مركز الشرق الأوسط: مقاتلو «داعش» يموتون جوعاً في آخر معاقل التنظيم

مركز الشرق الأوسط: مقاتلو «داعش» يموتون جوعاً في آخر معاقل التنظيم

رصد (الحل) – نشر «مركز الشرق الأوسط» للتحقيق والتحليل “MECRA” مقابلةً أجراها مع محمود شيخ ابراهيم، الذي تواجد على الخط الأمامي للجبهة بالقرب من منطقة «هجين» مرات عدة خلال الأشهر الأخيرة. حيث يكشف النقاب عن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، في آخر جيب له في سوريا.

وبيّن «شيخ ابراهيم» أن معركة هجين كانت تحدياً صعباً منذ شهر أيلول من العام 2017 وأن قوات سوريا الديمقراطية، واجهت مجموعة متنوعة من العقبات والمنعطفات في محاولتها هزيمة التنظيم في وادي الفرات، ذلك عقب قرار الولايات المتحدة سحب القوات الأمريكية في شهر كانون الأول من العام الماضي، والتهديدات التركية بشن عملية عسكرية في الشمال السوري. هذا بالإضافةً إلى الهجمات المضادة التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية.
وحسب تقديرات «شيخ إبراهيم»، فرّ ما لا يقل عن 400 شخص من منطقة واقعة تحت سيطرة «داعش» في العشرين من شهر كانون الثاني، ليزداد العدد في اليوم التالي عندما فرّ مقاتلو التنظيم وعائلاتهم من منطقة «الباغوز». حيث استقل الفارون مركبات متنوعة منها حوالي 15 شاحنة حملت كلّ منها 40 شخصاً، وشاحنات أصغر حملت كل منها من 10 إلى 15 شخصا، وبعضها مركبات مدنية. كذلك وفرت قوات سوريا الديمقراطية مركبات لنقلهم إلى نقطة توقيف مؤقتة في «البصيرة». حيث يقدر شيخ ابراهيم عددهم بحوالي ألفيّ شخص. الأمر الذي شكّل منعطفاً هاماً في الحملة ضد التنظيم.

وفي حديث «شيخ ابراهيم» عما شاهده خلال تواجده على بعد ثلاث إلى أربع كيلومترات عن الجيب الأخير للتنظيم بالقرب من هجين، أكد بأن المقاتلين وعائلاتهم كانوا يفرّون من المنطقة، وأن الغالبية العظمى كانت من العراقيين، يتبعهم السوريون فالأجانب. مشيراً إلى أن معظم الرجال كانوا عراقيين، وأنه تم تغطية النساء بشكلٍ يصعب معرفتهن، إلا أنه ومن خلال لهجاتهن يمكن القول أنهنَّ كنَّ عراقيات. وقد أكدت البعض منهنَّ ذلك ممن كنَّ من منطقة (القيم، والأنبار) بشكل عام. كما قال البعض منهنّ أنهنّ فرّوا من قوات الحشد الشعبي في العراق إلى سوريا.

وعند سؤال «شيخ ابراهيم» عن إمكانية التحدث إليهنَّ، قال بأن النساء بشكل عام كنّ يتجنبنّ الاستجواب، مما أثار لديهم الشكوك بأن البعض منهن أجنبيات. مضيفاً أنه صادف امرأة تركية رفضت التحدث، ليخبره فيما بعد أحد المساعدين الطبيين من قوات سوريا الديمقراطية، بأن تلك السيدة عاشت في باريس لسنوات ومن ثم جاءت إلى سوريا للانضمام إلى صفوف التنظيم، وأنها فخورة بما فعلته.
وعن الإجراءات التي تتخذ بحق الفارين، يقول المصدر إن قوات سوريا الديمقراطية تأخذ بيانات النازحين وبصماتهم، لتنقلهم بعدها إلى مخيم مؤقت، مشيراً إلى وجود مسنين بينهم. وبعد أخذ البصمات يتم نقلهم عبر قافلة إلى مكان قرب البُصيرة ليتم استجوابهم بشكلٍ أولي. بعدها يتم نقل البعض منهم إلى مخيم الهول القريب من الحدود العراقية في سنجار التي ارتكب فيها تنظيم الدولة مجازر وانتهاكات بحق الإيزيديين. ما أثار التساؤل عما إذا كان من الصواب نقل أعضاء التنظيم إلى مخيم قريب من سنجار؟ إلا أن «شيخ ابراهيم» رد بأن الأمم المتحدة قد أنشأت المخيم هناك منذ العام 1991 من أجل اللاجئين العراقيين، وأن التنظيم استخدمه كمركز تدريب، و بأن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تتواجد فيه «فلا قلق». مضيفاً أنه سأل مجموعة من النسوة عما إذا كنّ قد شاهدنّ أيّة امرأة من الإيزيديات المخطوفات أو سمعنّ شيئاً عنهنّ، لتنفي جميعهنّ معرفة أيّ شيء عن المخطوفات.
وعن إمكانية فرار أعضاء التنظيم وعودتهم إلى التمرد وما إلى ذلك، قال «شيخ ابراهيم» بأنه قد يتمكن البعض من الفرار لكن ليس بإمكانهم الذهاب إلى أيّ مكان، فأعدادهم كبيرة وقد جاءوا من أماكن مجهولة. كما أنه ليس هناك معلومات كافية ضدّهم. أما أعضاء التنظيم المشتبه بكونهم قادة أو ضباط أو أشخاص رفيعيّ المستوى في صفوفه، فقد قال أحد ضباط المخابرات إن هؤلاء يسعون للفرار إلى العراق أو يتسللون عبر مناطق سيطرة النظام السوري للوصول إلى إدلب في محاولةٍ منهم الوصول إلى تركيا.

