بعد عامين من السيطرة التركية: ما مدى انتهاك فصائل المعارضة المسلحة للوجود الإيزيدي في عفرين؟

بعد عامين من السيطرة التركية: ما مدى انتهاك فصائل المعارضة المسلحة للوجود الإيزيدي في عفرين؟

تشير تقارير حقوقية إلى أن الإيزيديين في #عفرين يتعرضون لانتهاكات فصائل #الجيش_الوطني السوري المعارض، الموالي لتركيا، فبحسب التقرير الأخير للجنة التحقيق المستقلة في الانتهاكات بالمنطقة، تم اعتقال تسع وأربعين امرأة خلال عام، بينهن إيزيديات، في حين كشف نشطاء عن عدد الإيزيديين المتبقي في عفرين.

وبينما اتهم تقرير لجنة التحقيق المستقلة “الجيش الوطني” بارتكاب انتهاكات بحق أبناء الديانة الإيزيدية، نفى أحد قيادييه هذه الاتهامات، وقال في تصريحاته لموقع «الحل نت»، إن «الإيزيديين يعيشون بأمان في المنطقة، وحالات نزوحهم ليست سوى حالات فردية».

 

كيف كان وضع الإيزيديين قبل السيطرة التركية؟

بلغ عدد الإيزيديين في عفرين خمسة وعشرين ألف نسمة، يتوزعون على اثنتين وعشرين قرية، لهم فيها عديد من المزارات الدينية، ويحتفلون بأعياد أهمها عيد “الأربعاء الأحمر” و”خضر الياس”.

وفي هذا الصدد يقول “سليمان جعفر”، الرئيس المشترك لـ”المجلس التنفيذي لإقليم عفرين”، التابع للإدارة الذاتية، وهو من إيزيديي المنطقة، إن «الإيزيديين، قبل السيطرة التركية، كانوا يمارسون طقوسهم وشعائرهم بحرية».

وأضاف “جعفر” في حديثه لـ«الحل نت»: «بعد الاحتلال التركي تم إفراغ قرية إيزيدية بالكامل من أهلها، وهي قرية “علقينا”، التي كانت #الحكومة_السورية قد غيّرت اسمها إلى “الجديدة”، ويتواجد الآن سبعة آلاف نازح إيزيدي في منطقة “تل رفعت” شمال #حلب (منطقة الشهباء)، وهناك آلاف هاجروا إلى #إقليم_كردستان العراق وشرق الفرات وأوروبا».

 

ما عدد الإيزيديين المتبقي في عفرين؟

كشف “علي عيسو”، مدير مؤسسة “إيزدينا” الإعلامية، المختصة بالشأن الإيزيدي، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنه «بعد الاحتلال التركي، وتفاقم حدة الانتهاكات بحق الإيزيديين، أرسلنا فريقاً سرياً، يعمل لصالح مؤسسة “ايزدينا”، إلى داخل القرى الإيزيدية، في نهاية عام 2019، ووفقًا لإحصائياته الميدانية فإنه لم يبق سوى ألف إيزيدي داخل عفرين».

وللتحقق من هذا الإدعاء تواصل موقع «الحل نت» مع مصدر محلي داخل عفرين، رفض الكشف عن هويته، وقال إنه «لم تتبق سوى حوالي سبعين عائلة إيزيدية في عفرين»، وهو عدد قريب لما ذكره “علي عيسو”.

في حين نفى “يوسف الحمود”، الناطق باسم “الجيش الوطني” الموالي لتركيا، هذه الأرقام، وقال في تصريحاته لموقع «الحل نت»: «الإيزيديون لم ينزحوا خارج عفرين، هناك حالات فردية للنزوح، أغلبها بداعي العمل، وغالبية الكُرد عادوا إلى عفرين بعد سيطرتنا عليها».

