(تركيا) – يواجه السوريون في تركيا صعوبات كثيرة في “تحويل الأموال” بسبب شروط المصارف التركية لفتح حسابات بنكية من جهة، وقلة حيلة المكاتب الخاصة من جهة أخرى، بالإضافة لارتفاع رسوم تحويل الأموال.

وعلى الرغم من اعتياد السوريين، على نمط معين لتحويل الأموال من داخل تركيا لخارجها وبالعكس، إلا أن المزيد من القيود تفرض عليهم وهذا ما يجعلهم أحياناً يلجؤون لأشخاص آخرين لديهم ميزات معينة كحصولهم على الجنسية التركية وفتح عدة حسابات مصرفية، أو امتلاك شركات، وإرسال واستقبال الأموال على أساس نشاطاتها.

وتبقى مشكلة الحوالات المالية عقبة أمام السوريين في تركيا، بخاصة أن لكل بنك تركي شروطاً معينةً من أجل فتح حساب بنكي، إذ أن معظم المصارف التركية ترفض فتح حسابات للسوريين على أساس حمل وثيقة “الكيملك”.

شروط معقدة

تشترط معظم البنوك التركية على الأجانب في تركيا، وجود إقامة سياحية على الأقل من أجل فتح حساب بنكي، وهذا ما يطبق على اللاجئين السوريين، إذ لا بد أن يكون لديهم إقامة سياحية بالإضافة لعنوان إقامتهم مثبت في دائرة النفوس حتى يتمكنوا من فتح حساب بنكي بإحدى البنوك التركية.
وتقبل البنوك التركية فتح حساب بنكي لديها وفق ما يلي:
– البنك الزراعي التركي
أواخر عام 2018، بدأ البنك الزراعي التركي (Ziraat Bankası) بقبول فتح حسابات بنكية للسوريين على أساس وثيقة الكيملك، ولكن لم يتم تطبيق ذلك في جميع فروع البنك، أما في الحالية العادية يتطلب وجود جواز سفر ساري المفعول مع رقم ضريبي يتم تحصيله من شعبة الأجانب، وعنوان سكنه مثبت لدى دائرة النفوس.

– البنك الكويتي التركي

رغم أن البنك الكويتي التركي (Kuveyt Türk) يحاول تقديم تسهيلات للعرب بشكل عام والسوريين بشكل خاص في تركيا، مثل توظيف شخص يتحدث اللغة العربية لتسهيل التواصل بين المراجعين العرب وموظفي البنك، لكنه يتطلب ذات الشروط التي يطلبها البنك الزراعي من أجل فتح حساب بنكي.
وخلال أيام معدودة أواخر عام 2018، قبل المصرف فتح حسابات بنكية للسوريين على أساس وجود الكيملك “الأصفر” وطبق ذلك ببعض الفروع ليتراجع فيما بعد عن القرار، ويصبح فتح الحساب مشروطاً بوجود جواز سفر ساري المفعول، أو إقامة سياحية.
ولكن منح البنك تسهيلات لبعض السوريين مثل أولئك الذين انتهت تواريخ جوازات سفرهم، حيث سمح لهم بنقل ملكية حساباتهم البنكية إلى وثائق الكيملك الخاصة بهم.