وإذا ما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من أسر البعض منهم، فإنهم لا يعلنون بالتفصيل من هم؟ أو كيف وقعوا في قبضتهم؟ فعلى سبيل المثال تم في شهر كانون الأول الماضي إعلان إلقاء القبض على أجانب من ضمنهم أمريكيين. ومع وجود أعضاء من مكتب التحقيقات الفيدرالي “FBI” في المنطقة إلى جانب القوات الأمريكية، تمت مقابلة البعض منهم. وعندما طلب «شيخ ابراهيم» مقابلة بعض هؤلاء الأسرى، كان الرد بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي قام بذلك.

وعن قرب هزيمة التنظيم ومدى القوات المتبقية لديه، يرى «شيخ ابراهيم» أن هزيمة التنظيم قد تستغرق أسبوعاً، وينهار مقاتلوه بسبب الجوع! فليس لديهم أيّ شيء، حيث كان الفارون منهم يتدافعون للحصول على الخبز لأنهم يتضوّرون جوعاً. وعما إذا كانت قوات سوريا الديمقراطية قلقة بشأن المستقبل، حيث من الممكن أن تغادر الولايات المتحدة الأمريكية بمجرد هزيمة التنظيم، وإذا ما كانت قسد تشعر حينها أن لا حاجة لوجودها، رد المصدر أنهم «بدؤوا دون الأمريكيين وسوف يكملون دونهم أيضاً».
كما تطرق “MECRA” إلى تسجيلات الفيديو التي يظهر فيها نقل النفط إلى النظام، حيث سأل «شيخ ابراهيم» إذا ما كان قد لمس أيّة أدلة تثبت ذلك، فكان رده أن ذلك أمراً طبيعياً، فمن المعروف أنهم يبيعون النفط للنظام السوري منذ فترة، فلما يهتم الناس اليوم فقط بسبب بعض التقارير؟ كان النفط، على سبيل المثال، ينقل من حقول الرميلان وكراتشوك إلى منطقة واقعة شرقي حلب. كما كانت قوافل ناقلات النظام السوري تنقل النفط من مناطق قريبة من مكان سيطرة تنظيم الدولة إلى مصفاة حمص، وكانت مروحيات النظام ترافق تلك القوافل ولم يحدث أن وقع أيّ هجوم من قبل المتمردين على تلك القوافل.

وبالتطرق إلى الهجوم الإرهابي الذي وقع مؤخراً على طريق الشدادة. حيث قال «شيخ ابراهيم» إنه لم يكن متواجداً حيث وقع الهجوم، لكن قوات الأمن الداخلي «الأسايش» قالوا إن سيارة كانت متوقفة تحت جسر، وإن انتحاري فجّر نفسه هناك. مشيراً إلى أن التحالف قد زوّد قوات سوريا الديمقراطية بسيارات مدرّعة للقوافل وسيارات إسعاف. وأن السيارة المتضررة جراء الهجوم، والتي رآها من خلال الصور، هي إحدى تلك المركبات التي منحهم إياها التحالف الدولي.

وعن كيفية وصول الانتحاري من هجين إلى الشدادة رغم وجود الكثير من النقاط الأمنية، يقول إنه وبالرغم من وجود الكثير من نقاط التفتيش، إلا أن المنطقة صحراوية ويمكن لأفراد التنظيم التسلل من أيّ مكان. مشيراً إلى أن هذه السيارة قد جاءت من إحدى القرى القريبة، وليس من منطقة هجين، حيث «ما يزال يتعاطف أهالي بعض القرى مع تنظيم داعش». مضيفاً أن هجوماً قد وقع في العشرين من الشهر الحالي في الرقة أيضاً جراء عبوة ناسفة، وأن هجوماً لإسرائيل وقع على دمشق في اليوم التالي، والناس تشعر بأن حرباً أخرى قادمة إلى البلاد.
ويختم “MECRA” بالسؤال فيما إذا كانت قوات سوريا الديمقراطية تخشى من أن يتم بيعها في صفقة، حيث تنسحب القوات الأمريكية من المنطقة ويسعى النظام للعودة وفرض سيطرته، فيما تسعى تركيا أيضاً للقيام بدور يثبت وجودها. ليجيب «شيخ إبراهيم» بأن قوات سوريا الديمقراطية تسعى للتوصل إلى اتفاق مع النظام برعاية روسية، لكن الأمور لا تمشي على خير ما يرام بسبب النظام. فهناك خارطة طريق من عشرة نقاط تقوم على إدارة مستقلة في جزء من سوريا، إلا أن النظام يقبل قوات سوريا الديمقراطية ضمهم إلى قوات الأمن فقط؛ وليس القبول بهم بشكل مستقل. فالنظام يريد العودة إلى ما قبل عام 2010.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.