 

هل يتم الاعتداء على المزارات والقبور الإيزيدية؟

“علي عيسو” اتهم “الجيش الوطني” بالاعتداء على مقابر الإيزيديين، وتخريب مزاراتهم الدينية في منطقة عفرين، وقال إن «مئات من القبور الإيزيدية في قريتي “قيبار” و”قسطل جندو” تعرضت للتخريب المتعمد والإهانة، فضلاً عن تدمير أجزاء واسعة لثمانية عشر مزاراً دينياً، وسرقة محتوياتها، ومنها مزار “الشيخ شرفدين” في قرية “بافلون”، والذي يوجد داخله إلى اليوم قنبلة لم تنفجر، ومزارات “ملك آدي” و”الشيخ حسين” و”جيل خانة” و”الشيخ ركاب”».

وأردف قائلاً: «ولا ننسى ما حل بمزار “الشيخ علي” في قرية “باصوفان”، فقد وثّقنا، في مؤسسة “ايزدينا”، مشاهد مصورة للمزار أثناء احتلال عفرين، وكيف قامت الفصائل المتطرفة بتدميره وسرقة محتوياته ورمي الأوساخ حوله، في خطوة إستفزازية، تهدف إلى إلغاء الوجود الإيزيدي في المنطقة، ووثقنا أيضاً، في شهر نيسان/إبريل من العام الجاري، تعمّد مسلحي “الجيش الوطني السوري”، وتحديداً “فيلق الشام”، تدمير قبة المزار، عبر استخدام آلية “تركس”».

واستدرك “عيسو” بالقول: «ولكن الذي حصل أن المسلحين المتطرفين عادوا قبل حوالي أسبوع إلى القرية، وقاموا بتصوير أنفسهم وهم يقومون بترميم المزار من الدمار الذي ألحقوه به، ولكننا تأكدنا بأن الترميم كان على نفقة شخصيتين إيزيديتين من سكان قرية “باصوفان”».

ولدى عرض هذه الاتهامات على “يوسف الحمود” ردّ بأنه «من الممكن أن تكون هناك عمليات نبش لقبور الإيزيديين وتخريب لمزاراتهم، ولكنها غير ممنهجة، فـ”الجيش الوطني” لا يتبع منهجية كهذه، هناك مجموعات تحفر وتنبش القبور، تابعة للمافيات الدولية لتهريب الآثار، ونحن نلاحقها أمنياً، وليست تابعة بالتأكيد للجيش الوطني»، حسب تعبيره.

 

هل هناك اعتقالات للنساء؟

فيما يخص الاعتقالات قال “علي عيسو” إن «هناك فتيات كرديات، وبينهنّ إيزيديات، داخل سجون المتطرفين في “الجيش الوطني السوري”، ووفقًا لرصدنا، في مؤسسة “إيزدينا”، ما تزال “آرين حسن” (21 عامًا)، من قرية “كيمار”، مختطفة أو معتقلة تعسفياً، منذ تاريخ السابع والعشرين من شباط/فبراير من العام الحالي، وذُكر اسمها في تقرير لجنة التحقيق المستقلة، وقامت الفصائل المعارضة مراراً، عبر وسطاء، بطلب مبالغ مالية كبيرة من أهلها، مقابل الافراج عنها».

ونوّه إنه بعد أسبوع واحد من اعتقال “آرين” «اختطفت الفصائل المتطرفة إمرأة إيزيدية أرملة مع ابنتها، وبقيتا في السجن لمدة أربعين يوماً، وتمكنت مؤسسة “إيزدينا” من توثيق حالة تعذيب جسدي لإحدى النساء الإيزيديات المعتقلات، إضافة لتوثيق حالة تعذيب وتحرّش جنسي بحق طفل إيزيدي، وحالة تعذيب جسدي لفتاة إيزيدية عمرها خمسة عشر عاماً».

“يوسف الحمود”، الناطق باسم “الجيش الوطني”، لم يقم بالرد على سؤال موقع «الحل نت» حول هذه الاتهامات.