– بنك وقف كاتلم

في أواخر عام 2018، أتاح بنك وقف كاتلم (Vakıf Katılım) للسوريين فتح حسابات بنكية والحصول على بطاقات ماستر كارد بمجرد توفير وثيقة الكيملك وعنوان الإقامة، ومن التسهيلات التي يقدمها البنك أن استمارة التقدم بطلب للحصول على حساب بنكي مكتوبة باللغة العربية.
وهناك بنوك أخرى، ولكن تشترط وجود إقامة سياحية، أو جواز سفر ساري المفعول بالإضافة لعنوان الإقامة والرقم الضريبي من أجل فتح حسابات بنكية، ومن هذه البنوك:
أك بنك، إيش بنك، فينانس بنك، يابي كريدي بنك، البركة تورك، الوقف بنك، هالك بنك التركي، دينيز بنك، جرانتي بنك التركي.
ولا يمكن للاجئين السوريين الحصول على جواز سفر أو التسجيل على إقامة سياحية في تركيا إلا برصد مبالغ مالية كبيرة قد تتجاوز الخمسة آلاف دولار من أجل الحصول على موعد لدى القنصلية السورية بإسطنبول، واستخراج جواز سفر ومن ثم ختمه رسمياً في تركيا، ومن بعد ذلك البحث عن الولايات التي تمنح إقامات سياحية للسوريين.
لتعاملات السوريين في تركيا… ما هي بدائل البنوك؟
منذ لجوء السوريين إلى تركيا وهم يتعاملون مع شركة المعاملات المالية “ويسترن يونيون” العالمية بسبب التسهيلات، التي أتيحت للسوريين في تركيا أثناء تعاملهم مع هذه الشركة.
وكانت “ويسترن يونيون” تتيح للسوريين إرسال، واستقبال الأموال في أنحاء العالم بناءً على جواز السفر الساري المفعول، وهذا ما جعلها الوسيلة الرئيسية لدى السوريين عند تحويل أموالهم واستقبالها بداية قدومهم إلى تركيا، رغم أجور الحوالات المرتفعة.

لكن مع مرور الوقت وجد السوريون في تركيا حلولاً بديلاً توفر عليهم جزءاً من تكاليف التحويل، في “ويستر يونيون”.

السوريون يؤسسن مكاتب خاصة لتحويل الأموال في تركيا

يفضّل سوريون في تركيا التعامل مع مكاتب الحوالات الخاصة، على مراجعة البنوك التركية والوقوع في تعقيداتها من أجل إرسال واستقبال الأموال.
وانتشرت العديد من مكاتب الحوالات المالية السورية في أنحاء تركيا، وبخاصة في المدن التي يكثر فيها تواجد السوريين، وأبرزها إسطنبول وعنتاب وهاتاي وأورفا ومرسين وبورصة وإزمير.
(أبو عمر)، صاحب مكتب حوالات في تركيا، قال لموقع (الحل) إن “مشروع إنشاء مكتب حوالات بات شائعاً بين السوريين بتركيا، وبات هناك المزيد من المكاتب والشركات المختصة بذلك”.
وبما يخص الأجور، أوضح أن “الحوالات التي تكون بين 100 إلى 500 دولار تتراوح أجورها بين 5 إلى 25 دولار وأحياناً أكثر، وهذا يتوقف على البلد المرسل إليه المال”، مشيراً إلى أن “المكتبان المرسل والمستقبل يتقاسمان أجور الحوالة مناصفة في أغلب الأحيان”.

وتابع، أن مكاتب الحوالات السورية في تركيا نظمت عملها وفق برنامج حسابات خاص بهم، بحيث يمكن لأي شخص أن يحول مبلغ لمكان ما ويحصل على إشعار برقم متسلسل ويتضمن معلومات التحويل كاملة.
أما بخصوص مدى ثقة الزبائن السوريين بعمل المكاتب ذكر أن الثقة هي الأساس فغالبية الزبائن تعاملوا معنا أكثر من مرة، ولذا باتوا يثقون بمكاتب الحوالات السورية بتركيا.

رواتب من خارج تركيا.. لكن مع خصم

يضطر سوريون إلى العمل في شركات ومؤسسات مقراتها ليست في سوريا أو تركيا، إلى القبول بتحمل تكاليف الحوالات المالية كي تصلهم رواتبهم الشهرية في النهاية.

ومن بين هؤلاء الشاب (يامن) الذي يعمل ضمن شركة تصميم إماراتية، إذ قال لـ (الحل) إن “راتبي الشهري 200 دولار أمريكي، ويقتطع منه ما يتجاوز الـ 30 دولاراً حتى يصلني، فاضطر إلى تحويله لحساب أحد أصدقائي في تركيا وتقتطع الأجور منه، ومن ثم أحوله من إسطنبول إلى سوريا حتى يصلني بالنهاية حوالي 170 دولاراً”.

