زياد-ماجد

حاوره: رامز أنطاكي ـ بيروت

زياد ماجد، الغني عن التعريف بالنسبة للكثيرين من السوريين والمهتمين بالشأنين السوري واللبناني، فهو صحفي لبناني يعمل أستاذاً للعلوم السياسية في الجامعة الأميركية – باريس، وهو من مؤسسي حركة اليسار الديموقراطي مع الصحفي سمير قصير الذي اغتيل سنة 2005، ومن الداعمين الثابتين للثورة السورية ولحقوق الشعب السوري ونضاله في وجه ديكتاتورية نظام الأسد. له مقالات عديدة في هذا الشأن، كما أن كتاباً عن الثورة صدر له تحت عنوان “سوريا، الثورة اليتيمة” قبل قرابة عام من اليوم عن دار شرق الكتاب في بيروت وبالفرنسية عن دار Acte Sud في باريس. ولماجد مدونة على شبكة الإنترنت بالإضافة إلى صفحة على فيسبوك يمكن لمتابعيها قراءة أغلب ما يكتبه في مدونته وبعض المواقع الإلكترونية.

في حوار زياد ماجد مع موقع الحل السوري تحدث عن تحول الثورة السورية منذ أواخر العام 2012 إلى كفاح مسلح “ضار”. تحولٌ له عدة أسباب أولها وأبرزها “عنف النظام السوري وهمجيته”، وهو ما أدّى إلى تغيير موازين القوى بمرور الوقت وأصبح المقاتلون وبعض حلفائهم الخارجيين أصحاب السلطة والنفوذ الفعلي على الأرض، ويلفت ماجد هنا إلى أن هذا التطور لا يحمل في طياته خصوصية سورية، “فكثرة من الثورات تصيبها مآلات كهذه”، متابعاً أن حجم التدخل العسكري الإيراني المباشر أو عبر حلفاء لبنانيين وعراقيين، ثم تدفق الجهاديين عبر الحدود أضفى تعقيدات إقليمية ودولية جديدة لا شأن للسوريين بها. مذكّراً أن التدخل الإيراني العسكري أمر سبق تدفق الجهاديين عبر الحدود على عكس ما تؤكد وسائل إعلام النظام السوري وحلفائه.

وعلى جري عادته في كتابة مقالاته، يعلق ماجد هنا تعليقاً من شقين، الأول مفاده أن “الثورات ليست أحداثاً جميلة أو رومنسية أو خالية من العنف كما يفترض البعض”، مؤكداً خطأ هذا الافتراض الذي يدفع البعض إلى التساؤل عما حل بالثورة السورية أو إلى القول بأن لا شأن لمن حمل السلاح بها. والشق الثاني هو أن الكثير من معالم الثورة السلمية ما زالت بارزة وسط الخراب والقتال برأيه، طارحاً كمثال بعض الهيئات واللجان العاملة في مناطق خارج سلطة النظام وداعش، والدفاع المدني في حلب، بالإضافة إلى الناشطين في عدد من البلدات، وحملات التضامن المتعددة الأهداف، وأيضاً الفنون وأشكال التعبير والكتابة المستجدة، ويتابع “يكفي النظر الى هذه العناصر للوقوف على عمق التبدل الذي أحدثته الثورة السورية رغم الحصار وآلة القتل التي أطلقها النظام وحلفاؤه ثم داعش في وجهها”.

وبالحديث عن داعش يعتبر ضيف الموقع أنها ظاهرة مركبة متعددة الآباء، “فهي ابنة أنظمة القمع والاستبداد، لا سيّما نظامي البعث في سوريا والعراق”، لافتاً أيضاً إلى دور تفاقم المذهبية في العراق وحل الأميركيين للدولة هناك وتوسع النفوذ الإيراني، كما “أنها ابنة العنف والتدمير اللذين أحدثهما نظام الأسد منذ العام 2011 جاعلاً من سوريا حلبة صراع وتصفية حسابات إقليمية ودولية”.

