في العراق.. الوجوه السياسيّة المُحترقة تتنكّر بأحزابٍ جديدة

في العراق.. الوجوه السياسيّة المُحترقة تتنكّر بأحزابٍ جديدة

بغداد- وسام البازي

يعلم ساسة العراق، من المتعاقبين على حكم مؤسسات البلاد منذ عام 2003، أن الشارع لم يعد يتقبل وجودهم بعد سلسلة الإخفاقات التي لحقت بالمؤسسات الحكومية والوضع العام، إضافةً إلى عدم تطور ملف الخدمات واضطراب الأمن على مرّ السنوات الماضية، الذي انتهى باحتلال تنظيم “داعش” لثلث مساحة العراق، وخسائر بشرية لا تعترف الجهات الرسمية بأعدادها الحقيقية، فضلاً عن مليارات الدولارات التي أنفقتها حكومة حيدر العبادي السابقة على القوات العسكرية، حتى توجهت هذه الشخصيات السياسية إلى ابتكار “خدعة” لم تنطل على الشعب، بحسب مراقبين، وهي ابتكار أحزاب جديدة بواجهات “مفضوحة”.

ولعل الكارثة التي لن ينساها العراقيون، ما جرى قبل الانتخابات البرلمانية في مايو/ أيار الماضي، حين أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، تسجيل /251/ حزباً وكياناً مشاركاً بالانتخابات، وغالبيتها أحزاب فتية مملوكة لسياسيين عراقيين يعرفون أن وجوههم “احترقت”، أبرزهم زعيم حزب الدعوة نوري المالكي، الذي أسس “حركة البشائر” التي يقودها نجله أحمد.

الأمر ذاته مع عمار الحكيم الذي تبرّأ من “المجلس الأعلى” وأنشأ “تيار الحكمة”، كذا الحال مع حيدر العبادي الذي تدحرج عن خيمة “الدعوة” وأسس “ائتلاف النصر”، وقبل أيام فوجئت الأوساط السياسية بحزب “المنبر العراقي” لـ أياد علاوي، الذي قال خلال مؤتمر الإعلان عن الحزب، إن «ما نقوم به يعبّر عن إرادةٍ جادة للتّغيير وبطريقةٍ سلمية، لإصلاح الأوضاع السياسية، بعد الفشل في بناء السياسة وتكوين مؤسسات الدولة القائمة على الشفافية».

ما ينتقده سياسيون، في قضية تشكيل الأحزاب، أن «غالبيتها تستوفي الشروط القانونية إعلامياً فقط، مع العلم أن الحقيقة عكس ذلك، إذ أنها تستولي على أملاك ومباني الحكومة واتخاذها مقرات لها، لكن التسهيلات تجيء بحسب مبلغ الرشوة»، بحسب السياسي المستقل محمد الجنابي.

الجنابي، وفي لقاءٍ مع الحل العراق، قال إن «البلاد تعاني من تخمة في الأحزاب، لا سيما وأن أكثر من 80% منها أحزابٌ دينية»، مشيراً إلى أن «قانون الأحزاب المعمول به حالياً، بحاجة إلى تعديلات وإضافة ضوابط وشروط أكثر من الحالية من أجل تشكيل الأحزاب، وإلا ستستمر الفوضى، وسيتسمر السياسيون الفاسدون الذين أثبتوا فشلهم في المراحل المُقبلة بالتّنكر في أحزابٍ جديدة، تدّعي المدنية والعلمانية ودعم طاقات الشباب والإصلاح والإعمار».

وعن تعديل قانون الأحزاب، قال عضو تحالف “القرار” سليم العزاوي لـ “الحل العراق”، إن «عدة أمور يجب أن تعدل في قانون الأحزاب، من بينها تمثيل النساء في الأحزاب، ومشاركة الشباب، ومسألة التمويل والترويج لأفكار حزب البعث، وإذا تم تمريرها في البرلمان الحالي، فإن هذه الأمور وغيرها من التفاصيل الباقية، ستُنهي فوضى تشكيل الأحزاب».

موضحاً أن «المالكي وعلاوي والعبادي وغيرهم من ساسة البلاد من الشيعة والسنة وحتى الأكراد، انتهى وجودهم، ولم يعد الشارع يتقبل وجودهم ورؤيتهم بعد مضى /17/ عاماً على تغيير شكل نظام الحكم، وإن الاختباء وراء عناوين جديدة، لا ينطلي على الشعب».

مع العلم، أن البرلمان العراقي أقرّ القانون رقم 36 لسنة 2015، الذي يُعدّ أول قانون للأحزاب في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، إلا أنه (أي القانون) تعرّض لانتقاداتٍ كثيرة، بسبب عدم قدرته على إجبار الأحزاب للكشف عن مصادر تمويلها، أو الحد من ارتباط بعضها بالخارج.

إلى ذلك رأى المحلل السياسي عبد الله الركابي، أن «أبرز الدوافع التي أدت إلى كثرة الأحزاب، هو معرفة الشخصيات السياسية الكبيرة أو ما تسمى في العراق (قادة الصف الأول) بهشاشة التحالفات التي تحدث بعد كل عملية انتخابية، وبالتالي فإن الشخصيات تحاول أن تصنع لنفسها قادة من الأحزاب التي تحصل على أكبر قدر جماهيري» مُتسائلاً  «لكن من ذا الذي يوصل الخبر الأكيد لتلك الشخصيات، ويُعلمهم أن لا وجود لعراقي واحد يؤمن بعملهم السياسي الحالي؟».

مبيناً لـ “الحل العراق”، أن «هذه الهشاشة لا تنطبق على الأحزاب الشيعيّة والسنيّة فقط، إنما على الأكراد أيضاً، خصوصاً بعد انهيار ما كان يُعرف بالتحالف الكردستاني، وصار كل حزبٍ يعمل من جانبه ويسعى إلى الهيمنة على أكبر عدد من المواقع والمناصب في الدولة، وما حدث مع حزب الدعوة الإسلامية وهو أقدم الأحزاب الشيعية، فعلى الرغم من تأريخه الذي يعود إلى خمسينيات القرن الماضي، إلا أنه دخل انتخابات 2018 بعناوين البشائر والنصر وغيرها من العناوين الفتية، ومع ذلك، لم تحصل هذه الأحزاب على تأييدٍ شعبي كبير».


الصورة المُرفقة تعبيريّة من أرشيف غوغل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.