 

هل يتم إجبار الإيزيديين على اعتناق الإسلام؟

وأكد مصدر محلي من قرية “قسطل جندو” الإيزيدية لموقع «الحل نت» أنه «تمّ بناء جامع في القرية، وإجبار الأهالي على اعتناق الإسلام من قبل عناصر “الجيش الوطني”»، وفي هذا السياق قال “علي عيسو” إن «هناك حركة نشطة لجمعيات “خيرية” فاعلة في منطقة عفرين، وممولة من الحكومة التركية، لأجل إقناع الأطفال الإيزيديين بتغيير دينهم، من خلال مزايا وهدايا تقدّم لهم».

وهذا ما أكده “سليمان جعفر”، المسوؤل في #الإدارة_الذاتية، الذي قال إن «تركيا وفصائلها بنوا جوامع في كل القرى الإيزيدية، ودمروا مقراً دينياً للإيزيديين في مدينة عفرين»، وأردف: «الآن لا يُسمح للإيزيديين بممارسة أعيادهم وشعائرهم، ويتمّ التضييق عليهم، وهم يعانون اضطهاداً مزدوجاً، قومياً ودينياً، فهم كُرد وإيزيديون في الوقت نفسه».

في حين قال “يوسف حمود” إن «المكون الإيزيدي يتمتع بكامل حقوقه في ممارسة شعائره في عفرين، كما باقي المكونات»، وأضاف: «لا يوجد أي ضغط على الإيزيديين ولهم حرية المعتقد. من الممكن أن تكون شهادتي مجروحة، بحكم كوني ناطقاً باسم “الجيش الوطني”، ولكن يمكنكم التواصل مع أهالي المنطقة للتأكد من هذا».

 

ماذا يقول المدنييون الإيزيديون؟

«الحل نت» تواصل مع أهالي المنطقة فعلاً، وتحدث مع مواطن إيزيدي، رفض بشكل قاطع الكشف عن اسمه الحقيقي، واكتفى بإعطاء اسم مستعار هو “أبو حنان”.

يقول “أبو حنان في شهادته: «نحن نتعرض لعنصرية مزدوجة في عفرين، فنحن ننتمي إلى القومية الكردية، وبالتالي يتم استهدافنا من قبل المجموعات المتطرفة لـ”الجيش الوطني السوري”، ومن ناحية أخرى نحن إيزيديو الديانة، وبالتالي يتم اضطهادنا بحجة أننا نؤمن بديانة ليست سماوية، ولا نعبد الله. نعاني كثيراً من مسألة التمييز والعنصرية، حتى في مسألة توزيع المعونات في المنطقة، فحين يدركون أننا إيزيديون يقومون بحرماننا منها».

وأضاف “أبو حنان” أن «المزارات الدينية الإيزيدية إما مدمرة أو مسروقة، ونحن نخشى زيارتها ضمن مراسمنا الدينية، كما كنّا نفعل في السابق، كي لا يتم اتهامنا بأننا “نعبد الأصنام”، كما يروّج المتطرفون. ومنذ وقوع عفرين تحت سيطرة الفصائل المعارضة، أي قبل عامين، لم نحتفل بأي عيد ديني، ولن نُقِم أية مراسم دينية، بل أننا نخشى حتى من إقامتها بشكل سري داخل منازلنا، كي لا يُفتضح أمرنا، ونصبح هدفاً لهؤلاء المتطرفين»، حسب تعبيره

كما أشار “أبو حنان” إلى أن: «المتشددين يتّبعون طرقاً عديدة لإجبارنا على اعتناق الدين الاسلامي، إما بشكل عنيف ومباشر، وهذا يحصل في حالات قليلة نوعاً ما، أو من خلال توسيع النشاطات الدعوية الإسلامية في قرانا، للتأثير على أولادنا، عبر تقديم المغريات لهم، لأجل الدخول للدين الاسلامي».

كما تواصل «الحل نت» مع سيدة إيزيدية نازحة إلى “تل رفعت” شمال حلب، اسمها “سعاد حسو”، قالت للموقع إن «النازحين الإيزيديين يريدون العودة إلى منازلهم، إلا أنهم يخافون من تركيا وفصائلها»، حسب تعبيرها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.