جماعات الكاتيوشا تتغوّل في العراق: هل أصبحت الميلشيات الموالية لإيران أقوى من حكومة الكاظمي؟

جماعات الكاتيوشا تتغوّل في العراق: هل أصبحت الميلشيات الموالية لإيران أقوى من حكومة الكاظمي؟

تقف حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي عاجزة عن إيقاف الهجمات الصاروخية، التي تحدد الميلشيات مكانها وزمانها، مستغلة ضعف الدولة العراقية في ضبط عملياتها، التي باتت لا تهدد البعثات الدبلوماسية ومؤسسات الدولة فحسب، بل حياة المواطنين العزّل.

وبعد استهداف #المنطقة_الخضراء في بغداد بثلاثة صواريخ، سقط اثنان منها على مؤسسات حكومية، فيما سقط الثالث على منطقة سكنية، دون خسائر بشرية، سمّت #الحكومة_العراقية، عبر قيادة العمليات المشتركة، الفاعلين بـ«الجماعات المنفلتة»، دون تحديد هويتهم.

القصف أعاد سؤالاً ملحاً إلى الأذهان: لماذا تصمت الدولة العراقية عن الفاعلين، ولا تفضحهم أمام الرأي العام؟ رغم تصريح “أحمد ملا طلال”، المتحدث السابق باسم الحكومة العراقية، قبل أكثر من أربعة أشهر، بأن «القوى الأمنية قبضت على عدد من المتورطين، وتقوم بالتحقيق معهم».

تساؤل ردّ عليه مراقبون للشأن الأمني بالإشارة إلى أن عجز الدولة «له أسباب سياسية، قبل أن تكون أمنية».

 

 المحاصصة الطائفية تمنع كشف الجناة

 ويؤكد الخبير الأمني “أحمد الشريفي”، رداً على سؤال لـ«الحل نت» عن سبب عجز الدولة العراقية عن التصريح بهوية جماعات الكاتيوشا، وكشفها أمام الرأي العام، أن «الحكومة العراقية لن تكشف هوية المسؤولين، ما دام صانع القرار السياسي تابعاً للأحزاب المتنفّذة، إذ أن القرار السياسي والأمني يخضع للتوافقات، لإنه نتاج للمحاصصة الطائفية، وأعتقد أننا أمام مرحلة خطيرة، تندلع فيها الصراعات الإقليمية والدولية على الساحة العراقية».

وشدّد على ضرورة «قرار حكومي قوي، فالحكومة العراقية لا يجب أن تكون بحاجة لطلب تدخّل #إيران، لتهدئة جماعات الكاتيوشا، الموالية لها، ولا ضرورة لزيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى #طهران. نحتاج إلى قرار وطني، وأن توضع المؤسسات الأمنية بيد أشخاص أمناء، لردع من يعبثون بالأمن».

وأكد إن «التعاون مع الإرادة الدولية أفضل من طلب التدخّل الإقليمي، لإن الدول الإقليمية ستبحث عن مصالحها الخاصة، وهي غالباً تريد أن يبقى العراق ضعيفاً. ومن يقصفون المنطقة الخضراء يضعون العراق في مواجهة دول ومؤسسات دولية، مثل #الأمم_المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ما يُدخلنا في مغامرات، سببها ثلاثون أو أربعون شخصاً، من منفذي القصف بالكاتيوشا، لا يحترمون إرادة الوطن ومصيره»، حسب تعبيره.

 

 خبير: «الدولة لا تريد مواجهة حملة السلاح لإنها تخشى الفوضى»

 حديث “الشريفي” دعمه الخبير الاستراتيجي “سرمد البياتي”، وزاد عليه بالقول إن «المشكلة الأساس في العراق لا تقتصر فقط على جماعات تقصف المنطقة الخضراء، وتهدد الأمن، بل وجود السلاح المنفلت، الذي يُشترى ويُستخدم ضد الدولة. والوضع محرج لرئيس الوزراء العراقي، بغياب الخطط الاحترافية، والإرادة الحقيقية لنزع السلاح».

ويضيف في حديثه لـ«الحل نت»: «المسؤولون يقولون: “لا نريد الصِدام مع أحد، خوفاً من الفوضى الأمنية”، ولكن من يتحمّل مسؤولية تعاظم وجود السلاح المنفلت؟  تشير تقديرات أمنية إلى وجود ستة ملايين قطعة سلاح غير شرعي في البلاد، بيد المواطنين والعشائر والميلشيات، فضلاً عن السلاح الثقيل، القادر على تسليح فرقتين عسكريتين في #البصرة على سبيل المثال، وفقاً لما قاله قائد عملياتها السابق».

وطرح الخبير الاستراتيجي حلاً للتخلّص من هذا السلاح بالقول: «من يتذرّع بالخوف من حدوث صدام ونزاعات لا يريد لهذه المشكلة أن تنتهي. الحل هو فرض سيادة القانون، فهناك قانون خاص بحيازة السلاح، من الممكن ان يُطبق، عن طريق طلب الدولة العراقية من المواطنين تسليم سلاحهم، مقابل مبالغ معيّنة، ونعتقد أن الجميع سيتعاون مع الدولة في ذلك، أما الجهات التي ترفض تسليم سلاحها، فيجب ضربها، ومحاسبتها وفق القانون، ويجب أن لا يخضع الأمر للحوارات والمفاوضات».

