لا تزال أعمدة #الدخان المتصاعدة من الأحراج، شاهدة على حجم الكارثة التي تعرضت لها #الغابات في #سوريا، جراء سلسلة #الحرائق، التي شهدتها مناطق #حماة واللاذقية وطرطوس وصولاً إلى #حمص، خلال الأسبوعين الماضيين، التي وصفت بأنها الأكبر في تاريخ سوريا.

#الحرائق، التي التهمت عشرات الهكتارات من الأراضي الحراجية، والآلاف من الأشجار المعمرة خلال الفترة الماضية، أصبحت حديث الشارع السوري، وسبب لإلقاء اللوم عمن أسموهم “السلطات المختصة”، التي تهاونت في عملية إخماد الحرائق، بحجة نقص الإمكانيات، فيما اعتبره آخرون عملية منظمة يهدف مرتكبوها إلى تحقيق أرباح مادية، لتكون فرص استثمارية جديدة.

حرائق بفعل فاعل!

تقدير حجم الخسائر بفعل الحرائق التي امتدت على مساحات واسعة من غابات سوريا غير دقيق، نتيجة امتدادها إلى مناطق يصعب الوصول إليها في أعالي الجبال، إضافة إلى الغابات التي لا تحتوي على طرقات حراجية للوصول إليها.

مدير الحراج في وزارة الزراعة السورية “حسان عارف” قال إن «عدد الحرائق، التي طالت الغابات هذا الصيف وصل لنحو 403 حريق، قضت على 2399 دونماً، فيما وصل عدد الحرائق الزراعية 24 ألف و558 حريقاً، راح ضحيتها نحو 286 ألف و 162 دونماً من المحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة».

وكانت المفاجأة في تصريح مدير الحراج لصحيفة (تشرين) قبل أيام بتأكيده على أن «جل الحرائق ومكانها ليس مصادفة أبداً، بل هي منتقاة بعناية، بدليل اختيارات المواقع التي اشتعلت بها النيران، وصعوبة الوصول إليها، كونها تقع في مرتفعات جبلية، وضمن جروف صخرية».

وأصدرت وزارة الزراعة، في العاشر من شهر أيلول الجاري، نتائج ما أستمه “التحقيقات الأولية” في حرائق شهدتها مناطق الغاب ومصياف، وخلصت النتائج إلى أن «الإهمال والتعمد كانا سببين لتلك الحرائق، وتم إلقاء القبض على الفاعلين».

ووفق تقرير صادر عن مديرية زراعة #اللاذقية «التهمت الحرائق بين عامي 2010- 2018 أكثر من ربع مساحة غابات سوريا، فوصل عددها إلى ألفي حريق مسجلين رسمياً بمساحة إجمالية بلغت 103 ألف هكتار محروق، كان نصيب الساحل منها فوق 800 حريق».

من الفاعل؟ ومن المستفيد؟

قال موظف سابق في وزارة الزراعة السورية، المهندس الزراعي “مجد سلطان” إن «الغابات التي تعرضت للاحتراق خلال الفترة الماضية، تقع في المناطق الحراجية التي من الصعب الوصول إليها، وتوجد فيها أشجار من نوع صنوبريات، وهي قابلة للاشتعال لاحتوائها على الزيوت، حيث يتسبب تطاير قشور هذه الأشجار أثناء احتراقها لمسافات بعيدة، ما يُسهم بانتشار الحريق بسرعة وفي وقت قصير».

وأضاف سلطان لموقع (الحل نت) أن «هذه الغابات أصبحت مصدر رزق سهل وأقل تكلفة، مقارنة بمهنة الزراعة على سبيل المثال، حيث ساهم نقص الوقود، ومصادر الطاقة في سوريا نتيجة #الحرب، إلى الاعتماد على الخشب والحطب في التدفئة، بشكل غير قانوني وبأدوات بدائية ما يسبب هذه الحرائق».

وأشار إلى أن «الحرائق التي طالت الساحل السوري، وتحديداً محمية أشجار الشوح والأرز في صلنفة، تكثر فيها أشجار من نوع البلوط والسنديان، التي يستخرج منها أفضل أنواع الفحم وأعلاها ثمناً».

