تمكين المرأة “Empowering women”، هو مصطلح بتنا نسمعه أكثر فأكثر بدءاً من نهايات القرن العشرين، اختلف المترجمون والمحللون حول معناه، فالبعض يقول إنه دعم لدور #المرأة في المجتمع والبعض يقول إنه تقويه لها في مواجهة المجتمع الذكوري. بكلا الحالتين فإن تمكين المرأة، بحسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة، هدفه “إعداد المرأة لتصبح فرداً واعياً ومدركاً لما يدور حولها وتعريفها بحقوقها ونقاط قوتها وتوعيتها لمواجهة جميع أشكال عدم المساواة في المجتمع”.

يثير هذا الموضوع حساسية كبيرة لدى بعض أفراد المجتمع، فيرون أن تقوية المرأة تلغي دور الرجل، غير أن هذا المجتمع لا يرى أن إضعاف المرأة يضع الرجل وحيداً أمام مسؤوليات كبيرة ينوء بحملها مع تزايد صعوبات الحياة، مما يجعله تحت ضغط كبير مدركاً أن كل شيء ممكن أن ينهار من حوله إذا ما أصابه ضعف أو عارض صحي على سبيل المثال.

يتجلى هذا الموضوع بشكل أكبر، في المجتمعات التي تعاني من الأزمات أو #الحروب أو الصراعات، وتصبح #النساء أكثر عرضة للعنف والاستغلال وغياب الحرية والاستقلال، ويصبح الحديث عن تمكين المرأة نوع من “الترف”.

أثبتت #النساء بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا أنهن قادرات على تخطي الصعاب، فبعد انهيار الاقتصاد و #التعليم وغياب عدد هائل من الرجال نتيجة الحرب، لم يكن أمام النساء إلا المشاركة في جميع جوانب الحياة فكانت النتيجة باهرة من حيث النهوض بالمجتمع و #الاقتصاد والعلوم، وباتت القوانين المجحفة بحق النساء، مثل الأجور المنخفضة والفرص المحدودة والتمييز على أساس الجنس، مرفوضة من قبل النساء، ومن هنا بدأ العمل على تغيير القوانين لضمان المساواة بين الجنسين في الحقوق والقيمة الإنسانية.

ولعل منطقة “ريجيو أيميليا” الإيطالية تمثل نموذجاً مصغراً لذلك، فقد رغبت #النساء في عام 1946 بإبعاد أطفالهن عن الشوارع والحرب وإعادتهم إلى المدارس، غير أنه لم يكن هناك أي دعم أو مساعدة، فبدأت النساء بجمع الطوب وبقايا الأسلحة، وقمن بإنشاء مدرسة من حطام البيوت تجمع #الأطفال ويعتمد التدريس فيها على الاختيار، فيقرر الأطفال يومياً ماذا يفعلون.

لم يكن هناك صفوف مغلقة وحصص محددة بل كان كل طفل يشارك بالنشاط الذي يرغبه، ويتعلم الجميع من خلال الأنشطة المفتوحة طويلة الأمد. فمن خلال صناعة صندوق للدمى يتعلمون حساب الزوايا والأبعاد، ويتعلمون النجارة وحساب الكلفة المالية، ومن خلال صيد السمك يتعلمون أنواعها وتكاثرها وغذاءها وحمايتها. أصبحت “ريجيو إيميليا” مركزاً أثار اهتمام المعلمين والأهالي ونال اعتراف النظام التعليمي، ونجحت النساء في حماية أطفالهن وإنشاء جيل قادر على بناء المستقبل.

وعلى صعيد محلي، بتنا نرى في مجتمعاتنا الأمثلة المشرقة للنساء اللواتي عدن للدراسة أو بدأن العمل في سن متقدمة بسبب ظروف صعبة، فأبدعن وابتكرن ولا شك بأن ثقة المرأة بنفسها وبإمكاتياتها تزداد مع تمكينها وتنعكس إيجاباً على حياتها وإنتاجيتها ومساهمتها بتنشئة جيل المستقبل.

يكون تمكين المرأة عن طريق ضمان حقها بالحصول على التعليم، وحمايتها من جميع أنواع العنف، وحقها بالملكية والعمل والقدرة على الوصول إلى الموارد الاقتصادية. كما أن حق المرأة بأن يكون لها تمثيل ومشاركة في المجال السياسي والقانوني، ومشاركتها في القيادة وصنع القرار، لم تعد “ترفاً”، بل إنها حاجة للمجتمعات والنهوض بها قبل أن تكون حاجة للنساء أنفسهن.

الصورة من: ASML / جمعية دعم الإعلام الحر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.