فتحي أبو سهيل

قضت محافظة #دمشق التابعة للنظام السوري بعد حملة شعواء صادرت خلالها آلاف البسطات وفقاً لما أكدته نهاية العام الماضي، على مصدر رزق الكثيرين من المهجرين ومعدومي الدخل، متذرعة بوعود تخصيص سوق خاص لهم لاحقاً مالم يتم حتى الآن.

حملة المحافظة ضد أصحاب #البسطات جاءت بشكل أو بآخر، خدمة لأصحاب الأكشاك الذين هم بالغالب من أصحاب النفوذ أو يعملون لدى الجهات الأمنية، مادفعهم للتمادي أكثر بالنسبة لرفع الأسعار والإستيلاء على الأرصفة لتوسيع أعمالهم.

لايوجد شيء اسمه ترخيص بسطة في محافظة دمشق، وماهو موجود ترخيص لبسطات الثمار الموسمية مثل #الفول و #البليلة و #الذرة، وهي من المهن الفلكلورية، وماعدا ذلك هو مخالف قانوناً، وسط فشل المحافظة بتخصيص مكان ملائم وتنظيم عمل هؤلاء.

خلسة

يعود أبو جابر وهو نازح من منطقة الشفونية بريف دمشق إلى الرصيف الجانبي في منطقة برزة بعد الساعة السادسة مساءاً، ليفترش الأرض، بعد انتهاء دوام دوريات المحافظة، مصراً على أن يكسب رزقه من بسطته ولو كانت هناك مخاطرة كبيرة برأس ماله المتواضع الذي استدانه فوق دين سابق، وقال  “كنت أملك محلاً لبيع الملابس سابقاً في #دوما، وكان لدي منزل وسيارة، لكني خسرت كل شيء، وكي استمر بالعيش من عرق جبيني، اقترضت بعض النقود وافترشت الأرض ببعض الملابس في مساكن برزة، وبعدها اشتريت عربة لأطور عملي، لكن المحافظة قضت على أملي الوحيد وصادرت كل ما أملك”.

وتابع “عدت واقترضت مبلغاً آخراً، علّي أستطيع أن أعيد الدين السابق وأبقي شيئاً لنعيش به وعائلتي.

الفقراء هم المتضررون

يردف البائع “زبائني من الشريحة الفقيرة، هم مثلي تماماً، غير قادرين على الشراء من المحلات التي تعرض الملابس بأسعار غير منطقية بحجة أجرة المحل والفواتير الدورية وما إلى ذلك، إضافة إلى ارتقاع سعر الصرف، وأنا هنا أعتمد على الربح القليل مقابل البيع الكثير، وأعرض ملبوسات تناسب هذه الشريحة”.

مصادرة بسطة أبو جابر ومثلها آلاف البسطات قد تكون ذات نتائج سلبية كبيرة على أصحابها وزبائنها، لكن فشل المحافظة بتخصيص سوق لهم، دفعهم للعودة إلى العمل من جديد لكن مساءاً، وتعيين شخص لمراقبة الأجواء، فهم حالياً مهددون بأي لحظة.

“مافيا”!

أعطت محافظة دمشق الكثير من الذرائع لفعلتها هذه، وكان آخرها حديث عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة دمشق فيصل سرور عن “مافيا” للبسطات على حد تعبيره، حيث زعم أن “أغلب البسطات في المدينة تعود لأربعة أشخاص تقريباً ويشغّلون أشخاصاً عليها بموجب أجرة يومية أو شهرية”، وبرر عدم تخصيص أسواق للبسطات بأن المواطنين رفضوا أن تقام هذه الأسوق بالقرب من منازلهم.

أصحاب البسطات الذين التقاهم موقع الحل السوري تهكموا على هذه التصريحات وقال أحدهم “بما أنهم يعلمون بهؤلاء الـ 4 لماذا لا يلقون القبض عليهم؟!، وكيف لا يقبل المواطنون إقامة سوق للبسطات قرب سكنهم وهم زبائننا ومازلنا نعمل مساءاً قرب سكنهم؟!”.

اليوم يمكن وصف الحالة التي يعيشها أصحاب البسطات مع ملاحقة المحافظة لهم بلعبة “القط والفأر”، بينما يعمل أصحاب الأكشاك براحة تامة، ويخالفون  من كل النواحي سواء برفع الأسعار أو التعدي على الممتلكات العامة من سرقة كهرباء وإشغال للأرصفة وغير ذلك.

مالذي يحدث؟

العديد من أصحاب الأكشاك ليسوا مستحقين لها، حيث من المفترض أن تمنح تراخيص الأكشاك في #سوريا إلى “أبناء الشهداء وذوي الإعاقة، وهي مخصصة لبيع المطبوعات والمرطبات والمواد الغذائية البسيطة والخبز فقط” وفق القانون، ومنذ عام 1996 لم توضع شروط جديدة لتنظيم تراخيصها.

وفي 2012 قال مصدر في محافظة دمشق أنه تم وقف منح تراخيص فتح الأكشاك في دمشق، حيث تتجه المحافظة إلى تفريغ قلب المدينة منها، مدعياً أن عدد الاكشاك في تناقص، باعتبار أن  ترخيص صاحب الكشك الذي يتوفى يلغى من أصله، ولا يمكن توريثه إلا في شروط ضيقة.

كل ماذكر أعلاه يشير إلى حجم المخالفات المرتكبة من قبل الأكشاك بعلم محافظة دمشق التي مازالت تبقي على تراخيص الكثير منها منذ سنوات طويلة حتى اليوم، عدى عن افتتاح الكثير من الأكشاك الجديدة.

مخالفات واضحة

أصحاب الأكشاك لا يعرضون بضائعهم فقط في المساحة المحددة لهم، وإنما يتجاوزونها على الأرصفة والشوارع المحاذية لهم دون أي رادع، وبعضهم افتتح بسطات بجانب الكشك لبيع مايريد، منها مواد غذائية قريبة من انتهاء الصلاحية، أو دخان مهرب، وآخرون جعلوها مطاعم مصغرة لبيع السندويش.

وتنتشر الأكشاك بشكل عشوائي وشكلها  غير موحد، حيث لم يتم اعتماد شكل أو نموذج أو مساحة موحدة حتى الآن، ما يسبب تشويهاً للمنظر العام، وأغلبهم تعدّى على أعمدة الكهرباء وسرق منها علناً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.