«وتستثمر شخصيات نافذة تلك المناطق في عمليات التفحيم، وهي عملية حرق غير كامل للأشجار مع عزلها عن الهواء في حفرة، تغطى فيها الأغصان بقماش عازل، وتتم بطرق بدائية، وتعتبر سبب رئيسي في اشتعال الحرائق، بسبب عدم امتلاك القائمين عليها الخبرة اللازمة».

مصدر محلي في سهل الغاب (فضل عدم ذكر اسمه) أكد أن «عملية التحطيب والتفحيم في الأحراج، والغابات تتم بعلم من أفراد الضابطة الحرجية، وبحماية من أشخاص مسلحين يتبعون لمليشيا صقور الصحراء، التي أسسها رجل الأعمال أيمن جابر، وبعد حل هذه المليشيا بقرار روسي في عام 2017 ، اتجهوا إلى الاستثمار في الغابات، وتعمدوا إحراقها في كثير من الأحيان».

وأوضح المصدر لموقع (الحل نت) أن «القائمين على هذه الأعمال باتوا معروفين للجميع هنا، وجميعهم من المسؤولين الأمنيين السابقين، ولا يزالوا يتمتعون بنفوذ أمني كبير، حيث أصبحت تجارة الحطب والفحم رائجة في المنطقة وبدون رأس مال، ويباع طن الحطب بين 200 إلى 250 #دولار».

ثغرات قانون الحراج يتيح لمتنفذين استملاك الغابات!

رغم صدور القانون رقم 6 لعام 2018 والذي عرف باسم “قانون الحراج”، الذي يهدف إلى تنمية وتطوير الثروة الحراجية وإدارتها، إلا أن خبراء قانونيون أكدوا وجود بعض الثغرات في مواده.

وشرح المحامي “خالد غازي” لموقع (الحل نت) أهم ثغراته وقال إن «المادة 47 من قانون الأحراج رقم 8 يجيز إجراء مبادلة بين أحراج وأملاك الدولة من جهة، والحراج الخاصة من جهة أخرى، حيث تتم المبادلة بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير، وهذا يعني أن للوزير الحق بنقل ملكية الأحراج الواقعة تحت ملكية الدولة، وتحويلها إلى ملكية خاصة».

وأوضح أن «هذا فتح باب للتلاعب، حيث يتم في كثير من الأحيان الاستيلاء على الأحراج، التي تعود ملكيتها للدولة، بنقل أشجار مثمرة يزيد عمرها عن 10 أعوام من الأراضي الزراعية إلى الأحراج العامة، ويتم بعدها رفع دعوى تثبيت ملكية بالتواطئ مع اللجان المختصة بنقل الملكية».

وأضاف المحامي غازي أن «المادة رقم 14/ب من قانون الحراج رقم 6، أشارت إلى أن الأحراج الزراعية، التي تتعرض لحرائق يوضع في صحيفتها العقارية إشارة حريق، وبذلك تكون إزالتها ممنوعة ويجب إعادة تشجيرها، وبالتالي فتح باب الاستثمار الزراعي فيها، عبر استغلال هذه الأراضي المحروقة بالمزايدات الرسمية التي تطرحها مديريات الزراعة لاستثمار نواتج الأرض المحروقة، من الأشجار مقابل أثمان بخسة».

وختم المحامي حديثه أنه «لا شك أن تقاعس عن إطفاء الحرائق خلال الأيام الأولى كان مقصوداً، حتى أن روسيا التي تملك أكبر قاعدة جوية لها في سوريا، قامت بالمساعدة في إطفاء الحرائق في إسرائيل ولبنان، لم تقم بالمساعدة في إطفاء الحرائق، التي وصلت إلى المناطق المحيطة بقاعدتها العسكرية في حميميم بريف اللاذقية، في دلالة على رغبتها مستقبلاً في استثمار تلك المناطق سياحياً، وعسكرياً في نفس الوقت»، على حد تعبيره.

يذكر أن حرائق ضخمة، طالت غابات ومزارع غربي سوريا، خلال الأسابيع الأخيرة، ولاقت السلطات السورية صعوبة في السيطرة عليها، كما شارك الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” في إخماد الحرائق، في مناطق غربي إدلب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.