وتابع، “هذه المشكلة أعاني منها كثيراً بسبب عدم إقامتي في تركيا من جهة وعدم وجود أية طريقة آمنة لتحويل الأموال مباشرة إلى سوريا، بالإضافة لمتطلبات الشركة بأن يكون التحويل رسمي ومعزز بفواتير من أجل توثيق حساباتهم”.

وأردف “هذه العقبات لست أنا فقط من أعاني منها، أعرف عدداً من السوريين يعانون من مشاكل بتحويل الأموال فيما بينهم”.

أجور مرتفعة وأخرى مجانية

تحسب أجور الحوالات المالية على السوريين بحسب مكان الإرسال والاستقبال، ففي الحوالات القريبة مثل تحويل من إسطنبول إلى عنتاب أو من عنتاب إلى جرابلس أو بالعكس، فالأجور منخفضة وتكاد تكون رمزية جداً لا تتعدى 5% من قيمة الحوالة، ولكن في بعض الحوالات ترتفع لأكثر من 15%.

(سومر)، شاب سوري مقيم في السويد يعاني من إجراءات التحويل، إذ يرسل إلى أهله في سوريا شهرياً ما يعادل 100 دولار تعينهم على المعيشة، قال لـ (الحل) “عندما أرسل حوالة اضطر في البداية لإرسالها إلى مكتب حوالات في تركيا ومن ثم أرسلها مرة أخرى من تركيا إلى سوريا”.
وتابع أن “هذه الإجراءات تجعل الـ 100 دولار تصل أحياناً 75 أو 80 دولار حسب أجور الحوالات لدى المكاتب، فمن أجل إرسال 100 دولار ادفع الأجور مرتين حتى تصل لأهلي”.

أثناء إعداد المادة والتواصل مع عدد من مكاتب الحوالات، قال أحدهم تعليقاً على الحوالات المالية من أوروبا مروراً بتركيا إلى سوريا “لو أن الحوالات تذهب بالعكس فلا أجور عليها، وهذا بسبب امتلاك أصحاب مكاتب الحوالات أرصدة كبيرة في دول أوروبا نتيجة تحويلات اللاجئين السوريين المالية لسوريا، أما أصحاب المكاتب فيحتاجون لطرق إرجاع أموالهم من أوروبا إلى تركيا أو سوريا”.

وبنتيجة استطلاع رأي أجراه (الحل) مع عدد من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، أجمع معظمهم على تفضيل بنكين تركيين للتعامل معهما بسبب ما يقدمه من تسهيلات للسوريين هذا بالإضافة للخدمات الجيدة التي يقدمها البنكان وهما البنك الزراعي، والبنك الكويتي التركي.

ومن بين الأشخاص الذين تحدثنا معهم (أبو بلال) الذي يقول “أفضل التعامل مع البنك الكويتي التركي، مضى على تعاملي مع البنك قرابة ثلاث سنوات، لديهم خدمة جيدة وتختصر لي الكثير من المشاكل، وأصبح الموظفون بفرع البنك الذي أراجعه أصدقائي بسبب ترددي المستمر إليهم”.

وأضاف، “أحياناً اضطر للتعامل مع مكاتب الحوالات السورية بسبب ظروف تخص المرسل أو المستقبل للمال، ففي معظم الأحيان لا يتوفر لديه حساب بنكي، فأبحث عن أي مكتب حوالات خاصة يملك فرعاً بالمدينة أو البلد الذي يقطن فيه المرسل أو المستقبل”.

أما أحمد وهو شاب سوري مستقر في عنتاب، فقال، “لا أملك ولا وثيقة سوى الكمليك حتى أنني لم أحدث بياناتي إلى الآن، وبخصوص الحوالات المالية، أتعامل مع مكاتب السوريين المنتشرة بكل مكان، ويجري التنسيق على الهاتف معهم، وأحياناً أتحدث مع شخصين وثلاثة حتى تصلني الحوالة أو أرسلها”.

وأضاف، لو أن البنوك التركية تسهل مسألة فتح حسابات بنكية للسوريين لزاد من نشاطها الاقتصادي فهناك الكثير من السوريين ممن يواجهون صعوبة في موضوع الحوالات المالية.

إعداد وتحرير: فراس العلي

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.