بغداد ـ رئم عادل

«أقدم المدن الجميلة وأجمل المدن القديمة»، هكذا يختلف أهالي #العاصمة #بغداد بشأن روعة وجمال حي #الأعظمية، أو كما يسمونه سكانه الأصليون بمدينة “الإمام الأعظم” نسبةً إلى مرقد #الفقيه الإسلامي (أبو حنيفة النعمان) الذي يقع فيها.

تنامُ الأعظمية على #نهر_دجلة من الجانب الشرقي، وتعد حلقة الوصل بين جانبي العاصمة “#الكرخ والرصافة”، وتمتازُ بأسواقها الشعبية الكبيرة ومنازلها قديمة الطراز، وجسر #الأئمة، الأشهر في بغداد، الرابط بين المدينة وجارتها #الكاظمية.

الاستمتاع برحلات نهرية في الأعظمية ـ أرشيفية

ويتوافدُ إليها أهالي بغداد على غرار غيرها من مدن العاصمة ذات النسيج الاجتماعي المتنوع، خلال #المناسبات والأعياد، فهي العلامة الفارقة بالاحتفالات #الفلكلورية القديمة، إذ ما تزال مُتمسكة بالأجواء التي تربى عليها البغداديون.

في #عيد_الأضحى، لا تبدو الأعظمية منطقة عادية، حيث تستمر الاحتفالات وليالي الذكر حتى الفجر، مع توزيع الحلويات و”الكعك” والعصائر، وجلسات خاصة لاستذكار ماضي بغداد التليد، فهي تُمثل الوجه الحقيقي للتعايش السلمي بين الأهالي الذين أتعبتهم الحروب والسياسة، وهي تحتضن جميع أطياف الشعب العراقي.

في السياق، شرحت زينة عبد الباري (28 عاماً)، وهي من الأعظمية، أن «المناسبات في المدينة ومنها عيد #الفطر والأضحى، تبدأ احتفالاتها بعد صلاة العيد، وتوزيع لحوم ذبح الأضحية لكل #الفقراء والمحتاجين على أبواب مرقد وجامع #الإمام_الأعظم، ثم يبدأ الجيران بتوزيع المعجنات وأشهرها (الكليجة) على بقية سكان المنطقة وتبدأ الزيارات والتهاني بأجواء مليئة بالمحبة والألفة».

وأضافت لـ”الحل العراق“، أن «الأعظمية واحتفالات الأعياد نجحت بتجاوز مخلفات #التخلف والطائفية، التي عصفت بالمدينة قبل سنوات، إذ صمدت واستمرت لتجلب الفرحة للأهالي، ولعل الأعظمية من أكثر الأحياء البغدادية التي ما زالت متمسكة بعاداتها القديمة، وهذه التمسك هو سر حب البغداديون للمدينة، ولأنها علامة بغداد الفارقة في الحفاظ على الموروث».

صلاة العيد في جامع الإمام الأعظم ـ أرشيفية

أما #سماء_الجواهري، (٢٦ عاماً) قالت لـ”الحل العراق“، إن «هذه العادات البسيطة والجميلة تعكس صورة لحالة مجتمع آبائنا، إلا أغلب هذه #العادات بدأت بالتغيّر بسبب دخول الثقافات الجديدة، وتحديداً على شريحة #الشباب الذي يُعد المحرك الأكثر تأثيراً بمحيطه».

من جهتها، استذكرت نور ميثم (٣٥ عاماً)، طفولتها في حي الأعظمية، قائلة لـ”الحل العراق” إن «العيد كان في مرحلة #الطفولة رغم الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة آنذاك إلا أنها كانت أجمل من الآن.. كنت أكتفي بأقل الموجود، مثل الفرحة بالملابس الجديد، وأرجُوحة من حديد أنفق عليها “#العيدية” التي أحصل عليها من أهلي، في حديقة النعمان أو نادي الأعظمية #الرياضي».

ولفتت إلى أن «أهالي الأعظمية ما زالوا يعيدون أمجاد آبائنا وأجدادنا، إذ يعمدون إلى تزيين #الشوارع وتنظيفها، واستقطاب فرق الذكر، وتحضير “#الكليجة” التي يحبها الكبار والصغار، ومثل هذه العادات لا تتوفر في كل أحياء بغداد».

وللأطفال نصيب من هذا العيد، إلا أن التطور التكنولوجي ودخول #الألعاب الإلكترونية، أبعد أطفال الأعظمية حالياً عن ألعاب الماضي، المتمثلة بـ(سفينة نوح، والركيضان، والمراجيح)، كما بيَّن حسين علي (29 عاماً).

توزيع الحلويات في الأعظمية ـ أرشيفية

وأكمل علي في حديثٍ مع “الحل العراق“، أن «الأطفال أصبحوا اليوم يعانون من #الوحدة والتعلق بالأجهزة الإلكترونية، مثل “الآيباد” وغيره، وقد تعقدت حياتهم أكثر ووضعتهم ضمن حلقة من #الانعزال، فهم باتوا لا يحبون المشاركة مع غيرهم للعب، ولا يحبون الحياة خارج المنزل».

موضحاً أن «الأطفال في السابق كانوا أشبه بالطيور، بحركتهم ولعبهم واستمرارهم في المشاكسة، وينتمون إلى المحيط العام الذي يجعلهم يعتمدون على ذاتههم ولديهم حب #الاستكشاف، بل ويبتكرون الألعاب بأنفسهم على العكس من الأطفال حالياً، وهو ما أثرَّ على أجواء العيد في كل العراق، وليس فقط في الأعظمية».

بدوره، أكد الباحث في #الموررث الشعبي العراقي #أحمد_عبدالحميد، لـ”الحل العراق“، أن «في بغداد مناطق قليلة تمثل أصل العاصمة القديمة، ولعل أبرزها الأعظمية، فهي بغداد الأصيلة، وفيها كل التفاصيل الفلكلورية، وقد اندثرت في أحياء عديدة من بغداد، بعد تحول تلك #الأحياء إلى مجمعات سكنية فاخرة وبناء #أسواق كبيرة على أطلال الآثار القديمة، إلا أن الأعظمية تمثل إرث بغداد، لذلك كل من يريد يتعرف على بغداد الحقيقية عند زيارته الأولى لها، عليه التوجه إلى الأعظمية».

وأردف، أن «كثيراً من أهالي بغداد من الأحياء الأخرى، يتوافدون صبيحة عيد الأضحى من أجل اقامة #الصلاة، ومن ثم التمتع بمنظر دجلة وشواء السمك “المسكوف” وعند العصر، يعود الأهالي إلى منازلهم ثم يعودون إليها عند المساء لإحياء #الأمسيات الاجتماعية في #المقاهي عن الساحات المجاورة لضريح الإمام الأعظم، وهذه المواصفات غير موجودة في المنصور والكرادة وغيرها من المناطق لأنها واكبت التطور إلى درجة بالغة، ما جعلها منطقة خالية من #الحميمية الاجتماعية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.