وكان اللواء “تحسين الخفاجي”، المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، قد قال إن «المتورطين بالقصف لديهم عدة أهداف، وليس فقط استهداف المصالح الأميركية، فالغرض من القصف هو الإساءة إلى العراق وقواته الأمنية أمام المجتمع الدولي، وإرباك الوضع الأمني، وخلق جو من القلق وعدم الاستقرار».

وتوعّد، في مقابلة متلفزة تابعها «الحل نت»، بـ«بملاحقة هؤلاء والإطاحة بهم»، مؤكداً: «نتعامل مع منفذي القصف بوصفهم إرهابيين، لا يختلفون عن تنظيم #داعش، وأعمالهم تتزامن مع زيارة البابا فرنسيس المرتقبة إلى العراق، بهدف التأثير على موعدها، ويحاولون الإشارة، أمام المجتمع الدولي، إلى أن الحكومة العراقية غير قادرة على حماية مواطنيها».

 

مستشار للكاظمي: «القادم أكثر سوءاً»

ماذا عن الفترة المقبلة والتوقعات بشأنها؟ “د. حسين علاوي”، الباحث في الشؤون السياسية والأمنية، والذي يعمل بصفة مستشار لرئيس الوزراء العراقي، يجيب على هذا السؤال بالقول: «أتوقع زيادة الهجمات ضد المصالح الأميركية في العراق بالمرحلة المقبلة».

ويقول، في تصريحات خاصة لـ«الحل نت»، إن «الصراع الإيراني–الأميركي قد يتصاعد، في حال وصول التيار المتشدد إلى السلطة في طهران، بعد الانتخابات الإيرانية المقبلة. ورغم وجود رغبة حالياً بالتهدئة، لكن لا أحد يستطيع ضبط الجماعات المرتبطة بإيران. حكومة الكاظمي ورثت ملف خلايا الكاتيوشا من الحكومة السابقة، ويجب عليها القيام بخطوتين: الأولى أمنية، لتحفيز الجهد الاستخباري، بعد التغييرات الأمنية الأخيرة؛ والثانية عملياتية على الأرض، من خلال ملاحقة المتورطين وضبطهم».

وكان “اسماعيل الوائلي”، الخبير في شؤون الفصائل الشيعية، قد أكد أن «الكاظمي غير قادر على مواجهة الميليشيات، ولو كان يقدر لفعل».

وأوضح في حديث متلفز أن «الميليشيات تغوّلت في عهد حكومة “عادل عبد المهدي”، الذي أدخلها لمكتبه، ولمفاصل الدولة الأمنية، ولو واجهها الكاظمي لانتقمت منه، لأنها أقوى من الدولة حالياً، بل قادرة على إسقاط الحكم في العراق».

 

 «الميليشيات تتسلح بفتوى رجل دين مقيم في إيران»

ورغم الرفض السياسي الشيعي لتكرار عمليات القصف، بوصفها ضرباً لهيبة الدولة وأمنها، عبر تصريحات لمقتدى #الصدر و”هادي العامري”، اللذين أدانا الاستهداف الأخير للمنطقة الخضراء، تُصرّ الميليشيات على استمرار عملياتها، متسلّحة بفتوى رجل دين مقيم في إيران.

ويقول عضو سابق في #الحشد_الشعبي لـ«الحل نت» إن «ما يسمى بـ”فصائل المقاومة” تستخدم فتوى “كاظم الحائري”، رجل الدين العراقي المقيم في إيران، لتبرير عمليات القصف بالكاتيوشا، التي تقول إنها تستهدف القوات الأميركية».

ويوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكره اسمه، خشية الانتقام منه وتصفيته، أن «الفتوى تنصّ على التالي: “يُحرّم إبقاء القوات الأميركية وحلفائها، ولا بُد من العمل الجاد لصون أرضنا، وحفظ حرماتنا، فلا شرعية لهذه القوات على أراضينا، وعلى المسؤولين تبني إلغاء الوجود الأميركي”».

ويكشف العضو السابق في “الحشد” أن «الميلشيات تستخدم سيارات الحشد الشعبي لنقل الصواريخ ما بين أحياء #بغداد، لإن هذه السيارات  تُعتبر تابعة لجهة رسمية، ولا يتم تفتيشها من قبل الحواجز الأمنية، وهذا يُفسّر عدم القدرة على ضبطها»، داعياً الحكومة العراقية إلى «إجراء عمليات تفتيش دورية ومفاجئة لمقار “الحشد”، بين حين وأخر، لضبط تلك الصواريخ».

وتعليقاً على ما قاله المصدر تواصل «الحل نت» مع الجهات الأمنية العراقية، لمعرفة موقفها مما يقال عن استخدام الميلشيات لسيارات الحشد الشعبي في نقل الصواريخ، واستهداف المدنيين والمؤسسات الحكومية، إلا أنه لم يحصل على أي رد، باستثناء عبارة «التحقيقات ما زالت جارية، وسيُعلن عن جميع المتورطين أمام الرأي العام».

هذه العبارة تتطابق مع ما قاله مصطفى الكاظمي، في جلسة مجلس الوزراء العراقي، بتاريخ الثالث والعشرين من شباط/فبراير الماضي: «لن تكون أرض العراق ساحة لتصفية الحسابات، والصواريخ العبثية هي محاولة لإعاقة تقدّم الحكومة وإحراجها، لكن أجهزتنا الأمنية ستصل الى الجناة، وسيتم عرضهم أمام الرأي العام»، وهو كلام، رغم ما يُبدي من قوة، لا يقنع كثيرين في الشارع العراقي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة