لم يعد خبر الحمل مصدر سعادةٍ في سوريا هذه الأيام، فهذا الخبر الذي يُفرح الزوجين في الأفلام السينمائية الرومانسية، قد يسبّب للبعض كابوسًا من القلق في سوريا.

ويستعرض موقع “الحل” في هذا التقرير، أبرز المصاعب التي تعانيها المرأة #الحامل في سوريا، ولا تنطبق هذه المعاناة على أي امرأة أخرى في الدول التي توفّر الرعاية الصحّية وظروف الحياة الكريمة.

غياب الرعاية الصحّية
في فترة الحمل، تحتاج #المرأة  إلى زيارات دورية للطبيب، من أجل مراقبة الحمل، وبهذه العملية يراقب الطبيب صحّة الحامل وصحّة جنينها معًا، إضافةً إلى سير عملية #الحمل، واستنادًا لهذه المراقبة ينصح الطبيب إمّا بسلوكيات حياتية معيّنة كالرياضة أو الراحة أو يصف بعض الأدوية.

وتؤكّد طبيبة في أحد المراكز الصحّية في #إدلب لـ “الحل”، أن مراجعة #الحامل للطبيب أمرٌ لا غنى عنه، فقد تكون الحامل مصابة سابقًا بمرضٍ ما، وهذا يتطلّب وضعها تحت عناية خاصّة حتّى تضع مولودها، كما يساعد على تحديد شكل الولادة فيما إذا كانت طبيعية أو قيصرية.

وتوضّح أيضًا أن المراقبة الطبّية، تساعد #الطبيب على التنبّؤ مسبقًا بالاختلاطات الطبّية أو المشاكل التي قد تحصل مع الحامل وتجنّب الوقوع بها، ولكنّها تؤكّد في ذات الوقت أنّه في عموم سوريا حاليًا لا تحصل الحوامل على هذه الرعاية بشكلها المثالية، إلّا إذا كُنَّ يمتلكن الأموال الكافية ولديهنَّ القدرة على زيارة المستشفيات الخصوصية بشكلٍ دوري على نفقتهنَّ، معتبرةً أنه بسبب الضغط على المستشفيات والمراكز الطبّية العمومية، باتت مراقبة الحمل نوعًا من “الرفاهية”.

حوامل المخيّمات دون مرافق صحّية
تعيش النساء السوريات الحوامل في مخيّمات النزوح، ظروفًا أقسى مقارنةً بغيرهنَّ من النساء اللواتي لم تنزحنَ، في هذه المخيّمات الحالة مزرية تمامًا، ولا يتوفّر أي من المرافق الخاصة للنساء الحوامل أو #الأطفال المولودين، بدايةً من النوم في مكانٍ مريح، مرورًا بالمساحة الخاصة بالمرأة الحاملة، وليس انتهاءًا عند عدم توفّر دورات مياه صحّة ونظيفة للمرأة الحامل.

في القاطع الجنوبي لمخّيمات أطمة الملاصق للحدود السورية – التركية، عانت فاطمة (اسم مستعار) من مشاكل صحّية في حملها، فنصحتها الطبيبة بالمشي لنصف ساعة يوميًا وممارسة بعض التمارين الرياضية، ولكن طبيعة المكان الذي تعيش فيه منعتها من التقيّد بتعليمات الطبيبة.

وتقول: “لا تنطبق هذه التعليمات مع واقع حياتي، فأنا لا أستطيع المشي بشكلٍ آمن لأن أرضية المخيّم غارقة بالطين ولا يمكن المشي عليها، كما أن شكل الخيمة التي نعيش فيها لا تسمح لي بممارسة أي من التمارين الرياضية التي أوصتني بها الطيبة.

وتتحدّث فاطمة عن عدم وجود دورات مياه “مثالية” للمرأة الحامل في المخيّمات، موضحةً أن هذه الدورات ليست نظيفة، ويتشارك فيها الرجال والنساء والأطفال في الغالب، كما أنّها لا تعطي المرأة الحامل الخصوصية لاستخدامها وهذه من أكثر المشاكل التي تعاني منها حسب قولها.