ويرى ماجد في مسببات ظهور داعش دور للمجتمع الدولي الذي استقال من القيام بواجباته وترك “الأوضاع تتعفن” في مناطق عدة، إضافة إلى حرمان الكتائب المحلية “ذات الأجندة السورية” من المساعدة والدعم مما منع هذه الكتائب من حماية المناطق التي سيطرت عليها بمواجهة داعش، لافتاً إلى أن داعش أيضاً “ابنة نزعة تكفيرية نمت في أوساط السلفية الجهادية وحصدت تمويلاً خليجياً بالدرجة الأولى، وغالباً من شبكات غير حكومية”، متحدثاً هنا عن انتقال داعش إلى استخدام موارد محلية سيطرت عليها كالنفط والضرائب، ولافتاً إلى إجادة داعش للحرب الإعلامية فهي ابنة التكنولوجيا الحديثة، “تعرف وقع فظاعة الصور، وتتقن تجنيد الفتية المهووسين بالعنف والسلطة، والمهمشين في مجتمعاتهم الحاقدين على العالم بأسره”. وعلاوة على كل ذلك تتمتع داعش بكفاءة عسكرية وإدارية تمكنها “من فرض سيطرتها وإدارة مناطق انتشارها وتجنيد عناصر منها وكسب ولاءات زبائنية، وتقديم الأمور في حلّة إيديولوجية على أساس حكم “دولة الإسلام””.

ويقول ماجد أن كل هذه الأسباب تجعل من داعش قوة لا يمكن التخلص منها بسهولة، بمعنى أن التخلص منها سيكون ذا كلفة باهظة، وصحيح أن الضربات الجوية تضعفها لكنها لا تكفي لإزالتها، “ثم أن لا قضاء ممكناً على داعش في الحالة السورية من دون الإطاحة بنظام الأسد الذي يفوقها توحشاً وبربرية، والذي لممارساته وسياساته ما عزز الداعشية وأمدها بالكثير من سبل الحياة”.

وبالانتقال للحديث عن المختطفين كالأب باولو والمطرانين ورزان زيتونة ورفاقها، يعترف زياد ماجد أن لا معلومات دقيقة لديه حول الموضوع الذي يعتبره من أكثر المواضيع إيلاماً نظراً للظلم اللاحق بالأشخاص المذكورين و”ما يمثلونه من قيم وسير”، ويرى أنه من الضروري الإشارة إلى أن وضع رزان زيتونة وسميرة الخليل ووائل حمادة وناظم حمادي مختلف عن أوضاع الباقين لأنهم على الأرجح ليسوا عند النظام ولا عند داعش، “أي أنهم عند قوى في الغوطة الشرقية محسوبة على الثورة أو على الأقل مقاتلة للنظام ولداعش”. وهذا ما يجعل الخطف برأي ماجد أكثر مأساوية، ويمسي الصمت من قبل أجسام المعارضة السورية الرسمية والحكومة المؤقتة وعدد من الشخصيات الدينية “ثقيلاً وعديم الاخلاق والمسؤولية”.

أما بالحديث عن الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في لبنان فموقف زياد ماجد واضح وحازم إذ يقول إنه لا يمكن تفهم التجاوزات ولا تبريرها ولا السعي لجعلها نسبية. هي برأيه”جرائم موصوفة واعتداءات لا شك أن الخطاب العنصري غذاها”، ولا شك أيضاً بأن لدى البعض في الشارع استعداداً لارتكاب هذه الانتهاكات لأسباب مرتبطة بالتعبئة السياسية أو بذاكرة العقود الفائتة أو بالكراهية المذهبية والطائفية أو “لتنميطات عنصرية – طبقية متوارثة ولها حضور في بعض الشرائح الاجتماعية منذ زمن”.

رأي ماجد آنف الذكر من هذه الانتهاكات لا يعني بحسب ما يقول “أن لا إشكاليات خطيرة نجمت عن الهجوم على عرسال – البلدة التي استقبلت الأعداد الأكبر من اللاجئين – وعن خطف العسكريّين اللبنانيين وما تبع ذلك من اعتداء على خيم اللاجئين وعليهم”، كما أن مسألة التبدل الديموغرافي في لبنان مؤقتاً ضمن المتغيرات التي تشهدها المنطقة ككل نتيجة التهجير والنزوح هي “مسألة تتطلب دراسة ومتابعة بعيداً عن التبسيط وعن الانفعالات غير المسؤولة”، مع التأكيد على ضرورة إدانة كل ممارسة عنصرية وكل تعد وجريمة كي يستقيم النقاش والبحث، ويعود ماجد ليشدد على الأهمية المستعجلة والضرورة القصوى “قبل أي شيء لانسحاب مقاتلي حزب الله من سوريا وكفّ تدخلهم نصرةً للنظام الاستبدادي ولجرائمه ضد السوريين”…

 

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.