صعود أسعار النفط: لماذا لا تغيّر الحكومة العراقية خططها الاقتصادية مع بدء التعافي المالي في البلاد؟

صعود أسعار النفط: لماذا لا تغيّر الحكومة العراقية خططها الاقتصادية مع بدء التعافي المالي في البلاد؟

عاش العراقُ وضعاً اقتصادياً معقداً، بالتزامن مع ظهور فيروس #كورونا، وتأثيراته على أسعار النفط، التي انخفضت إلى أدنى مستوياتها مطلع العام الماضي.

وبعد بدء حملة التطعيم ضد الوباء، في عدد كبير من دول العالم، بدأت أسعار النفط تسجّل تعافياً كبيراً، فعاد سعر برميل النفط الواحد ليتجاوز السبعين دولاراً، الأمر الذي أدى إلى عودة الانتعاش الاقتصادي، لمعظم البلدان التي تعتمد على النفط.

وفي ظلِّ هذا التحسّن الكبير وارتفاع الأسعار يتوقّع عديدٌ من الخبراء والمختصين انخفاض نسبة العجز المالي في الموازنة العامة للعراق، التي أعدّتها #الحكومة_العراقية بعجز يفوق خمسين مليار دولار.

وكانت الحكومة العراقية قد احتسبت سعر برميل النفط بحوالي اثنين وأربعين دولاراً، لكن الواقع اليوم يشير إلى ضرورة رفع السعر، في ظل الفارق الكبير في الأسعار، الذي يصل إلى ثمانية وعشرين دولاراً.

 

تقليلُ العجزِ

“كوفند شيرواني”، الخبير في مجال النفط، يؤكد أنَّ «ارتفاع سعر النفط، وعبوره حاجز السبعين دولاراً، لم يكن متوقّعاً، وكانت أقصى تحليلات وتوقعات الخبراء والمختصين أنَّه سيصل إلى ستين دولاراً، منتصف العام الحالي».

مبيّناً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «سعر النفط في الموازنة العراقية يجب أن يتم رفعه، فيُحسب بستين دولار، مع المحافظة على فارق بسيط، تحسّباً لتقلبات الأسواق».

وأضاف الخبير العراقي أنّ «الارتفاع الحاصل في سعر النفط سيقلل من نسبة العجز المالي في الموازنة لأكثر من 60%، وهنالك احتمالية لوضع موازنة تكميلية عن قيمة الأرباح المتحققة، بعد منتصف العام».

مؤكداً أنّ «رفع السعر، في الأيام الأخيرة، تأثر بعوامل عديدة، من بينها الضربات، التي تعرّضت لها المنشآت النفطية في المملكة العربية #السعودية. وفي حال نجحت البلدان الكبرى في تطعيم شعوبها باللقاح، وأنهت حالة الإغلاق، فإن السعر سيرتفع مجدداً».

 

مشكلة سعر الدولار

أقدمتْ الحكومة العراقية، في ظل العجز الذي عاشته العام الماضي، على رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي، في خطوة قالتْ إنها «تهدف لإنعاش الصناعة والزراعة العراقية، وكذلك الاستفادة من فارق السعر أمام العملة المحلية، لسد ّالعجز المالي، والتمكّن من دفع رواتب الموظفين».

لكن رفع سعر الدولار كانت له آثاره السلبية على المواطنين، وخاصةً الفقراء وذوي الدخل المحدود، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار المواد المختلفة، الأمر الذي أحدث حالة من التذمّر، والمطالبة بالعودة للسعر القديم.

“ندى شاكر جودت”، عضو لجنة الاقتصاد في #البرلمان_العراقي، أشارت إلى أنّ «رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي، كان بسبب وجود حالة طارئة، نتيجة انخفاض أسعار النفط، وعدم وجود مصادر أخرى، لسد العجز المالي».

وتضيف في تصريحاتها لموقع «الحل نت»: «بعد ارتفاع سعر النفط، وعودته لوضعه الطبيعي، ومع الفارق المالي الكبير من رفع سعر الدولار، الذي استفادت منه الحكومة العراقية، ينبغي العودة للسعر السابق، لانتفاء الحاجة المالية».

موضحةً أنّه «في ظل عدم الاستقرار بأسعار النفط، وخضوعها لتقلبات الأسواق، وعوامل مختلفة، فإنّ الفائض المالي من فارق السعر، يمكن وضعه في موازنة تكميلية، تنعش اقتصاد البلد».

واختتمت حديثها بالقول: «ارتفاع سعر النفط مؤخراً سيُغني الحكومة العراقية عن رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، خصوصاً أن ارتفاع النفط سوف يقلل بشكل كبير من العجز المالي في الموازنة، وأيضا سيجعل الاستقطاعات على رواتب الموظفين غير ضرورية».

 

تلاعب لإرضاء الأحزاب الفاسدة

من جهته يرى الكاتب الصحفي “محمد البغدادي” أنّ «الزيادة الكبيرة في سعر النفط أدت لإضافة أربعة مليارات دولار شهرياً لخزينة العراق، مع العلم أن رفع سعر النفط دولاراً واحداً يعني زيادة مليار دولار سنوياً للموازنة».

لافتاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أنّه «رغم ترجيحات خبراء السوق بأنّ يصبح سعر النفط مئة دولار، مطلع العام المقبل، الإ أنّ الرؤية الحكومية ما تزال متخبّطةً، ولا تعرف إدارة هذا الانتعاش، وعكسه على وضع المواطنين، وخاصة الفقراء والشرائح الاجتماعية الأدنى».

مشيراً إلى أنّ «الحكومة العراقية تحاول اختلاق التبريرات، ولا توجد مكاشفةٌ اقتصاديةٌ وشفافيةٌ ماليةٌ، لمعرفة حجم الإيرادات المتحققة، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، لأنَّ الحكومة العراقية تريد الاستمرار برفع سعر الدولار، الذي يخدم الأحزاب الفاسدة، من خلال محاولة إقناع الشعب بأن البلد يمرّ بأزمة مالية».

واستكمل حديثه بالقول: «الواقع الاقتصادي يشير إلى أن ارتفاع سعر النفط، وأيضاً الإيرادات المالية، المتحققة من المنافذ الحدودية والضرائب وغيرها، ستساهم بتعافي البلاد مالياً، ويجب أن ينعكس هذا التعافي على الموظفين وعموم المواطنين، وعلى سعر الدولار، وإلا فإن المواطن المتضرّر لن يتحمل قرارات التقشّف المُجحفة بحقه».

وكان أكثر من مئة نائب في البرلمان العراقي قد هددوا بعدم التصويت على قانون الموازنة، في حال لم تُرجع الحكومة العراقية الدولار لسعره القديم، وذلك بسبب الضرر الكبير، الذي لِحقَ بالمواطنين، نتيجة ارتفاع الدولار. في وقتٍ يتوقع فيه كثير من المتابعين عودة تظاهرات آلاف من الخريجين وحملة الشهادات، وغيرهم من الشرائح الاجتماعية، التي لم تضمن لها الموازنة تعيينات وتخصيصات مالية، رغم ارتفاع أسعار النفط.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.