لأيام وساعات طويلة التهمت الحرائق عشرات البساتين ومئات الدونمات من المساحات المزروعة في مناطق الساحل السوري خلال الأسبوع الماضي، وذلك في أسوأ موجة حرائق منذ عقود تضرب المنطقة، ذلك قبل أن تعلن فرق الإطفاء سيطرتها فعليّاً على النيران.

سيطرةٌ جاءت كما يقول السكّان المحليّون وأصحاب البساتين المحروقة «بعد فوات الأوان»، فالحرائق الأخيرة أظهرت حقيقةً، هشاشة مؤسسات «الحكومة السوريّة» في التصدي للكوارث الطبيعية، فضلاً عن سوء إدارة الأزمات في تلك الظروف.

تقول المعلومات الواردة من ريف اللاذقيّة أن بعض المناطق التي اشتعلت فيها الحرائق لم تصلها فرق الإطفاء إلا بعد يومين، وكان قد انتهى الحريق، لأن النيران لم تعد تجد شيئاً لتلتهمه كما يقول سكّان تلك القرى والبلدات.

وفي إحصائيّة لمديريّة الزراعة في اللاذقيّة، أكدت أن حجم الأضرار يقدّر بنحو 7190 هكتاراً ضمّت 1.3 مليون شجرة مثمرة احترقت بالكامل ومنها 1.1 مليون شجرة زيتون و200 ألف شجرة حمضيات و3 آلاف شجرة تفاح و44 ألف شجرة متنوعة.

وبعد فشل «الحكومة السوريّة» في السيطرة المبكّرة على حرائق الساحق لتخفيف حدّة الأضرار، خرجت ببيانات وتصريحات إعلاميّة تعهدت خلالها بتقديم 1.53 مليار ليرة لنحو 150 قرية وبلدة متضررة من الحرائق في اللاذقية، أي ما يعادل 10 ملايين ليرة (4 آلاف دولار أميركي) لكل قرية. 

وفي تقرير لها نقلت صحيفة «المدن» عن محمود أحد أهالي قرى شمالي اللاذقيّة قوله: ««كل الناس خسرت في هذه المنطقة. عشرات آلاف الأشجار احترقت خلال يومين فقط. بذلنا جهداً كبيراً بما نملك من إمكانيات من جرارات ومعاول وفؤوس دون جدوى». ويضيف: «قضت النيران على أشجار عمرها 20 و30 سنة خصوصاً من الزيتون والحمضيات». 

ولا يعوّل الشاب، ككثيرين غيره، على الوعود بالتعويض. يقول: «هذه مبالغ لا تعمل شيئاً. خسارة موسم واحد تتجاوز ما ستحصل عليه كل عائلة من الدعم المنتظر. المهم أن تعود هذه الحقول إلى الاخضرار وأشك أن يتم ذلك قبل سنوات». وشاركت أكثر من مائة سيارة إطفاء وآلية ثقيلة ومروحيات للجيش السوري في محاولة السيطرة على الحرائق التي اندلعت يوم الجمعة 9 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري في 65 موقعاً تضاف إلى 30 موقعاً آخر، ما شتَّت جهود فرق الإطفاء وأخّر من السيطرة على النيران.

لا يبدو أن الوضع الاقتصادي والعجز في الميزانيّة سيسمح للحكومة بتعويض المتضررين من الحرائق الأخيرة، ذلك رغم أن الرئيس السوري “بشار الأسد” قدّم وعوداً بتعويض المتضررين، ذلك في زيارة «خاطفة» لقرية بلوران بريف اللاذقيّة، وهي من أكثر المناطق تضرراً من جراء الحرائق التي ضربت مناطق سوريّة عدّة.

وشكك ناشطون بجديّة الوعود التي قدمها الأسد للسوريين المتضررين من الحرائق، لا سيما وأن تلك الأضرار تقدر بالملايين، حيث أن الحكومة السوريّة قد تعجز عن تعويض الأهالي، في وقت تعصف فيه الأزمات الاقتصاديّة المعيشية بالبلاد.

تشهد عموم البلاد أزمات اقتصاديّة عدّة انعكست على الوضع المعيشي للأهالي، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة «الحكومة السوريّة» وليس آخرها ربما، أزمة ندرة المواد النفطيّة والمادة الأساسيّة في الغذاء (الخبز).

وتقول مصادر إعلاميّة من داخل «الحكومة السوريّة» إن الأخيرة تدرس رفع الدعم الحكومي عن مواد المحروقات والخبز، ما يعني بيعها بأسعار «خياليّة»، فيما إذا تم تحرير سعرها وإطلاقها بشكل حر دون دعم حكومي.

ويأتي ذلك بسبب عجز «الحكومة السوريّة» عن تمويل مصروفاتها من الموازنة العامة، إذ تضطر الحكومة للاستدانة بشكل دوري من المصارف العامة لتغطية هذا العجز، فكيف لحكومة غارقة بالعجز عن تأمين أبسط مقوّمات الحياة لمواطنيها أن تفي بوعود تعويض المتضررين من حرائق الساحل!.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.