الحل (تقرير) – دون سابق إنذار، خرج مُحامٍ مصري يُدعى «سمير صبري» ببلاغٍ للنائب العام المصري، يطالب فيه بـ “معرفة مصدر #الاستثمارات السورية في #مصر”.

المحامي الذي تلقّبه الصحافة المصرية بـ “محامي البلاغات” يُعتبر من أكثر المحامين رفعاً للبلاغات، وهو ما يرجعه محامٍ سوري مقيم في مصر إلى “محاولة الابتزاز واستجرار الشهرة”.

وبعد ساعاتٍ قليلة من انتشار هذا #البلاغ على وسائل الإعلام، انتشرت حملات تضامن واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقها مواطنون مصريون للوقوف في وجه هذا البلاغ.

وأبرز تلك الحملات هاشتاغ #السوريين_منورين_مصر، غير أن ما هو أكثر تثبيتاً لعدم وجود قيمة لبلاغ صبري، هو تمسّك السلطات المصرية بالاستثمارات السورية، المقدّرة بملايين الدولارات، كونها تغطّي سوقًا واسعة، فضلاً عن كونها تستخدم الأراضي المصرية كنقطة للتصدير إلى دولٍ أخرى، وهو ما يعني أن تلك الاستثمارات تستقدم مبالغ كبيرة من القطع الأجنبي.

بلاغ ركيك يحوي هجوماً مبطَّناً على السوريين

اطلع (موقع الحل) على نص البلاغ الذي قدّمه المحامي المصري، فلاحظ وجود ركاكة في صياغة البلاغ، ولا سيما احتوائه هجوماً مبطّناً على السوريين، وفي ذات الوقت كلمات من الترحيب والإطراء.

قال المحامي المصري صبري في البلاغ “خلال فترة قصيرة نجح السوريون رغم ظروف الحرب والهجرة في تحقيق ذاتهم وفرضوا وجودهم بين العمالة المصرية بل وتفوقوا عليهم وشجعتهم الحفاوة المصرية على المضي في مشروعاتهم التي لاقت النجاح والشهرة”.

وأضاف “غزا السوريين المناطق #التجارية في أنحاء مصر والإسكندرية واشتروا وأجروا المحلات التجارية بأسعار باهظة في مواقع مميزة واشتروا الشقق والفيلات وأصبحت مدينة السادس من أكتوبر وكأنها مدينة سورية وبدت مدينة الرحاب، موقعًا تجاريًا وسكنيًا للسوريين وكثرت المطاعم والمقاهي”.

وتابع صبري أنه “يصدمك النمط السائد للعلاقات الاستهلاكية المبالغ بها لكثير من السوريين وأن المتابع لسلوكهم في المطاعم والمقاهي والنوادي وأماكن التسوق لا يصدق أن هؤلاء هم أنفسهم أبناء سوريا التي تعاني من ويلات الخراب والدمار والقتل والتهجير، وبذلك فقد باتت الأموال التي في أيدي السوريين حائرة في مصر ما بين الاستثمارات في العقارات أو البورصة أو القطاع الصناعي”.

وتساءل في بلاغه “هل تم تهيئة بيئة قانونية سليمة تتيح لأصحاب #الأموال السوريين العمل وفق قوانين واضحة وبيئة استثمار صحيحة دون أن يعني ذلك استقبالهم استقبال الفاتحين وتمييزهم بالمزايا دون أن يعني ذلك أن يكون من قام بتمويل الإرهاب ومعاداة بلده ضمن هؤلاء أيضاً، كذلك السؤال الجوهري هل تخضع كل هذه الأنشطة والأموال والمشروعات والمحلات والمقاهي والمصانع والمطاعم والعقارات للرقابة المالية والسؤال عن مصدرها وكيفية دخولها الأراضي المصرية وكيفية إعادة الأرباح وتصديرها مرة أخرى، وهل تخضع لقوانين الضرائب في مصر؟”.

ومن الملاحظ أن البلاغ يقدّم اتهاماً مبطّناً فيه شبهة بأن قوانين الاستثمارات في مصر لا تسري على السوريين.

وذلك ما نفاه المحامي السوري (فراس حاج يحيى)، مؤكّداً لـ (موقع الحل) أنه “منذ عدّة أشهر أصدرت هيئة الاستثمار المصرية تقريراً كاملاً عن استثمارات السوريين وعدد الشركات المؤسسة حديثًا وبالتالي كل أعمالهم تخضع للقوانين المصرية النافذة”.

وأضاف حاج يحيى أن “البلاغ فيه تساؤلات مشروعة لأي مواطن في بلده عن استثمارات لأجانب يقيمون في وطنه”، موضحاً أن “البلاغ لا يوجد فيه دعوة لطرد السوريين”.

ولفت إلى أن “استثمارات السوريين في مصر خاضعة للقانون وهي نقطة تحسب لهم لا عليهم برفد الاقتصاد المصري وفتح أسواق وفرص عمل”، بحسب المحامي حاج يحيى.

بلاغات صبري لكسب الشهرة وابتزاز التجار

راجع (موقع الحل) أرشيف المحامي المصري (سمير صبري)، ليكتشف أنّه يقدّم بلاغات دورية للنائب العام المصري بسبب أو بدون سبب، ويُرجع محامي سوري يعيش في مصر السبب في ذلك إلى “رغبته بتحقيق الشهرة وابتزاز التجّار والمشهورين”.

وقال المحامي الذي فضَّل عدم الكشف عن هويته لـ (موقع الحل) إن “هناك حملة على السوريين منذ نحو ١٥ يومًا يقف خلفها تجّار مصريين أعداء كار، والسفارة السورية في مصر التي تسعى لاسترجاع تلك الاستثمارات إلى سوريا”.

وأضاف أنّه “في الغالب، قد يكون صبري حصل على أموال من تاجرٍ ما أو سياسي من أجل رفع البلاغ ليكون واجهة قانونية”.

وكان صبري تقدّم ببلاغ ضد صحفي مصري يُدعى صلاح بديوي بحجّة “نشر أخبار كاذبة ضد الجيش والشعب المصري”، قبل بلاغه حول استثمارات السوريين بأيام.

وسبق ذلك رفع بلاغ ضد الفنانة المصرية #رانيا_يوسف، بسبب ارتدائها لفستان قصير في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في دورته السابقة.

كما قدّم بلاغاً ضد الفنانة #شيرين_عبد_الوهاب بسبب قولها في حفل لها بالبحرين “أيوه كده أقدر أتكلم براحتي عشان في مصر اللي بيتكلم بيتسجن”، وبلاغاً آخر ضد صحفي في (هيومن رايتس ووتش).

هل ستتأثَّر الاستثمارات السورية؟

في مطلع عام ٢٠١٨ الماضي، زار الرئيس المصري (عبد الفتّاح السيسي)، مدينة السادات الصناعية، بمحافظة المنوفية، وتفقد المشاريع التي يتم إنجازها.

ومن بين هذه المشاريع أضخم مدينة صناعية للغزل والنسيج في إفريقيا، لمالكها رجل الأعمال السوري، (محمد كامل صباغ شرباتي)، برأسمال حوالي ملياري دولار، وهو ما يشير إلى تمسّك السلطات المصرية بالاستثمارات السورية.

يقول محامٍ سوري يعيش في مصر لـ (الحل) إن “الاستثمار السوري في مصر ليس جديد بل موجود منذ عشرات السنين”.

وأضاف أن “السلطات المصرية تدرك مدى الفوائد الاقتصادية التي تدرّها تلك المصانع، ولا سيما مع تهاوي الجنيه المصري أمام الدولار، وضعف القوة الشرائية لدى المصريين، وفرص العمل الضخمة التي توفّرها الاستثمارات السورية”.

وأكد أن “مصر تعتبر الاستثمارات السورية أمناً قومياً”، لافتاً إلى أن “هذا الأمر لازال نقطة خلاف بين مصر والنظام”.

ويشكل المستثمرون السوريون في مصر ٣٠٪ من نسبة رجال الأعمال السوريين الذين غادروا بلادهم بعد ٢٠١١، ويستثمرون ٨٠٠ مليون دولار، في المطاعم والمقاهي وورش الخياطة، بحسب إحصاءات صادرة عن وزارة التجارة والصناعة المصرية.

وقدّر رئيس رابطة الأعمال السوريين في مصر (خلدون الموقّع) عدد المستثمرين السوريين في مصر بنحو ٣٠ ألف مستثمرٍ.

كما دشّنت وزارة التجارة والصناعة المصرية، العام الماضي، مشروعاً لإنشاء منطقة صناعية سورية خاصة بالمستثمرين السوريين بمساحة ٥٠٠ ألف متر مربّع، على الأراضي المصرية.

إعداد: أحمد حاج حمدو – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.