“زينب أمجد” و”آيات روثان”، هما من بين عددٍ قليلٍ من النساء اللاتي تجنبن الوظائف المكتبية والتي عادة ما يتم تسليمها لمهندسات البترول في العراق، واخترن بدلاً من ذلك أن يصبحن رواداً في مجال صناعة النفط في البلاد وارتدين القبعات الصلبة لتولي العمل الشاق في مواقع الحفارات.

إنهنّ جزء من جيل جديد من النساء العراقيات الموهوبات اللاتي يختبرن القيود التي تفرضها مجتمعاتهن المحافظة، فتصميمهن على إيجاد وظائف في مجال صناعة يهيمن عليها الرجال عبر التاريخ، هو مثال صارخ على الطريقة التي يجدّ بها الشباب المزدهر نفسه على خلاف مع التقاليد القبلية الراسخة في مناطق قلب النفط جنوبي العراق.

وتقضي كلّ من “زينب” و”آيات”، ساعات طويلة في حقول النفط حيث الطقس لا يرحم. وغالباً ما يتم سؤالهن، بصفتهن نساء، عما يفعلنه هناك.

«يخبرونني أن البيئة الميدانية في موقع العمل لا يمكن أن يتحملها سوى الرجال»، تقول “زينب” التي تقضي عدة أسابيع في كل مرة تعمل فيها في موقع الحفارة. وتضيف: «إذا ما  استسلمت فسوف أثبت لهم أنهم على حق»، بحسب تقريرٍ لـ (AP NEWS).

نظراً للأهمية الكبيرة لصناعة البترول في مجال الاقتصاد، فإن برنامج البتروكيماويات في كلية الهندسة في الدولة مخصصة للطلاب الحاصلين على أعلى الدرجات. وكانت كلتا الشابتين البالغتين من العمر 24 عاماً، من بين الطلاب الذين حصلوا على أعلى الدرجات من بين خريجي دفعة جامعة البصرة للعام 2018.

وخلال مرحلة دراستهم في الكلية، كانتا مندهشتين من الحفر. فبالنسبة لهم، كان الحفر عالماً جديداً، وبمصطلحاتهم الخاصة: كانت كلمة “spudding” تعني بدء عمليات الحفر، و”Christmas tree” كانت تعني قمة رأس البئر وكلمة “dope” فقط تعني الشحوم.

وللحصول على عمل في هذا المجال، أدركت “زينب” التي يعمل والداها طبيبين، أنه يتعين عليها الحصول على وظيفة لدى شركة نفط دولية, وللتمكن من ذلك، كان يتعين عليها التميّز. وقد كان الطريق أمامها مسدوداً في الشركات التي تديرها الدولة، حيث سوف يتم تسليمها عملاً مكتبياً هناك.

«في أوقات الفراغ، في إجازاتي وأيام العطلة، كنت أحجز لأتلقى دورات تدريبية وأشترك في أي برنامج يمكنني الحصول عليه»، تقول “زينب”. وعندما جاءت الشركة الصينية CPECC للبحث عن موظفين جدد، كانت “زينب” الخيار الواضح.

ففي وقتٍ لاحق، عندما كانت شركة Schlumberger، ومقرها تكساس، تبحث عن مهندسين، انتهزت “زينب” الفرصة وتقدمت بطلبها. وكانت الوظيفة تتطلب تحديد مقدار النفط الذي يمكن استخراجه من بئر معين. واجتازت امتحاناً صعباً تلو الآخر للوصول إلى المقابلة النهائية.

«وظّفوني، وشاهدوا». وفي غضون شهرين، استبدلت قبعتها الخضراء الصلبة بقبعة بيضاء لامعة، مما يدل على وضعها كمشرف، ولم تعد متدربة. وهذه مدة أسرع من المعتاد.

كانت ردة فعل الأقارب والأصدقاء وحتى المعلمين محبطة: ماذا عن العمل البدني الشاق؟ حر البصرة الحارق؟ العيش في موقع منصة الحفر لعدة أشهر في كل مرة؟ وعقارب الصحراء التي تجوب الخزانات ليلاً؟

تقول “آيات”: «ضحك أساتذتي وزملائي في كثير من الأحيان مني، حيث قالوا لي: بالتأكيد، سنراك هناك وأخبروني أنني لن أتمكن من تحقيق ذلك، لكن هذا دفعني قدماً». وهي تأمل في المساعدة في إنشاء نقابة لجمع المهندسات العراقيات المتشابهات في التفكير معاً، لكن في الوقت الحالي، لا يوجد شيء.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.