يبدو المستقبل السياسي للوزير السابق جبران باسيل وكأنه انتهى، فالصهر الذي لا يخفي طموحاته الرئاسية والوراثية خلفاً لوالد زوجته الرئيس اللبناني ميشال عون، بات منذ أيام على قائمة العقوبات الأميركية.

إذ أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية وبموجب الأمر التنفيذي رقم 13818 قراراً بفرض العقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وذلك نظراً لدوره في الفساد القائم في لبنان.

هذا واحتلّ الوزير الأسبق عدة مناصب حكومية على مدى سنوات، بدأها بشغله منصب وزير الاتصالات وبعدها تولى وزارة الطاقة والمياه ومن ثم وصل إلى منصب وزير الخارجية والمغتربين، هذه المسيرة الحافلة بالمناصب، يضاف إليها طموح سياسي لا يخفى، ورغبة في وراثة منصب الرئاسة اللبنانية بعد عمه ميشال عون مثلما ورث منه رئاسة التيار الوطني الحر وأقصى عديله المنافس شامل روكز، يبدو أنها كلها باتت مجرد سراب يرتسم على الرمال.

فساد وليس تحالفات سياسية

صدر القرار الأميركي بوضع باسيل على قائمة المعاقبين، إلا أن ردة فعل الوزير المعاقب وأتباعه في التيار الوطني الحر اتسمت بالإنكار التام لتهمة الفساد، ومطالبة الإدارة الأميركية بكشف الملفات إذا كانت موجودة بحسب زعمهم، كما حاول باسيل من خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده بعد صدور القرار أن يقدم العقوبات وكأنها جاءت نتيجة مسيرته السياسية ورفضه الإملاءات الأميركية، ثم تحالفه الاستراتيجي المستمر مع حزب الله منذ العام 2006.

بطريقته الدفاعية هذه يبدو باسيل وكأنه يريد من الجميع نسيان أن هتاف “هيلا هيلا هيلا هو” كان هو أول المقصودين فيه، وأن المتظاهرين في الشوارع والساحات منذ أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019 حدّدوه هو شخصياً خصماً لهم، واعتبروه رمز الفساد المالي والسياسي الأول في لبنان.

معاقبون سابقون ومعاقبون لاحقون

ليس جبران باسيل أول الوزراء اللبنانيين الذين شملتهم العقوبات الأميركية، إذ سبقه في أيلول سبتمبر الماضي كل من علي حسن خليل من حركة أمل، والوزير السابق يوسف فينيانوس المنتمي لتيار المردة، أحد الحلفاء المسيحيين لحزب الله والنظام السوري، وكان الفساد واستغلال المنصب إضافة إلى دعم ومحاباة حزب الله أحد أهم أسباب وضع الوزيرين السابقين على لائحة العقوبات، إلا أن مشكلة باسيل في هذا السياق أن القرار لَحَظَ في البداية فساده المالي والإداري قبل أن يتحدث عن تحالفاته السياسية، ذاك أن باسيل معاقب بموجب قانون ماغنتسكي وهو قانون يعطي الحق لرئيس الولايات المتحدة الامريكية أن يفرض عقوبات في حال وجود انتهاكات لحقوق الإنسان، مصدرها الفساد خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية، والتي وصلت إلى مستوى يمكنه تهديد أمن واستقرار الأنظمة السياسية والاقتصادية في العالم.

بينما يبدو أن العقوبات الأميركية لن تتوقف خلال الفترة القادمة حتى مع التغير المرتقب في الإدارة الأميركية، إذ أن الملفات المتعلقة بفساد الطبقة السياسية اللبنانية وأبرز حلفاء حزب الله فيها باتت جاهزة، وسوف ترثها الإدارة الأميركية الجديدة عن السابقة، ويبدو أن الأشهر المقبلة ستحمل أسماء جديدة من نفس الدوائر السياسية على قوائم العقوبات.

الوزير المنبوذ

خلال مسيرة صعوده السياسي منذ عام 2005 وحتى صدور قرار العقوبات الأميركية، لم يخف جبران باسيل طموحاته الواضحة، وفي سبيل هذا الطموح بات سجلّه السياسي مليء بالخفّة والمراوغة، مرّة يخسر الانتخابات النيابية فيطالب بمقعد وزاري، ومرّة يناكف عديله ليرث الزعامة السياسية، وأخرى يهاجم فيها فساد الآخرين ليغطي سوء إدارته وفساده في ثلاث وزارات، وحين يغرّد ردّاً على العقوبات الأميركية ينتحل خطاباً شعبوياً، يريد من خلاله أن يظهر نفسه وكأنه المخلص، أو أن استهدافه واستهداف فساده هو استهداف للمسيحيين في المنطقة.

لا يبدو والحال هذا أن ملفات الفساد التي ستحاصر جبران باسيل خلال الفترة القادمة سوف تتوقف عنده، بل إنها ستتعداه إلى أفراد كثر ووازنين من الطبقة السياسية اللبنانية، وفي هذه اللحظة لن يكون بمقدورهم الاحتماء بأحد كما فعلوا سابقاً في وجه انتفاضة تشرين حين احتموا بالسلاح والبلطجية، هذه المرة لا يبدو أن تحالفهم مع المليشيا المسلحة يمكنه حمايتهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.