سوء الحالة النفسية مع اقتراب الولادة
ما إن يقترب موعد الولادة، حتّى تسوء الحالة النفسية للمرأة السورية الحامل وأسرتها، فاقتراب الولادة يعني إمّا دفع مبالغ مالية كبيرة أجرة المستشفى وألبسة المولود وغيرها، أو تقع المرأة في حيرة عن توفير الظروف الآمنة للولادة كالتدفئة والمكان الآمن النظيف ولا سيما في المخيّمات، وهو الأمر الذي يزيد من الضغوطات على المرأة الحامل.

تقول سيما، وهي ثلاثينية حاملة تعيش في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا: “بقي شهرين على ولادتي الأولى، وكلما اقترب موعد الولادة يزداد توتّري”.

توضّح سيما، أن زوجها يعمل في دهان المنازل براتب 70 ألف ليرة شهرية، وهو لا يستطيع توفير أي من هذا المبلغ وتضيف: “تكلفة الولادة الآمنة في المستشفى تبلغ 180 ألف ليرة سورية، وتكاليف ملابس المولود (الديارة) يتراوح سعرها بين 50 و80 ألف، ولم تتمكّن حتّى الآن من توفير شيء من هذا المبلغ”.

هذا الواقع جعل حالتها الصحّية والنفسية تتراجع، وتشعر بالخوف من أن يؤثّر ذلك على مولودها.

نقص التغذية حوار مع طبيبة
كما تحتاج المرأة الحامل خلال فترة الحمل، إلى عناصر غذائية خاصّة لتساعدها على الحفاظ على صحّتها من جهة، ونمو الجنين في أحشائها بشكل صحّي من جهةٍ أخرى، ولكن هذه العناصر الغذائي غير متوفّرة لمعظم الحوامل السوريات اليوم، وذلك بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى غالبية السوريات والسوريين، عدم القدرة على تأمين الأغذية المطلوبة للحامل بسبب الغلاء الفاحش من جهة وتدنّي الدخل من جهةٍ أخرى.

تقول أخصائية التغذية السوري التي تعيش في تركيا منال طويري لـ “الحل”: “يمكن تقسيم العناصر الغذائية للحامل بحسب فترة الحمل إلى ثلاث أقسام، كل فترة منها تمتد لثلاثة أشهر”.

وشرحت طويري: “في الأشهر الثلاث الأولى، تتعرّض معظم الحوامل للإقياء وفقدان الشهية لذلك يُنصح بتقسيم الغذاء إلى خمس وجبات يوميًا، تحتوي على أطعمة خالية تمامًا من الدهون وسهلة الهضم في ذات الوقت، كاللحوم قليلة الدسم والدجاج والسمك، إضافةً إلى منتجات الألبان والأجبان، مع الحفاظ المستمر على تناول السوائل والفاكهة بكميات منتظمة”.

أما فترة الأشهر الثلاث المتوسّطة “الرابع والخامس والسادس”، فتنصح الخبيرة ذاتها، تكثيف النظام الغذائي بزيادة وجبات اللحوم والدجاج والبيض إضافةً إلى البقوليات وكل ما يحتوي على البروتين، مشيرةً إلى أن هذه الفترة من الحمل تتكوّن فيها خلايا الجنين وعضلاته.

وتكمل الخبيرة عن الأشهر الثلاث الأخيرة، بأنّه على الحامل هنا تناول اللحوم المطهية جيدًا وكل أنواع البقوليات كاللوبياء والعدس مع الإكثار من النشويات كالأرز والألبان والأجبان وشرب المياه بكميات منتظمة.

عرضنا هذه العناصر على ثلاث نساء حوامل، تعشنَ في شمال سوريا، فتطابقت إجاباتهنَّ على أنّهنَّ لا يعرفن شيئًا عن هذه الانظمة الغذائية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.