، مشيراً إلى استمرار الطباعة في روسيا لتلبية الاحتياجات المحلية، وفق ما ذكرت صحيفة “المدن” عن مصدر.
بينما نفت وزارة المالية السورية، صحة ما يُتداول عن نية الحكومة اعتماد اسم “الدينار الأموي” كبديل عن الليرة السورية.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

على طاولة الحكومة السورية زجاجة مياه تركية.. كيف للاقتصاد الوطني أن ينهض؟

وسط تحديات رئيسية.. ما السيناريوهات المتوقعة للاقتصاد السوري؟

5 مهام أساسية أمام الحكومة السورية الانتقالية.. وهذا هو مفتاح إنقاذ الاقتصاد

سعر الصرف الحقيقي لليرة السورية 20 ألفا والصدمة قادمة
الأكثر قراءة

وسط ترقب لانفراجة من واشنطن.. “المركزي السوري” يخفض سعر الدولار مقابل الليرة

وسط اتهام للمقاتلين الأجانب.. الأمن العام يفتح تحقيقا في مقتل أربعة أشخاص باللاذقية

هل تنجح قرارات المركزي الأخيرة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

هل تبيع الحكومة الجديدة القطاع العام السوري كاملًا؟.. مستشار وزير الاقتصاد يجيب

نجوم سوريا يتفاعلون مع رفع العقوبات.. فرح وشكر من كل الأطراف!
المزيد من مقالات حول اقتصاد

هل يفتح قرار رفع العقوبات عن سوريا نافذة أمل لاقتصاد لبنان المُتعثر؟

“مجلس للتنسيق الأعلى” بين عمان ودمشق.. عهد اقتصادي جديد

“الليرة السورية” والعروض الدولية.. تسع دول تتنافس على طباعة العملة الجديدة فما هي؟

“ديون الحرب”.. ورقة الشرع الرابحة للتخلص من دين الأسد لـ روسيا وإيران

“الليرة الجديدة”.. هل تنقذ الاقتصاد السوري أم تعمّق أزمته؟

هل أصبحت سوريا مؤهلة لتلقي التمويلات الجديدة؟.. البنك الدولي يجيب

العقوبات تُرفع والمراقبة تبدأ.. هل ينجح “الشرع” في تنفيذ الشروط الأميركية؟
