طوابير طويلة منذ الفجر للحصول على “لا حكم عليه”.. ما خطط وزارة الداخلية؟

حنان دعدوش

بعد أزيد من خمسة أشهر على توقفها، فتحت إدارة “المباحث الجنائية” بابَ منح وثيقةِ السّجل العدلي “غير محكوم” للمواطنين، استناداً إلى توجيهاتِ وزير الداخلية بتسهيلِ الحصولِ عليها، وذلك اعتباراً من 21 أيار/مايو الجاري.

وشهد مبنى الإدارة في ساحة “الجمارك” بدمشق خلال الأيام الماضية أزمة غير مسبوقة، حيث توافد أعداد كبيرة من سائر المحافظات للحصول على وثيقة “غير محكوم”، لحاجتها في معاملات أخرى وغايات السفر، وسط انتقادات طالت وزارة الداخلية ومطالبتها بفتح فروع أخرى وإيجاد آليات للحد من الازدحام.

طوابير طويلة وبطء في الإنجاز

يُعد منح وثيقة “غير محكوم” أول عمل تنفذه إدارة “المباحث الجنائية” منذ إسقاط النظام السابق في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد توقف دام أكثر من خمسة أشهر، وهو ما جعل الإقبال كبيرا جدا، خاصة مع تكدّس الطلبات المؤجلة من الشهور السابقة، وازدياد الحاجة إليها لتجديد الإقامات والسفر والتقديمات الجامعية.

صورة تظهر مئات المواطنين يقفون للحصول على “غير محكوم” في ساحة الجمارك بدمشق – “الحل نت”

وشهد مبنى الإدارة في “ساحة الجمارك”، وفرع “باب مصلى” في دمشق، ازدحاماً كبيراً، منذ ساعات الفجر، حيث ينتظر المواطنون لساعات طويلة بسبب البطء في سير العمل، رغم التنظيم النسبي الذي تم اعتماده مؤخراً.

يتوافد المواطنون من مختلف المحافظات السورية إلى دمشق للحصول على وثيقة السجل العدلي، نظراً لتأخر تفعيل الفروع في معظم المحافظات، ما ضاعف الضغط على العاصمة وأرهق القادمين من مسافات بعيدة.

عبد الكريم العلي، قادم من دير الزور، قال لـ “الحل نت”، إن الوصول إلى دمشق كان شاقاً، بينما اضطر للمبيت في الطريق ليصل في الخامسة فجراً. وأضاف: “العمل بطيء جداً والطابور لا ينتهي، ورغم ذلك انتظرت حتى حصلت على الوثيقة لأنني بحاجة لها من أجل معاملة سفر.”

فيما يرى سليم الأحمد، من دير الزور، أن الوصول إلى دمشق فقط للحصول على هذه الوثيقة يعكس غياب العدالة في توزيع الخدمات. وتابع في حديث لـ “الحل نت” أن “كل شيء صعب، من الطريق الطويل إلى الانتظار تحت الشمس، ولا يوجد أي نظام لحجز الأدوار، نحتاج لحلول دائمة، ليس فقط مؤقتة.”

ولم يختلف الأمر بالنسبة لأم محمد، التي قدِمت من الحسكة، إذ اضطرت للسفر لأكثر من عشر ساعات للوصول إلى دمشق من أجل وثيقة واحدة. وأردفت: “وصلت قبل الفجر وكان هناك العشرات بانتظار الدور، بقيت واقفة ثلاث ساعات قبل الدخول، والحصول على الورقة استغرق اليوم كاملاً.”

في حين عبّر فادي سمير، شاب من دمشق، عن استغرابه من حجم الازدحام رغم أن المركز داخل العاصمة، مشيراً إلى أنه قصد المبنى في “البرامكة” في الساعة السادسة صباحاً، لكنّه لم يتمكن من الدخول إلا بعد قرابة أربع ساعات.

وأضاف في حديث لـ “الحل نت”: “كنت أظن أن الوضع سيكون أسهل بما أني من دمشق، لكن المفاجأة كانت أن عدد القادمين من المحافظات أكبر من عدد أبناء المدينة أنفسهم، وهذا زاد الضغط والبطء في الإنجاز.”

ماذا علّقت وزارة الداخلية؟

خلال 5 أيامٍ من انطلاق العمل، تم استخراجُ 7022 خلاصةَ سجلٍّ عدليٍّ “غير محكوم”، بعد اتخاذِ إجراءاتٍ تنظيميةٍ جديدةٍ شملت فتحَ كُوَّةٍ مخصصةٍ لتنظيمِ الدور، تليها صالةٌ مخصصةٌ لمنحِ الوثائق، بحيث يحصل المواطن على الوثيقةِ خلالَ مدةٍ لا تتجاوز نصفَ ساعة، مع استمرارِ الجهودِ لتقليصِ المدةِ الزمنيةِ أكثر، بحسب ما قال المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا.

وزارة الداخلية السورية – “وسائل التواصل”

وأضاف البابا أنه جرى تفعيلُ إصدارِ “السّجل العدلي” من الفرعِ في المحافظات، حيث بدأ فرعُ حماة منذ يومين، وتم استخراجُ 331 وثيقةَ سجلٍّ عدليٍّ حتى الآن.

العمل جارٍ على تفعيلِ فروع حمص، دير الزور، وريف دمشق (حرستا) اعتباراً من الأسبوع المقبل، على أن يشملَ التفعيلُ جميعَ المحافظات خلال فترةٍ قصيرة، رغم التحديات الناتجة عن التخريب الذي خلفه النظام السابق، من دمار وتعطيل للبنية التحتية والاتصالات.

المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا

وأشار البابا إلى أن الصور والفيديوهات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تعود بمعظمها لليوم الأول من بدء العمل، موضحاً أن أحد أبرز أسباب الازدحام يعود إلى الطلب المرتفع على الوثيقة من قبل السفارات لتجديد الإقامات ورخص العمل والتسجيل في الجامعات.

ورغم أهمية استئناف منح وثيقة السجل العدلي، وعودة العمل إلى إدارة “المباحث الجنائية”، إلا أن الواقع ما يزال يفرض تحديات كبيرة على المواطنين، خاصة أولئك القادمين من محافظات بعيدة. الازدحام الكبير، الطوابير الطويلة، وبطء سير المعاملات، كلها مؤشرات على الحاجة الملحة لتوزيع الخدمة بشكل عادل جغرافياً، وتفعيل مراكز جديدة، مع إدخال خدمات إلكترونية حديثة تضمن حجز الدور مسبقاً وتسهيل وصول الوثيقة دون عناء السفر والانتظار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات